د. محمد الحاوري
هناك خمس ملاحظات في غاية الاهمية على قرار تحرير اسعار المشتقات النفطية والسماح للقطاع الخاص بالاستيراد يتحدد على ضوئها مدى صوابيه القرار من عدمه وخاصة في مثل هذا النوع من الموضوعات الاستراتيجية شديدة الحساسية والتي ترتبط بحياة الناس ومعيشتهم ومستقبل بعض القطاعات الاقتصادية. الاولى البدائل التعويضية للناس الذين سيتضررون من هذا القرار ومعروف ان كل السكان سيتضرر من هذا القرار وان بدرجات متفاوتة ,ولعل اكثر القطاعات تضررا هي قطاع النقل والمواصلات والزراعة والغذاء والمزارعين حيث سترتفع اسعار هذه الخدمات والسلع وقد تزيد بنسب تصل الى 50%. وسينزلق نتيجة لذلك نسبة من اصحاب الدخول المتدنية والثابتة ( موظفي الدولة والقطاع الخاص الهامشي) الى دائرة الفقر. الثانية ان يكون معروف ومحسوب مسبقا حجم الوفر الذي سيحققه هذا القرار على خزينة الدولة وكيفية انفاق هذا الدخل على وجه التحديد وفي مشاريع ومجالات ذات نفع لشرائح واسعة من السكان . الثالثة. ترتيبات المتابعة والمراقبة للسوق ووجود اليات كفؤه لمعرفة مدى انضباط المحطات والموردين في كافة المناطق وهو امر في غاية الصعوبة ،كما انه في ظل هذا الوضع ستتحرك الاسعار الى اعلى حتى لو انخفضت في السوق العالمي . الرابعة التدرج واختيار الوقت المناسب ،اذ ان التحرير الكامل او ما يسمى بنظام الصدمة الواحدة كثيرا ما يسبب ردود افعال عنيفة من المجتمع كما حدث في مرات سابقة اخرها في مطلع 2014 والتي استغلت سياسيا وكانت سببا رئيسيا فيما وصلنا اليه ( وبالمناسبة كنت من اشد المعارضين لتلك الجرعة القاتلة واختلفت وقتها مع وزير المالية ). كما ان السماح للقطاع الخاص بالاستيراد قد يكون مقبولا لتغطية احتياجاته الاستهلاكية من المشتقات فقط وليس للتجارة والتسويق لان القطاع الخاص يفتقر كلية الى وجود البنية التحتية وسيمارس احتكاره لهذه المادة على المواطن البسيط ويبيعها بأسعار تفوق الاسعار السائدة. والخامسة ان للدولة وظيفة اجتماعية وهذا تنصل عن وظيفتها الاجتماعية والاقتصادية في دعم الفقراء والقطاعات التي ترتبط بحياة ملايين السكان والمزارعين . وعلى وجه الاجمال فان قرارا كهذا لابد ان يأخذ حقه من الدراسة والتاني ووفق رؤيه مسبقا كما يجب ان تصنعه وتتحمل مسؤوليته مؤسسات معنية ابرزها المالية والتخطيط والصناعة ومجلس الوزراء ومؤسسة الرئاسة .ويبدو ( وليس لدي معلومات عن خلفية هذا القرار) ان هذه الحيثيات التي اشرنا اليها قد غابت في هذا القرار. وبالتالي فان المتضرر الاكبر هو المواطن وسيتجرع نتائج هذا القرار وستكون اسعار هذه المشتقات في الغالب اعلى من السعر الدولي.
* وكيل وزارة التخطيط