محمد صالح المسفر
استبشرنا خيراً بمعركة "عاصفة الحزم"، وقلنا إنها نقطة البداية لانطلاق قوة عربية، يقودها شباب مخلصون لأمتهم العربية الإسلامية، وقلنا إن المملكة العربية السعودية بقيادة الملك سلمان بن عبد العزيز، ومن حوله ثلة من الشباب الأوفياء من أحفاد الملك عبد العزيز، يعينهم في ذلك إخوة لهم قادة مجلس التعاون الخليجي، قد أخذوا زمام المبادرة لإعادة الكرامة إلى أمتنا العربية، بعد أن مزّقتها الفتن والفرقة والحروب، واستهزأ بها من كنا نظنهم أصدقاء، أعنّاهم في كل حروبهم، حتى على دول عربية، ومن المؤسف أن قادتنا الميامين كانوا على ثقة بأن لهم أصدقاء أقوياء سيقفون معهم في الأزمات، وخابت ظنونهم.
(2)
طالت الحرب في اليمن، وأظنها ستطول، ما لم تسارع "قيادة التحالف" إلى إنجاز المهمة العسكرية، ولا تحتاج المملكة قائدة "عاصفة الحزم" أكثر من إعطاء القيادات العسكرية اليمنية أدواراً، وبعضها موجود في الرياض وآخرون في الدوحة وغيرهما في الداخل. لكني أقول إن القيادة العسكرية الفاعلة القادرة على قيادة العمليات في الداخل اليمني وتوحيد المقاومة الشعبية والقبلية كلهم في الرياض، متعطشون لإعطائهم الفرصة للمشاركة في العمليات الحربية الميدانية، لتخليص اليمن الشقيق من تدهور الأوضاع.
ذكرت، في مقالتي الأسبوع الماضي في "العربي الجديد"، أسماء نخبة من جنرالات الجيش اليمني الرافضين انقلاب الحوثيين وعلي عبد الله صالح على الشرعية، وكتبت أن مثل هؤلاء حري بهم أن يكونوا في ميدان المعركة، لا في قصور الضيافة، فأهل مكة أدرى بشعابها.
(3)
صحيح أن القبيلة اليمنية محاربة، وأن هناك تركيزاً على دور القبائل في الحرب الدائرة هناك، لكن حرب القبيلة لن تحقق نصراً عسكرياً على "قوات مدربة تدريباً جيداً على حرب العصابات"، وهذه القوات (الحوثية) تدربت في العراق ولبنان، وخاضت معارك ميدانية فعلية هناك، وتدرب بعضها على يد الحرس الثوري الإيراني، فالقبيلة إن لم يكن لها قائد عسكري عارف بفنون القتال والقدرة على المناورة، لن تحقق نصراً. ومن هنا، الحاجة ملحة إلى تعيين قادة عسكريين لقيادة القوات القبلية، لأنهم أعرف بفنون القتال، وخصوصاً حرب العصابات، فالحرب القبلية لن تجدي نفعاً، ما لم تكن تحت قيادة عسكرية صلبة.
"سارعوا، يا قادتنا الميامين، في إنجاز عمل عسكري على الأرض في اليمن، قبل فوات الأوان"
(4)
كثرت الخروق على الحدود السعودية اليمنية، واستطاعت قوى الحوثي والحرس الجمهوري الوصول إلى قرى سعودية حدودية، كما قال الناطق العسكري السعودي، وحققت إنجازاً معنوياً لجماهيرها ومؤيديها، وليس استراتيجياً، واستطاعت مدافع الهاون الحوثية وبعض قطع الكاتيوشا استهداف مدينة نجران، ونعرف أن طبيعة الحدود الجبلية بين الدولتين تتيح لحرب العصابات، وليس الجيوش، فرص تحقيق خروق حدودية خطيرة، فترات قصيرة، بهدف الإرباك وتشتيت قدرات الجيش السعودي على الحدود. ومن هنا، أؤكد الدعوة إلى إشراك القيادات العسكرية اليمنية الموجودة في بعض العواصم الخليجية، ولها خبرة في معارك ميدانية مع الحوثيين في صعدة ومحيطها، وعلى الحدود السعودية اليمنية، وسيكونون أقدر على حسم المعركة.
تم إنجاز مهمة طيران الـ (إف 16) وغيرها في تدمير الأسلحة الاستراتيجية بعيدة المدى، وتم تحييد الطيران اليمني، وجاء دور استخدام طائرات أباتشي التابعة لدول التحالف وغيرها في استهداف الدبابات والأسلحة الثقيلة في الجبهات الجنوبية والجبهات في وسط اليمن.
(5)
تقود أميركا إلى تدويل الحرب اليمنية، مبتدئة بالعمل الجاد لإشراك إيران في تقرير مصير اليمنيين، وهذا المندوب السامي للأمم المتحدة، ولد الشيخ، في طهران، يتفاوض على تقرير مصير اليمن، وهذه إيران بدأت خلاياها النائمة في الجبهة الشرقية للمملكة بالعمل الفعلي، وكان فاتحته تفجيرات مسجد علي بن أبي طالب في القطيف، وأخشى أن تتطور تلك الأعمال لا سمح الله.
في الجانب الآخر، تتناول القيادات العربية والدولية الشأن اليمني بأنه لا حل عسكرياً على الأرض، وأن على جميع الأطراف اللجوء للحلول السياسية. إنها كلمة حق، ولكن بعد أن تحقق قوى التحالف إنجازات جوهرية على الأرض. إن القبول اليوم بالحلول السياسية التي لا تجبر الحوثي وصالح بالانسحاب من كل المناطق التي يسيطرون عليها وتسليم سلاح الحوثي الى معسكرات الجيش اليمني، فذلك سيؤدي إلى كوارث سياسية في المنطقة لا تحمد عقباها.
يؤسفني جدا القول، وأرجو أن يؤخذ قولي بحسن النية، إنه إذا قبل قادة عاصفة الحزم التفاوض مع الأطراف إياها، وإيران، قبل تحقيق أهداف جوهرية على الأرض، فذلك نذير شؤم على الخليج والجزيرة العربية، وعلى هيبة القيادة السعودية الشابة التي استطاعت أن توحد الأمة، بقرارها الجريء في بدء عمليات عاصفة الحزم.
آخر القول: سارعوا، يا قادتنا الميامين، في إنجاز عمل عسكري على الأرض في اليمن، قبل فوات الأوان.