الرئيسية > اخبار وتقارير > محمد عبدالعظيم الحوثي في مهمة تسويق نفسه لدى طهران كإمام "مجتهد" ولا يختبئ في كهف!

محمد عبدالعظيم الحوثي في مهمة تسويق نفسه لدى طهران كإمام "مجتهد" ولا يختبئ في كهف!

وصل محمد عبدالعظيم الحوثي إلى إيران في الأسابيع الماضية، بحثاً عن الأصول الزيدية التي نشأت أولاً في "جيلان" و"ديلمان" قبل انتقالها إلى اليمن أواخر القرن الثالث الهجري، في ظل طموحات شخصية منه للبحث عن مصدر قوة خارجي يمكنه من منافسة ابن عمه على الزعامة، ولتقوية موقفه، ولتقديم عروض جديدة لإيران ورسائل طمأنة بقوته وأتباعه وأتباع إيران في اليمن.

وقال محمد عبدالعظيم "جئت باحثاً عما بقي من آثار الزيدية في إيران، وللحصول على إجازات في مذهب الإمامية من العراق وإيران في بعض العلوم".

أمام الإيرانيين حرص محمد عبدالعظيم الحوثي على تقديم نفسه بصورة خارقة كشخص نال مرتبة الاجتهاد في المذهب الزيدي الجارودي وفي مذاهب التشيع الأخرى، وصاحب مؤلفات وبحوث علمية لم يسبقه إليها أحد كتابة وصوتاً وفق مقابلته مع مؤسسة الإمامة بقم الإيرانية.

كما قدم نفسه أول محارب للجمهورية التي يسميها بالوهابية بمحوريها الإصلاح والسلفيين، وصاحب معارك حاسمة طوال عقود من الزمن حد زعمه وفق مقابلته مع مؤسسة "أوج" الإيرانية الثقافية.

لعب محمد عبدالعظيم الحوثي على المخاوف الإيرانية والمطامع أيضا خاصة بعد تعرضها لهزيمة شديدة بتحرير سوريا، وانتكاسة حزب الله أمام الاحتلال، وقدم نفسه كمحارب من طراز المحاربين الأكثر شجاعة وبطولة في المخيال الشيعي، مع كرامات ليس لها مثيل "كانت الطائرات الأمريكية وصواريخها تقصف عن يمني وشمالي وفي كل مكان بالحديدة دون أن تستطيع إصابتي".

وأمام التساؤلات الإيرانية عن النفوذ الشيعي في اليمن والغضب الشعبي المتفاقم ضد الحوثيين، تحدث عبدالعظيم عن قدراته لتجييش القبائل في صفه، وحتى من يسميهم "السنية الموالية لآل البيت"، مدعياً أنهم يسيطرون على بقية اليمنيين وأن بالإمكان السيطرة على اليمن، وأن له علاقات وثيقة بالهاشميين في عدن وحضرموت والحديدة المسيطرين على السنية والموالين لإمامة علي.

وبصورة مباشرة كما يراها بعضهم وغير مباشرة كما يراها آخرون قدم نفسه مجتهداً محارباً محققاً لجميع الشروط الزيدية في الإمامة التي يفتقر فيها عبدالملك الحوثي لشرطي الاجتهاد والشجاعة، وسخر منه بصورة غير مباشرة، إذ تحدث عن نفسه أنه لا يمتلك مرافقين ويتكلم معه الناس في أي مكان عكس المراجع الشيعية في العراق وإيران. في انتقاد واضح لبقاء عبدالملك الحوثي مختفياً.

يقول "منذر الزيدية"، عن حظوظ منافسة محمد عبدالعظيم لابن أخيه: نعم، محمد عبدالعظيم الحوثي يستطيع يتغلب على عبدالملك الحوثي من الناحية والنظرة الزيدية بشرطين من شروط الإمامة؛

١-العلم.

٢-الشجاعة.

الاختفاء في الكهف يسقط الإمامة إذا كان يرافقها عدم إعطاء الحقوق والاستفتاء من قبل عبدالملك".

لكن منذر الزيدية، وهو حساب على منصات التواصل متخصص بالمذهب الزيدي وعلاقته بإيران، أوضح أن الخلاف الجوهري بين الشخصين ليس عقدياً أو فكرياً، بل ينحصر في مسألة من يحق له الإمامة فقط، حيث وصف في مقابلته مع مؤسسة الإمامة بقم عبدالملك وأتباعه بأنهم "مجاهدون".

وأمام أحلامه الواسعة في إيران، ومعرفته بأن الدعم الإيراني حاسم لقوة ابن عمه عبدالملك الحوثي، تحدث عن عمق العلاقة بين الشيعة الإمامية والزيدية محرما قطعا أي عداء بين الفرق الشيعية، وبالغ بعرض خدماته على الإيرانيين، بقوله "إن مسألة الجمهورية والانتخابات محرمة قطعاً" مقارنة بآخرين من الزيدية لا يحرمونها صراحة وأنه مخالف أيضا للزيدية. ولم يشر صراحة بالإسم إلى الآخرين الذين أصدروا بيانات عند قيام الوحدة فتاوي زيدية شكلية تخاتل في هذه المسألة، ما لبثوا لاحقاً أن أظهروها بشكل صريح مع ضعف الدولة وأعلنوا هذا الرأي صراحة. وربما كانت هذه أيضا تشير إلى مزية يقدمها عن نفسه جبن عبدالملك الحوثي عن إعلانها صراحة بين أتباعه رغم سيطرته على صنعاء منذ عشر سنوات. بالمقارنة أيضا كفر محمد عبدالعظيم الحوثي ثورة 26 سبتمبر، التي يعاديها الحوثي نفسه، لكنه لا يجرؤ على ذلك علانية في خطاباته الطويلة وإن كان يعمل كابن عمه بلا هوادة لتدميرها.

قال زايد جابر الباحث المتخصص بجماعة الحوثي إن محمد عبدالعظيم الحوثي يواصل نقد بدرالدين الحوثي أحد الموقعين على بيان علماء الزيدية المرواغ في عام 1990 وأن حسين الحوثي مؤسس الجماعة وشقيق عبدالملك الحوثي أقسم في مجلس النواب سنة 93 بعد انتخابه عن حزب الحق على حماية النظام الجمهوري وفق نص القسم الدستوري، وبالتالي يشكك بصدقهم وولائهم للتشيع وافتقارهم للشجاعة.

وبينما يحاول عبدالملك الحوثي بدعم من إيران التوصل لاتفاق مع السعودية يمكنه من إتمام مشروع السيطرة على اليمن، شن محمد عبدالعظيم هجوماً شديداً على السعودية، واتهمها بالوهابية والناصبية، وقدم تفسيرا يطمئن إيران عن علاقته بالسعودية وحجه السنة الماضية، وبينما كان في السعودية يمدح ملوك الأسرة كابرا عن كابر، سخر منها في إيران ووصفها بالدولة الضعيفة الهشة العاجزة حتى عن حمايته في المدينة المنورة.

وربما كانت إيران تسعى لاستكشاف اتفاق مؤقت في اليمن يضمن حصة الحوثيين المهيمنة تحدث محمد عبدالعظيم بأن اليمن تنقسم مذهبياً إلى قسمين: الشيعة ومعهم أتباعهم من السنة المؤيدين لآل البيت، والوهابية والناصبية، ويضمون مختلف القوى بما فيها الإصلاح والسلفيين وشيوخ القبائل كابن الأحمر والساسة كعلي عبدالله صالح، مع استدراك تكفيري شامل لكل من لا يؤمن بولاية علي بما في ذلك العمراني والشوكاني ونشوان الحميري وصولا إلى أم المؤمنين عائشة والخلفاء الثلاثة والزبير وطلحة.

نظرياً أو ما يشاع عن الزيدية من خارجها أنها لا تكفر الصحابة وأنها سنة الشيعة وشيعة السنة مع إيمانها فقط بأفضلية علي، لكن محمد عبدالعظيم والإرث الزيدي الهادوي يقولون ذلك ويعتقدونه، ما يشير إلى محاولة منه إلى إقناع الحوازات الإيرانية ومؤسساتها الثقافية بانتهاج نهج مختلف معه لنشر النفوذ الإيراني في اليمن.

ويفسر "منذر الزيدية" حديث عبدالعظيم بأنه "يغازل إيران ويقدم نفسه كبديل ويطالبها بدعمه، وسبق وقد تحدث وأثنى على الصفوية وتساهل في مسائل هي من المكفرات في أدبيات الزيدية كعقيدة الرجعة وغيرها من المسائل التي لا توافق الزيدية ولكن: عبدالعظيم أعرب عن عدم انزعاجه من هذه المسائل التي تقربه من الجعفرية".

يقول الكاتب عبدالهادي العزعزي إن محمد عبدالعظيم في محاولته تسويق نفسه بالقيام بمهمة "رجل إيران في اليمن"، ربما يلتقى مع توجه إيراني لإنشاء قيادة بديلة لعبدالملك الحوثي، أو نسخة احتياطية من القيادة الحوثية.

يضيف العزعزي في حديثه لـ"المصدر أونلاين": "المرحلة الماضية كانت عسكرية، والآن تحاول إيران وتسعى إلى وجود ناعم بتخفيض سقفها إلى الحد الأدنى في حال فرضت عليها معادلة عسكرية، بالبحث عن هؤلاء.

كانت صحيفة هيئة التلفزيون والإذاعة الإيرانية في مقابلة لها الشهر الماضي قدمت إبراهيم الديلمي سفير الحوثي في إيران على أنه ينتمي لعائلة ديلمية من بحر قزوين.

في هذه النقطة، ظهر عبدالعظيم الحوثي لا يعرف من أين جاء الديلم والفرس مع سيف بن ذي يزن أو حتى في القرون اللاحقة، ولكنه قال إن بني بهلول في صنعاء هم من أحفاد الحملة الفارسية قبل الإسلام.

ولأن عبدالعظيم الحوثي يعرف جيدا طبيعة الخدمات التي قدمها عبدالملك الحوثي لإيران ذهب أبعد منه، إلى حد تكفير أساتذة تاريخ جامعيين في إيران التقوه وسألوه عن رأي يفسر أن الصفوية دمرت الزيدية في إيران، فاستشاط غضبا منهم واصفا أصحاب هذه الفكرة بالكفر والنفاق وأن زيدية إيران دمرت نفسها بنفسها، وأن مذهب التشيع بعمومه عالة على صفوية إيران وشاه عباس.

قالت أمل العالم الباحثة اليمنية المتخصصة بالشأن الإيراني تعليقا على حديث محمد عبدالعظيم وزيارته لإيران: "في اعتقادي هناك توجه إيراني لتسليط الضوء والتعريف بالحوثيين أكثر بين الموالين للإيديولوجيا الإيرانية، خاصة أن الحوثيين حاليا ما زالوا محتفظين بقوتهم بين الاذرع الإيرانية".. وهي مسألة عميقة في إيران عن العلاقة الخاصة بين الحوثية والملالي بما فيها الجانب الاجتماعي والرابط العضوي تقول العالم "إجمالا الايرانيون حاليا يتباهون بأصول الحوثيين الإيرانية"

وتضيف العالم في حديثها للمصدر أونلاين عن أبعاد التحرك الإيراني تجاه محمد عبدالعظيم: "قد تكون محاولة من إيران للحديث والتقريب بين الجميع في الحركة الحوثية بما أنه يختلف في بعض وجهات النظر مع الحوثيين".

وتشير العالم إلى اللقاء الصحفي مع إبراهيم الديلمي في إيران الشهر الماضي: هدف الحوار إلى إظهار أن ما يعرف بمحور المقاومة ما زال قوياً، وأن الحوثيين ملتزمون بالتنسيق مع المحور بما في ذلك أي اتفاق في البحر الأحمر، أو أي تحركات حوثية للرد على ضغوطات اقتصادية أمريكية قادمة، وأن الصلح والسلام في اليمن سيكون وفقاً للشروط الحوثية". ويبدو محمد عبدالعظيم متقدما هنا على سفير عبدالملك الحوثي بتحريمه قطعا أي عداء بين الفرق الشيعية مهما كانت الأسباب، وبدفاعه الصلب عن الصفويين الذين يقول باحثون كزايد جابر إن الزيدية انتقدت الصفوية.

وتفسر أمل العالم النص التالي من مقابلة "جم جم" مع إبراهيم الديلمي بالتوجه الإيراني "محاولة لإيجاد تقارب ديني اجتماعي بين الحوثيين والجماعات الموالية لإيران بشكل أكبر":

أشارت الصحيفة إلى أصول الديلمي الإيرانية والتي تعود إلى منطقة الديلم الإيرانية على بحر قزوين وانتقلوا إلى اليمن في القرنين الرابع والخامس الهجري للانضمام إلى الحركة الدينية التي ظهرت هناك، وبقى جزء منهم ديلم وطبرستان".

الصحيفة تحدثت أيضاً عن العلاقات الدينية الوطيدة التي تجمع بين الحوثيين وإيران، وأشار إلى قبر الإمام الناصر في شمال إيران، وقال إنه صاحب كتابات تاريخية وإرث في المذهب الزيدي، ويعتبر أهم الروابط التي تجمع بين الزيدية والأئمة في طبرستان والديلم، وقال إن الديلميين قدموا من إيران إلى اليمن وجاهدوا مع الأمام يحي بن حسين لتأسيس الدولة الإسلامية العلوية في اليمن، وكان ذلك في أواخر القرن الثالث الهجري".

محمد عبدالعظيم قدم أيضا رسائل بطريقة غير مباشرة عن ضعف عبدالملك الحوثي.. قال إن عبدالملك الحوثي يعده كبير الأسرة وعالمها وأنه يخشى فقدانه وخسارته إذا قتل في الحديدة بغارات الأمريكيين. وليظهر أنه لم يستجب لعبدالملك قال: رجحت أن أرتفع وليس أنني استجبت لمطالبه.

أظهر أنه يعمل بصرامة أكبر من عبدالملك الحوثي على محاربة كل خصوم الحوثية وإجبار الناس على التشيع والتقية في صعدة ومناطق سيطرة الحوثي، واستخدم لغة صريحة وأقوى من لغة عبدالملك الحوثي من حيث الخطاب فقط بتكفير اليمنيين وكل من لا يؤمن بولاية علي وأبنائه، عكس عبدالملك الحوثي الذي يصف كل خصومه بالتكفيريين. ورد محمد عبدالعظيم الحوثي على حملة إعلامية انتشرت ضده بعد تداول مقابلاته في إيران بتكفير كل من لا يؤمن بولاية علي وأنها ركن من أركان الإسلام.

أبلغ القادة الإيرانيين أن نظام عبدالملك الحوثي ومنظومته للقيادة والسيطرة غير فعالة: "لا يوجد نظام الآن في اليمن... وإن نشأ نظام سيكون نظام تابع لنا".

وأن الجيش الحوثي يبلغ تعداده في الحديدة فقط 200 ألف مقاتل يستطيع هو تشجيعهم، في إشارة واضحة أن أولئك لا يتبعون كليا عبدالملك الحوثي، وفي الحديدة تحدث بثقة أكبر: دمرنا حاملة طائرات أمريكية وأغرقناها ولم ينقذ الطائرات منها إلا طيرانها من الحاملة قبل غرقها".

كما تجاهل في كل أحاديثه عبدالملك الحوثي ووالده وإخوته بما فيهم حسين الحوثي وتحدث عن معاركه الشخصية والعلمية والفكرية منذ كان في 13 من عمره.

الطموحات الشخصية لمحمد عبدالعظيم الملتقية تماما مع التوجه الإيراني دفعته لدعوة وفود من إيران للمجيء إلى صعدة واستعداده ومسلحيه لحمايتهم وقدرتهم على ذلك، والحث على الحروب خاصة أن السعودية كما يقول نشرت مذهبها بالبترول والآن قيض الله لهم من يطردهم في عقر دارهم مشيرا إليه على أنه شيطان "ألم تر أنا أرسلنا الشياطين على الكافرين تؤزهم أزا".

يشير زايد جابر إلى أن تصريحات محمد عبدالعظيم الممثل الأمين والأصدق للمذهب مقارنة بحسين الحوثي وأخيه عبدالملك ووالدهما بدرالدين وغيرهما. ويضيف جابر "ذهب محمد عبدالعظيم إلى إيران مستندا إلى شعبيته الكبيرة وأنه ينتمي إلى صنف العلماء التقليديين الكبار في المذهب، ويقدم نفسه بأنه الأقوى".

لم يرد الحوثيون مباشرة على تصريحات عبدالعظيم ولكن انتشرت تعليقات في وسائل التواصل الاجتماعي على أنه لا يمثل الجماعة الحوثية وأنه خارج عنها، وإن كانت تلك الردود بقيت بشكل محدود على مستوى وسائل التواصل الاجتماعي.

 أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)
أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)