تواجه عملية نقل بنوك يمنية من صنعاء التي يسيطر عليها الحوثيون إلى عدن العاصمة المؤقتة للحكومة المعترف بها دولياً، صعوبات وتحديات عديدة.
مصادر مسؤولة في بعض البنوك أفادت لـ"العربي الجديد"، بأنها لا تزال في مرحلة دراسة الوضع قبل اتخاذ القرار النهائي للنقل؛ في حين أكد آخرون أنهم قرروا خوض تجربة النقل مع تقييم الوضع والوقوف على المخاطر والتحديات التي قد تعترضها، فيما تشير مصادر مصرفية إلى أن جمعية الصرافين في صنعاء أبلغت شبكات التحويلات المالية التابعة لبعض البنوك الخاصة أنها تلقت توجيهات من البنك المركزي في صنعاء بوقف التعامل معها.
وأعلن البنك المركزي اليمني في عدن، خلال شهر مارس/آذار الماضي أسماء ثمانية بنوك قررت نقل مراكزها وأعمالها من صنعاء إلى عدن.
رئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي (منظمة أهلية يمنية) مصطفى نصر يقول في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن عملية نقل البنوك اتجاه إجباري فليس هناك أي خيار آخر أمامها، وذلك بالرغم من كل التحديات، موضحا أن "البنوك غير مستعدة أن تقع تحت طائلة العقوبات التي قد تطاولها، فهناك صعوبة بالغة في أن يستمر أي بنك بالعمل بعد وقوعه تحت طائلة العقوبات الدولية ولن يغامر أي أحد في ظل هذا الوضع، وهناك تجربة ماثلة للعيان في بنك اليمن والكويت الاستثماري الذي أدت العقوبات المفروضة عليه إلى تجميد وإيقاف الأموال والتحويلات من الخارج إليه".
كانت وزارة الخزانة الأميركية قد فرضت مطلع العام الحالي عقوبات على بنك اليمن والكويت الاستثماري بتهمة تقديم دعم مالي للحوثيين حيث يعتبر أول بنك تجاري تطاوله عقوبات أميركية، لكن لم يلاحظ أي تأثير لهذه العقوبات على البنك. بالنسبة للتحديات والصعوبات، يرى نصر أن البنك المركزي في عدن أبدى استعداده لتسهيل عملية النقل وأن هناك تعاونا سابقا بين البنوك والبنك المركزي الذي سيقوم بكل الإجراءات مثل العلاقات الدولية و"السويفت"، لكن بالإجمال هناك تحديات أخرى عديدة كما يتحدث رئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي تتعلق بالجانب الأمني وموضوع استقرار العملة وغيرها من التحديات الأخرى التي بلا شك موجودة. الجدير بالذكر، أن نقل إدارة عمليات أحد البنوك الحكومية "كاك بنك" قبل نحو ثلاثة أعوام إلى شبه انفصال إدارة عمليات البنك وتشطيرها بين سلطتي الطرفين؛ الحكومة اليمنية والحوثيين.
وتعاني البنوك والمصارف العاملة في صنعاء منذ أكثر من عام؛ من أزمة خانقة في السيولة تهدد بقاءها حيث لم تظهر أزمة السيولة وغيرها من المعوقات والأزمات التي عانى ولا يزال القطاع المصرفي يعاني منها حتى اليوم، بفعل عوامل من داخل القطاع حسب مصادر مصرفية، بل برزت وتفاقمت بفعل عوامل لا تمت للنشاط المصرفي بصلة.
الباحث الاقتصادي وفيق صالح، يقول لـ"العربي الجديد": "البنوك اليمنية وقعت أمام خيارين بعد تصنيف الإدارة الأميركية جماعة الحوثي في قوائم الإرهاب، إما أن تبقى مقراتها الرئيسية في صنعاء تحت تأثير السياسات الحوثية، وبالتالي دخولها في عزلة اقتصادية أمام العالم الخارجي، أو أنها تستجيب للمتغيرات الجديدة وتنقل إدارة العمليات إلى العاصمة المؤقتة عدن والتنسيق مع الحكومة المعترف بها دولياً، لتفادي مخاطر العزلة ولضمان استمرار أنشطتها المصرفية والمالية وتبعاتها في الخارج.
حسب خبراء قانون، فإن عملية نقل مراكز البنوك من صنعاء إلى مناطق الحكومة اليمنية يتطلب تأمين عديد الثغرات القانونية والجوانب الإدارية والمالية وتوضيح حدود ونطاق عملية النقل.
يضيف صالح في هذا الصدد: هناك تحديات قد تواجه البنوك في عملية النقل، وقد تتعرض لخسائر مؤقتة، لكن هذه الخسائر ستكون أهون وأقل من تأثيرات بقائها تحت سيطرة الحوثيين، لأن ذلك يعني عزلها كلياً عن التعامل الدولي في ظل سريان قرار تصنيف جماعة الحوثي منظمة إرهابية.
يتابع، أن الحكومة في عدن أمام تحد حقيقي في تقديم التسهيلات اللوجستية اللازمة والضمانات الأمنية الكافية لاستكمال نقل إدارة العمليات للبنوك بشكل طبيعي وبما يضمن استمرار الخدمات المالية للمواطنين بكل سلاسة ودون معوقات.
وعلى الرغم من الظروف الاقتصادية الصعبة وانخفاض الموارد من النقد الأجنبي كانت مؤسسات القطاع المصرفي مستمرة في تقديم مختلف الخدمات المالية لوحدات النشاط الاقتصادي وأفراد الجمهور في ظل استقرار نسبي ومعدل نمو مقبول بعيداً عن أي صدمات أو عوامل اضطراب تؤثر على نشاطه ودوره في خدمة الاقتصاد الوطني.
مصدر مسؤول في أحد البنوك العاملة في صنعاء لخص لـ"العربي الجديد" وضعية البنوك الصعبة بالقول إنها "واقعة بين سلطتين تضيقان عليها الخناق من كل النواحي"، لافتاً إلى أن هناك مخاطرة غير محسوبة العواقب بخصوص النقل الكلي لإدارة عمليات البنوك من صنعاء إلى عدن، في حين أشار مسؤول آخر إلى أن الوضع في مناطق الحكومة لا يشجع البنوك على الانتقال في ظل أزمة سيولة واضطراب في العمل المصرفي والعملة الوطنية حيث لا تختلف الصعوبة والتحديات الماثلة أمام القطاع البنكي والمصرفي الذي يعاني بشكل كبير أيضاً في صنعاء. الباحث المصرفي نشوان سلام، أكد لـ"العربي الجديد"، أن هناك ضغطا أميركيا كبيرا على البنك المركزي الحكومي في عدن لنقل إدارة عمليات البنوك في صنعاء إلى عدن لتكون ضمن إطار الشبكة الموحدة للعمليات المصرفية والتحويلات المالية التي تم إنشاؤها بدعم وتمويل وكالة التنمية الأميركية.
كما يؤكد مصرفيون ومسؤولون في جمعية البنوك أن اشتداد الصراع السياسي وتسببه في إضعاف الدولة وغياب سلطة النظام والقانون أدى إلى تصاعد تضييق الأطراف المتصارعة التي وجهت سهامها إلى مؤسسات القطاع المصرفي وبدأت بعض العصابات المنظمة والقوى المتطرفة في السطو على أموال البنوك وأصولها والاستيلاء على عدد من مقراتها.