علي محسن حميد
يعيش اليمن واليمنيون أوضاعا لم تكن فى حسبانهم منذ بداية «عاصفة الحزم» في 26 مارس 2015 المستمرة حتى كتابة هذه السطور. اليمنيون لم يمثلوا تهديدا لجار أو لشقيق أو فكروا بالإضرار بالمصالح الوطنية الحيوية للغير ويرون أنفسهم فى حالة التحام سرمدى مع مصالح أشقائهم ولم يفكروا بالتحالف مع غريب ضد أى دولة شقيقة.
حاربوا فى فلسطين عام 1948 وشاركوا فى الدفاع عن الأمة العربية فى صراعها الوجودى مع إسرائيل وأرجو ألا يسخر أحد من الكلمات الأخيرة لأن إسرائيل تستخدمهاحتى اليوم. نتج عن هذه العاصفة حصار شامل يقلل بالتدريج من فرص بقاء اليمنيين على قيد الحياة ناهيكم عما تحدثه من دمار شامل وهى ليست من صنعهم ولا ناقة لهمفيها ولا جمل.
إن من آثار العاصفة الجانبية منعهم مؤقتا من دخول مصر إلا بتأشيرة توافق عليها السلطات المختصة وهو ما أضاف إلى معاناة من يستطيع الإفلات من جحيم الحرب و القدوم إلى مصر للإقامة أو للعلاج أو لمواصلة التعليم.
مصر بالنسبة لليمنيين كنانتهم فقد استقبلت طلابهم فى أزهرها الشريف قبل قرن واستضافت أحرارهم المطالبين بالتغيير فى أربعينيات وخمسينيات وستينيات القرن الماضى وذهبت بجنودها وأساتذتها وأطبائها وخبرائها عام 1962 لدعم شرعية الثورة والتغيير. مصر تستضيف عشرة آلاف طالب يمنى فى مختلف التخصصات العلمية ويؤمها آلاف المواطنين شهريا للعلاج ويقيم فيها آلاف المواطنين وهى وطن لايشعرون فيه بالغربة أو التمييز ويأتون إليها بملابسهم الوطنية وكأنهم ينتقلون إلى مدنهم وقراهم. اليوم يعانى المواطن اليمني كارثة الحربين الخارجية والداخلية بآثارهما التدميرية المهلكة للإنسان والموارد والمقدرات.
الآلاف من اليمنيين يريدون مغادرة اليمن إلى مصر هربا من جحيم القصفين الخارجى والداخلى ولكن دون ذلك صعوبات جمة بفعل الحصار الجوى والبحرى والبرى الشامل والسيطرة الخارجية التى لا تستند على شرعية دولية على الأجواء الوطنية اليمنية وعلى المنافذ البحرية. هذا الحصار يكاد يفتك بحياة المواطنين الذين يعتمدون، كجيرانهم، علىالاستيراد، غذاء ودواء ووسائل حياة الخ..
إن للحروب قوانين واجبة المراعاة وخاصة بين الأشقاء لكي يبقى الإنسان الذى كرمه ديننا الإسلامى الحنيف وأعلى من قيمته على قيد الحياة ومنها حقوق الإنسان التي لا يمكن إنكارها حتى فى أوقات الحرب.
لقد عرفت شعوب كثيرة الحصار والعقوبات لكننا فى اليمن لا نخضع لأى عقوبة دولية صدر بها قرار من مجلس الأمن. هذا الحصار الخانق تحذر من نتائجه الكارثية يومياالأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية الدولية غير العربية والإسلامية.مصر الكنانةوالعروبة والشقيقة الكبرى لا ينسى اليمنيون فضلها وأياديها البيضاء عليهم وخاصة فى ستينيات القرن الماضى عندما وقفت بشجاعة وكرم وبطولة إلى جانب ثورتيهم فى الشمال وفى الجنوب إلى أن انتصرتا ببقاء الجمهورية فى الشمال وبطرد الاستعمار البريطانى من الجنوب.
سيادة الرئيس، لمصر الحق فى أن تقلق من تعرضها لمخاطر أمنية بسبب حربى اليمن الخارجية والداخلية اللتين تنتهكان مصلحة اليمنيين فى السلام والتعايش والوحدة وتلحقان بها مخاطر لأحد لها. إن ضررا وحيدا لحق بمصر عندما آوى على عبدالله صالح سيئ الذكر الذى ثار عليه الشعب عام 2011 وقيادات قبلية وإسلامية معروفة عناصر مصرية فارة من العدالة للمساومة عليها مع نظام ما قبل 25 يناير لقمع أنشطة العناصر الجنوبية التى شردها صالح عقب حربه الغادرة على الجنوب عام 1994.
الآن يتطلع الآلاف من اليمنيين إلى مصر هروبا من الحرب أو لمواصلة التعليم أو للعلاج ولكن أوصدت أمامهم أبواب كانت مفتوحة لعشرات السنين مهما كانت الأحوال الداخلية فى البلدين. إنى أناشد الرئيس عبد الفتاح السيسى أن يعمل على تحقيق أكبر هدف لليمنيين وهو تحقيق السلام فى اليمن وأن يوجه السلطات المختصة بإلغاء تأشيرات الدخول والموافقة الأمنية عليها والسماح لليمنيين بدخول بلدهم مصر آمنين لأنهم ليسوا خطرا على أمنها القومي بأى صورة من الصور.. هؤلاء يا سيادة الرئيس هم مواطنو نظام تدعمون شرعيته وجلهم معكم فى هذا المسار
صحيفة الأهرام المصرية