الرئيسية > محلية > السجينات في اليمن...ضحايا نظرة دونية.. (تقرير)

السجينات في اليمن...ضحايا نظرة دونية.. (تقرير)

هدى علي شابة طموحة ومجتهدة نشأت في أسرة محافظة، تتميز بحبها للتحدي والسعي لتحقيق النجاح، درست هدى تخصص التجارة، وتفوقت في دراستها حتى تخرجت من الجامعة، وكحال العديد من الخريجين، واجهت صعوبة في الحصول على وظيفة، مما دفعها للتفكير في إطلاق مشروعها الخاص.

قررت هدى (اسم مستعار)، دخول شراكة مع إحدى صديقاتها، وبدأت العمل في مجالات التداول الإلكتروني والمنصات التجارية، نجحت في البداية في جذب أشخاص للاستثمار من خلال منصاتها، وتمكنت من تحقيق عائدات كبيرة خلال الأشهر الأولى، وبعد سبعة أشهر، تغير الحال بشكل مفاجئ ومأساوي. تعرضت هدى لعملية احتيال من قبل شريكتها، التي استولت على الأموال التي استثمرها الأشخاص الذين جاؤوا عن طريقها.

لم تتوقف المأساة عند هذا الحد، إذ وجدت هدى نفسها محاصرة بالانتقادات والاتهامات، ونتيجة لذلك، تقدم أحد المستثمرين ببلاغ ضدها بتهمة النصب والاحتيال، ما أدى إلى سجنها. 

تروي هدى: "بعد خروجي من السجن، واجهت تنمرًا ونظرات قاسية من المجتمع، حتى خطيبي، تركني بعد دخولي السجن. تغيرت حياتي تمامًا، وأصبحت منبوذة، رغم أنني قضيت العقوبة المفروضة عليّ بالكامل."

الإجراءات القانونية 

تؤكد المحامية راوية بن هبش أن السجينات في اليمن يتمتعن من حيث المبدأ بحق المحاكمة العادلة، حيث تتعامل المحاكم مع كل سجينة بناء على التهم الموجهة إليها، ومع ذلك، تشير إلى وجود مماطلات في الإجراءات القانونية في بعض الحالات، مما يؤثر على سرعة تحقيق العدالة.

وأوضحت بأن السجينات في اليمن يعانين من غياب شبه كامل للحماية القانونية، مشيرة إلى وجود حالات يتم فيها احتجاز النساء لمجرد الاشتباه بهن، دون أدلة واضحة. وإن بعض السجينات يظللن محتجزات في مراكز الشرطة لحين انتهاء التحقيقات، قبل إحالة ملفاتهن إلى النيابة أو المحكمة.

تعامل الشرطة  

فيما أوضحت الملازم أول انتصار باعيسى، مديرة إدارة حماية الأسرة والأحداث والشرطة النسائية بمحافظة حضرموت، بأن التعامل مع السجينات يتم وفق الإرشادات العامة المتبعة، دون وجود برامج تدريبية متخصصة للتعامل مع هذه الفئة. 

وأضافت باعيسى أن غياب التدريب المخصص يترك فجوة في التعامل المهني مع السجينات، معربة عن أملها في تنظيم دورات تدريبية مكثفة تسهم في تحسين أساليب التعامل معهن، بما يراعي ظروفهن النفسية والاجتماعية، ويعزز احترام حقوقهن داخل مراكز الاحتجاز.

ولأن الأعراف الاجتماعية تؤثر على نظرة المجتمع لقضايا المرأة، تؤكد الملازم باعيسى، أن هذه الأعراف تؤثر بشكل كبير على نظرة المجتمع تجاه قضايا المرأة، حيث تتجلى في صورة تحيز واضح يراها ككيان ضعيف يستحق العطف. مشيرة إلى أن وصمة العار الاجتماعية المرتبطة بالسجينات تُعتبر مشكلة سلبية، لكنها لا تؤثر على سير التحقيقات القانونية التي تُجرى بشكل مهني. 

وكشفت الملازم باعيسى أن الشرطة تتخذ خطوات محددة لحماية السجينات، أبرزها العمل على توعية المجتمع المحيط بهن للتخفيف من الوصمة الاجتماعية. كما أكدت على أهمية تحسين ظروف السجون من خلال إنشاء مشاغل للخياطة، الكوافير، والطبخ، لتأهيل السجينات وتمكينهن من العودة إلى المجتمع بمهارات تساعدهن على بدء حياة كريمة بعد الإفراج عنهن. 

ورغم هذه الجهود، لفتت إلى غياب المبادرات أو البرامج التي تستهدف تخفيف النظرة الدونية تجاه السجينات، مؤكدة الحاجة الماسة إلى خطط شاملة لمعالجة هذه المشكلة وإعادة دمج السجينات في المجتمع.

برامج تأهيلية

بالنسبة لموضوع السجينات والمحتجزات هناك الكثير من الصعوبات في كيفية اقناع المجتمع بأن النساء السجينات هن ايضا قد يتعرضن للابتزاز أو ارتكاب الخطأ غير المقصود، والحاجة كمان الضغوطات الاسرية قد تكون دافع لارتكاب الاخطاء، ولكن الاصعب كيفية قبول المجتمع بإنسانية السجينة، بحسب رئيسة اتحاد نساء اليمن بعدن بدأت فاطمة المريسي.  

وأضافت: هناك تحديات كبيرة تواجهنا في تقبل الأسرة والمجتمع بأن السجينة قابلة لإعادة تأهيلها حتى تستعيد سلوكها، وهذا يجعلنا نقوم بإعادة تأهيلها من نواحي عديده تربية سلوك وأخلاق وتدريب وتأهيل مهني حتى إعادة دمجها بالمجتمع بفكر وسلوك جديد. مشيرة إلى دمج السجينات يتم أولا بأسرهم ثم بفئات معينة في المجتمع لكي تتأثر بهم. 

وبخصوص البرامج التأهيلية لاتحاد نساء اليمن تقول مريسي: لدينا برامج نفسيه وأخلاقية نعمل جاهدين على نقلها الى النساء السجينات لإعادة بناء سلوكياتهن وخاصة في الجانب النفسي، كما أن برامجنا التوعوية هي لمنع المخاطر عن النساء مهما كانت الظروف واعادة بناء شخصياتهن بمعايير أفضل حتى يتقبلها المجتمع وتندمج بشكل أفضل مما كانت عليه. 

آثار نفسية 

وأرجعت الاخصائية النفسية سامية مجور النظرة الدونية التي تواجهها النساء السجينات في المجتمع اليمني لعدة أسباب، أبرزها التمييز المجتمعي حيث يرفض المجتمع تقبل السجينات، والعادات والتقاليد كونه يربط المجتمع السجن بفكرة العار والذنب، والسمعة باعتبار السجن مكانا للجريمة مما يؤثر على استقبال السجينة بعد خروجها. 

وبحسب مجور فالأثار النفسية تلحق بالسجينات كالاكتئاب والقلق واضطرابات النوم والمشاعر السلبية كاليأس وانعدام القيمة، واخيرا صدمات طويلة المدى، وكل ذلك يحدث نتيجة انقطاع الروابط الاجتماعية.

*يمن فيوتشر- تم إنتاج هذه المادة ضمن مشروع تعزيز دور وسائل الإعلام في دعم قضايا الصحة الإنجابية والعنف القائم على النوع الاجتماعي الذي ينفذه مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي

 أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)
أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)