خليل كلفت
أربك تدخل «التحالف العربى» بقيادة السعودية كثيرا من الناس، وقد تُساعد أسئلة وأجوبة موجزة على عدم إهمال أىّ نقطة مهمة قد يهملها عدم الإيجاز.
س: ما هو الحدث اليمنى الداخلى الذى دعا إلى التدخُّل؟
ج: قامت حركة أنصار الله الحوثية منطلقة من صعدة، التى ظلت تعانى التهميش والحرمان مثل باقى المحافظات، بغزو صنعاء ثم باقى المحافظات، بزعم إعادة الثورة اليمنية إلى الطريق الصحيح.
س: هذا ما بدا على السطح، فهل كان هناك شيء ما يختفى تحت السطح؟
ج: فى البداية بدا أن ما يختفى تحت السطح هو الاستخدام الإيرانى للحوثيين لمصلحة توسيع نفوذ إيران والإسلام السياسى الشيعى، وكان من الواضح وجود ارتباط بين الحوثيين و عبد الله صالح فى غزو مشترك مع إنكار متواصل من الحوثيين لهذه الصلة.
س: فكيف نفسر هذه الصلة بين الحوثيين وعبد الله صالح، الذى حاربهم من قبل؟
ج: إذا سلّمنا بأن الحوثيين مهمشون ومضطهدون مثل غيرهم، على كل حال، يمكن أن نفهم استعدادهم لمحاربة الحكومة المركزية مستقلِّين أو متحالفين مع غيرهم.
س: ولكنْ هل من حقهم دَفْع التهميش بغزو باقى البلاد؟
ج: بالطبع لا، ولا يوجد حل مقبول للتهميش سوى النضال السياسى بكل وسائله.
س: ولكنْ لماذا يُحارب عبد الله صالح الآن؟ ولماذا يتحالف مع الحوثيين؟
ج: عبد الله صالح خلعته الثورة اليمنية، بعد حكمه 34 سنة، وحوَّل اليمن إلى عزبة خاصة، وعمل على الاستمرار فى الحكم أو توريثه لنجله، فأشعل حربه ضد الشعب الذى خلعه فى ثورته لاستعادة حكمه، وتحالَف مع الحوثيين كغطاء لإخفاء مؤامرته لفترة، وكقوة مُضافة.
س: كيف نصنِّف موقف عبد الله صالح وحربه ضد الشعب لاستعادة نظامه؟
ج: تصنيف الحرب التى يشنها رئيسٌ مخلوع هو أنها الثورة المضادة ضد أوضاع من تداعيات الثورة.
س: فكيف تكون ثورةً مضادةً مع أن مَنْ يحكم الآن ليس الثورة المهزومة بل أحد امتدادات الثورة المضادة؟.
ج: المهم هو أن عبدالله صالح يحارب لاستعادة حكمه.ولو نجح فى استعادة حكمه فإنه سيسلِّط حربًا شعواء على الشعب الذى ثار ضده لتجريده من كل قدرة على التمرد.
س: مغامرة غير محسوبة؟
ج: طبعا، وكانت الحسابات خاطئة تماما لأن المخلوع جرفته حماقة القوة بحكم سيطرته على الجيش والأمن ولتمتُّعه بدعم قَبَلِىّ، وليقينه بأن هذه هى فرصته الأخيرة للعودة.
س: والحوثى؟
ج: كانت حساباته خاطئة كذلك إذْ انطلق من ثقةٍ بقوة المخلوع، والحلم بجوائز تحالفه معه فى حالة انتصاره، وبموقفٍ داعمٍ من إيران.
س: وغزو عدن والجنوب؟
ج: كان هذا أكبر خطأ فى الحسابات، نظرا لأن عدن الأكثر تقدُّمًا من الشمال ظلت تعمل، منذ هزيمتها على يد المخلوع فى التسعينيات، على التخلُّص من سيطرة الشمال، وكان من المتوقع بالتالى أنْ تُحارب عدن بعزيمة جبارة وبمنتهى الصلابة.
س: وهل يَحِقُّ للتحالف التدخُّل باسم الدفاع عن الشرعية؟
ج: لم يكن تدخُّل التحالُف للدفاع عن الشرعية بل كان للدفاع عن مصلحة دُوَلِه، وبالأخص مصلحة السعودية ومصر. والتدخل ضرورى فى حالات معينة، وعندما كان بول بوت يدفن الفلاحين فى كمبوديا فى سبيل تطبيق نظام المزارع الجماعية تدخلت ?يتنام عسكريا، وتدخلت أمريكا ضد هتلر مع أنه لم يمسَّها، ولماذا نذهب بعيدا؟ فلولا تدخُّل أمريكا لسقطت بغداد فى يد داعش، لتنطلق إلى »فتح«باقى البلدان.
س: ولكنْ كيف تتدخل »مصر الحضارة« تحت قيادة السعودية؟
ج: كيف نستحسن تدخل أمريكا فى العراق وسوريا، ونرفض تدخُّلًا عربيًّا ضروريًّا فى اليمن؟ فهل السعودية أسوأ من أمريكا؟
س: وما مصلحة مصر فى التدخُّل؟
ج: لو لم يكن هناك تحالُف لكان على مصر أن تتدخل وحدها فى اليمن؟ لماذا؟ لأن اليمن، بحكم موقعها الجغرافى عند باب المندب، البوابة الكبرى لنصيبنا من التجارة العالمية، تمثل البلد الأهم إستراتيچيًّا لمصر، لأن احتلالَها يؤدى إلى خنق مصر، من خلال ضرب قناة السويس وقطع دخلها الريعىّ.
س: ولكنْ أليس هذا التدخل المصرى فى اليمن تكرارا لمغامرة عبد الناصر فى اليمن فى الستينيات؟
ج: طبعا لا، فالتدخل الحالى محدود جدا، ومحسوب جدا، ويتمّ بالتحالف مع بلدان أخرى يقوم بلدٌ منها بالدور الأكبر فى هذه الحرب.
س: وماذا نقول عن جماعة إرهابية ما تظهر فتُلْحِق كل هذا الدمار الشامل بشعوب منطقتنا؟
ج: معنى هذا أن دول المنطقة تسببت بإفقارها المادى والروحى للشعوب فى ظهور الجماعات الأصولية الإرهابية، وأن هذه الدول بالغة الهشاشة.
س: وهل كان هناك ما يبرِّر التدخل فى اليمن قبل هذه الحرب الأهلية؟
ج: طبعا! لأن الصوملة الجارية لليمن تنطوى على »نفس« الخطر المُحْدِق على شعوبنا!
نقلا عن الأهرام