2025/05/19
مايو حلم يتعثر على أعتاب التحديات والانقسامات

أيام معدودة تفصلنا عن 22 مايو، تحل ذكرى عزيزة نقشت في تاريخ اليمن الحديث بمداد الإرادة الصلبة التي جمعت شطري وطن طالما اشتاق إلى معانقة الوحدة.

إنه يوم استشعر فيه اليمنيون نشوة الانتماء إلى كيان واحد، يوم رفرفت فيه أعلام الوحدة خفاقة في سماء موحدة، وتطلعت فيه القلوب إلى مستقبل يزدهر تحت سماء يمنية واحدة. لكن، وبينما تستحضر الذاكرة بفخر إنجاز الوحدة في الثاني والعشرين من مايو قبل خمسة وثلاثين عامًا، يمر هذا العيد اليوم على يمنٍ يئن تحت وطأة الجراح، يمزقه لهيب الصراعات، وتتهدده مشاريع التقسيم التي تطل برأسها، وفي مقدمتها مليشيا الحوثي الإرهابية.

مايو... عشق أبدي في قلوب اليمنيين

يأتي مايو إلينا بخطى واثقة، يحمل في طياته عبق الماضي العريق وطموحات المستقبل المشرق. ورغم العثرات التي تعترض طريقنا، ورغم النوايا الخبيثة التي تحاول المساس بهذا العيد الغالي وبوحدة اليمن، يبقى عيد الوحدة شامخًا كالجبال الرواسي، عصيًا على الانكسار. يردد كل يمني أصيل بلسان الفخر: "لن تنالوا مني، فوحدتي أكبر وأعمق من تصوراتكم الهزيلة، وسأعود كل عام بحلة جديدة، وسأتكرر في ذاكرة الأجيال ما دام هناك شعب يعشق الوحدة والترابط والإخاء."

حلم الوحدة... يواجه رياح التغيير العاتية

لكن مايو هذا العام يحل بنكهة مختلفة، ممزوجة بمرارة الواقع وضرورة استخلاص العبر من الماضي. فبدلًا من الاحتفاء بإنجاز تاريخي عظيم، نواجه خطرًا وجوديًا يهدد كيان الدولة. لم يعد التهديد اليوم مقتصرًا على مجرد إمكانية عودة الشطرين إلى ما كانا عليه قبل الوحدة، بل باتت بلادنا تواجه خطر التفتت إلى كيانات متصارعة، تفقد معها هويتها الجامعة ومقدراتها الوطنية. اليمنيون الذين عاصروا نشوة الوحدة يدركون تمام الإدراك قيمتها وأهميتها، ويتجرعون اليوم مرارة التهديد الذي يحدق بها، خاصة مع استمرار عبث مليشيا الحوثي الإرهابية، التي تسعى بكل قوتها لفرض مشروعها الانقلابي بقوة السلاح وتقويض أسس الدولة اليمنية وهويتها الوطنية الجامعة.

إرادة الشعب... صخرة تتحطم عليها المؤامرات

ورغم كل التحديات والانتكاسات التي عصفت بالبلاد، لا تزال جذوة الأمل متقدة في قلب كل يمني أصيل، وشوق دفين إلى استعادة تلك اللحظة التاريخية الخالدة. الوحدة ليست مجرد ذكرى عابرة تُستحضر في المناسبات، بل هي حلم يتجدد في نفوس الأجيال المتعاقبة، وإرادة صلبة لمواجهة قوى التمزق والفرقة التي تسعى لتمزيق النسيج الاجتماعي والوطني. إن إرادة الشعب اليمني العظيم، الذي عرف عبر تاريخه الطويل كيف يتجاوز المحن ويصمد في وجه أعاصير التحديات، ستبقى أقوى وأصلب من كل المؤامرات التي تحاك في الخفاء. اليمن أغلى من أن يُترك ليعبث به العابثون، ووحدته أسمى وأجل من أن تُدنسها أيديولوجيات دخيلة وأجندات خارجية لا تخدم مصلحة الوطن.

مايو... نداء للتوحيد واستعادة الدولة المختطفة

يجب أن تكون ذكرى الوحدة هذا العام وقودًا يدفع اليمنيين الشرفاء إلى توحيد صفوفهم ورصّ كلمتهم في وجه مشروع مليشيا الحوثي التدميري الذي يهدد بتقويض كل ما بناه الأجداد. يجب أن تكون هذه الذكرى حافزًا قويًا لاستعادة الدولة ومؤسساتها الشرعية، وفرض الأمن والاستقرار في كل شبر من أرض اليمن الطيبة، بما في ذلك العاصمة صنعاء التي تختطفها المليشيا وتحاول فرض رؤيتها القاتمة عليها.

اليمن... أمانة في أعناق الأجيال

اليمن اليوم بأمس الحاجة إلى تضافر جهود أبنائه المخلصين، الذين يؤمنون بوحدته أرضًا وشعبًا ومصيرًا مشتركًا. الوحدة ليست مجرد شعار يُرفع في المناسبات الوطنية، بل هي مسؤولية تاريخية تقع على عاتق كل يمني حر، يدعوه واجبه الوطني إلى العمل بجد وإخلاص من أجل تحقيقها واقعًا ملموسًا يعيشه الجميع. فلنجعل من ذكرى الوحدة هذا العام، انطلاقة جديدة نحو بناء يمن موحد، آمن، مزدهر، يستعيد مكانته اللائقة بين الأمم. لنستلهم العبر من إرادة الآباء المؤسسين، وروح المسؤولية والشجاعة والحكمة في مواجهة التحديات الراهنة، ولنعيد كتابة مستقبل اليمن بأيدي أبنائه الأوفياء. الوحدة هي خيارنا الاستراتيجي، وسبيلنا الوحيد نحو استعادة اليمن وعزته وكرامته.

تم طباعة هذه الخبر من موقع مندب برس https://mandabpress.info - رابط الخبر: https://mandabpress.info/news69739.html