مازن عقلان
قصف التحالف المكثف على صنعاء، لا اعتقد أنه نتاج ردة فعل انتقامية على مقتل 45 جندي إماراتي وجنود بحرينيين ويمنيين في مأرب،، ليس لأن التحالف يسير وفق خطوات مدروسة وتكتيك فائق الدقة، فهذا أمر مفروغ منه.
القصف الشديد خلال الساعات الماضية جاء حسب خطة كانت معدة من قبل التحالف لمعركة صنعاء التي كان من المتوقع أن تبدء بقصف جوي مكثف وعنيف لكل مواقع الحوثيين وقوات صالح في صنعاء (وهنا بالامكان القول ان كل ثكنات المليشيا وتمركزاتهم وكذا منازل القيادات الحوثية والموالية لصالح ستعتبر مواقع عسكرية وأهداف معرضة للقصف بالاضافة للأهداف المتحركة مثل الدبابات والدوريات المتحركة حتى لو كانت وسط تجمعات سكانية نظرا للخصوصية التي تتمتع بها معركة صنعاء) وتنتهي الخطة بإجتياح بري "معزز بئمات المدرعات وطائرات الاباتشي" قبل أن تتم السيطرة الكاملة.
هذه الخطة يعتقد مراقبون أن ضغوطات دولية وتحركات مكثفة للدبلوماسية الغربية حالت دون إعلان التحالف لساعة الصفر لتنفيذها بحسب التوقيت الذي تضمنته،، ولكن صاروخ "التوشكا" الذي استهدف تجمعات عسكرية لقوات التحالف في مأرب وأدى إلى مقتل عشرات الجنود الخليجيين واليمنيين وتبنى "تحالف الحوثي وصالح" إطلاقه؛ ساهم كثيرا في تحرير أيادي التحالف من القيود الدولية ووفر لهم طريق معبد بالمبررات من حيث سقط في اللواء 107 مدرع إلى صنعاء، هذه العملية التي لم يحسب المخلوع صالح لمآلات تبنيها وهو المعروف بخبثه ومكره؛ مكنت التحالف من امتلاك زمام الأمور في تحديد ساعة الصفر لإعلان انطلاق معركة صنعاء كما رفعت الحرج عنه وخففت عن التحالف الكلفة السياسية والأخلاقية لمخرجات المعركة النهائية، والتي كانت تمثل أكبر هواجسه.
التحالف خطف اللحظة وتحرك دبلماسيا وسياسيا على مستوى عالي ومكثف، رافق هذا التحرك ماكينة إعلامية صنعت من القوة الصاروخية للحوثي وصالح وسقوط عشرات الجنود بصاروخ التوشكا؛ مظلومية حقيقية، وخطر مفزع، يهدد الأمن الإقليمي وينبغي على الجميع أن يخرس تماما في ظل استمرار التعامل معه وتخليص اليمن والمنطقة من نزقه، بالتوازي جرى تحرك عسكري متسارع على الأرض ولعل أبرز ملامحه وصول 1000 جندي من القوات السعودية إلى مأرب، ولا يستبعد أن التحالف بالفعل قد حدد ساعة الصفر لمعركة صنعاء قبل أن تجف دماء الجنود على رمال مأرب.. وما تشهده صنعاء من قصف مكثف هو عبارة عن تمهيد لخوض تلك المعركة، وليس كما اعتقد البعض أنها ردة فعل انتقامية ستكون نتائجها عبثية ومدنيين بالعشرات.
إذا بامكاننا الجزم الأن أن "القصف من علامات ساعة الصفر" وأنه عبارة عن عملية "تحمية" لخوض ما يسميها كثيرين ب"أم المعارك" نظرا لضراوة التحام الطرفين فيها وكذلك بسبب ما ستخلفه من دمار وخراب _لن يقل عن تركة الحرب في تعز وعدن وأبين والبيضاء مجتمعه_ إذا ما ركب الحوثيين رؤوسهم وأصروا بغباء مفرط على خوض معركة صنعاء دون الاستسلام، وتسليم العاصمة لاجتياح أبيض والانسحاب بهدؤ، كما فعل خصومهم من مقاتلي الاصطفاف الشعبي في مثل هذا الشهر من العام الماضي للحفاظ على صنعاء دون خراب. وهنا نخلص إلى أن الكرة لاتزال في ملعب الحوثيين وحليفهم صالح لتجنيب عاصمة اليمنيين كارثة حقيقية تنتظرها فيما لو دارت المعركة في شوارعها وأزقتها.