محمود الحافظي
لصالح الضالع أكتب هنا، لإعادة الاعتبار لها كونها صاحبة اليد الطولى في الفعل الحقيقي والجذري في اليمن منذ سنين، ومع ذلك لم تأخذ حقها من الواجهة.. لا واجهة كتابات الكتاب، ولا واجهة اهتمام الساسة، ولا واجهة استقراء المهتمين، ولا غيرها!! مع أن ما تحققه الضالع على الواقع جدير بألا ينسى، وأن يصبح محلا للإعجاب ومن قبله الفهم للمتغيرات التي تحظى بها مدينة كالضالع تصنع ما ينبغي بتفرد وإصرار عجيبين وبعيدا عن ضوضاء الإعلام وضجيجه!
في انتخابات 2006م كانت الضالع هي المحافظة الوحيدة التي وضعت صوتها لصالح الرئيس "الذي لا يلبس الكاكي" المهندس فيصل بن شملان! فعليا كان علينا اعتبار محافظة الضالع إحدى المدن القليلة التي أقامت ربيعها العربي قبل موعد الربيع العربي بسنوات كاملة! ومع هذا لم تأخذ الضالع من انتباهنا ما يوازي تمردها الواضح! وفي انتخابات المجالس المحلية وجهت الضالع صفعتها الأخرى للنظام الحاكم وأسقطته تماما لتحكم من قبل المعارضة محليا وبشكل مختلف عن بقية المحافظات، وليس من المبالغة الإشارة إلى كون مجلسها المحلي من أنجح المجالس في اليمن!
بدأت اليمن قصة ثورتها الفبرايرية بالشهداء يتساقطون إلى الأعلى تحت رصاص أبناء محافظتهم.. الضالع كانت مختلفة هذه المرة.. كعادتها لم توجه رصاصها تجاه أبنائها الثائرين.. غضت طرف بنادقها، وتركت شبابها يمارس طقوس تمرده ضد المسخ بكل سلامة، لم تظهر فيها عاهة ك"البركاني" أو "الراعي" أو "الكحلاني" أو غيرهم.. تتقن الضالع أن تقاتل في سبيل الحرية، لكنها لا تعرف كيف تقتل الأحرار! يمشي الضالعي على أرضه وهو يوقن أن "الضالع أرض يحبها وتحبه"!!
حين سقطت اليمن في "أخدودها" الجديد الذي أعدته مليشيا الحوثي، كان علينا أن نبحث عن الضالع قبل غيرها.. كالعادة أغفلناها، ولكنها ككل الكبار كانت أول المحافظات تحررا من مليشيا اللادولة لصالح الدولة التي انتخبها الشعب كيفما كانت، وتحررت بسرعة وحسم مدهشين وبلا تراجع رغم كل المحاولات.. والأهم بدعم لا يكاد يذكر مقارنة ببقية المحافظات!! سيدة المدن اليمنية تتصرف بشكل مختلف كعادة الكبار.. وتهب كل متحرر في الأرض اليمنية الكثير من الاحساس بالفخار والأصالة والانتماء.. وترمم في داخل كل يمني معنى أن تقاوم ديموقراطيا.. وأن تثور سليما.. وأن تحارب في ظلال الشرعية بكل ما في الحق من إقدام ووضوح..
علينا في ظل هذا الوضع غير المسبوق أن نغير من تموضعات عقولنا التي استمدتها من التاريخ ثم لم تحدّثها بما تمليه عليها الحقائق والأحداث على الأرض!! وإحدى هذه النظرات التي لابد من تغييرها داخليا هي محورية صنعاء و تعز و عدن وغيرها كمراكز مقدسة وهلم جرّا! حتى في استقرائنا العادي نحن نخضع للتاريخ بشكل غير مفهوم، وهذا على حساب العلمية ومقاربة الحقيقة! لا أحد فكر بإعادة توزيع المركزية بناء على معطيات فعلية ومؤشرات موضوعية، وغدت مركزية هذه المدن إحدى عقائدنا المتروكة بعيدة عن النقد وبالتالي عن الموضوعية/ الحقيقة.
تباركت يا محافظة الضالع يوم انتخبت، ويوم ثرت، ويوم تحررت، وكل ما سيكون لك مع "الجدب العقيم محاولات واختبار"، وكل ما ستعيدين "صناعة أشعة شمس الضحى"، وتعليم الأرض "فن الدوران".
وكل ضالع وأنتم بحرية
من صفحة الكاتب على "فيس بوك"