الرئيسية > اخبار وتقارير > "الشرعية" آخر من يعلم تفاصيل خريطة طريق الأزمة اليمنية

"الشرعية" آخر من يعلم تفاصيل خريطة طريق الأزمة اليمنية

تحيط حالة من الغموض المشاورات السياسية بشأن خريطة طريق الأزمة اليمنية في ظل حديث المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ عن خريطة للحل، بالتزامن مع تصريح لوزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان، مطلع يوليو/ تموز الحالي، مفاده أن خريطة الطريق جاهزة للتوقيع في أقرب وقت ممكن.

وتواصل "العربي الجديد" مع عدد من مستشاري رئاسة الجمهورية في الحكومة الشرعية لمعرفة مضمون خريطة الطريق، لكنهم أكدوا أن لا أحد في الشرعية اطلع عليها، وهو الأمر الذي أكدته قيادات حزبية أيضاً. وفي السياق، قال نائب الأمين العام للحزب الاشتراكي اليمني محمد المخلافي، لـ"العربي الجديد"، إن الأحزاب، بما فيها الحزب الاشتراكي، "لم تتسلم خريطة الطريق حتى الآن"، مضيفاً: "لا يمكنني الحديث عن أمر ليس معلوماً لي على وجه الدقة"، ولفت إلى أن "الأحزاب تطالب بتسليمها الوثيقة لكي تحدد موقفها منها".

وكان المبعوث الأممي إلى اليمن قد أعلن في تصريح صحافي، نهاية ديسمبر/ كانون الأول الماضي، أنه بعد سلسلة اجتماعات مع الأطراف في الرياض ومسقط، بما في ذلك مع رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، وكبير مفاوضي الحوثيين محمد عبد السلام، يرحب بتوصل الأطراف للالتزام بمجموعة من التدابير تشمل تنفيذ وقف إطلاق نار يشمل عموم اليمن، وإجراءات لتحسين الظروف المعيشية في البلد، والانخراط في استعدادات لاستئناف عملية سياسية جامعة تحت رعاية الأمم المتحدة.

وأكد المبعوث الأممي وقتها أنه سيعمل مع كافة الأطراف في المرحلة الراهنة لوضع خريطة طريق الأزمة اليمنية تحت رعاية الأمم المتحدة بهدف تدعيم تنفيذها. وأضاف غروندبرغ أن خريطة طريق الأزمة اليمنية ستشمل، من بين عناصر أخرى، التزام الأطراف بتنفيذ وقف إطلاق النار على مستوى البلاد، ودفع جميع رواتب القطاع العام، واستئناف صادرات النفط، وفتح الطرق في تعز وأجزاء أخرى من اليمن، ومواصلة تخفيف القيود المفروضة على مطار صنعاء وميناء الحديدة، وستنشئ خريطة الطريق أيضاً آليات للتنفيذ، وستُعد لعملية سياسية يقودها اليمنيون برعاية الأمم المتحدة.

غير أن تنفيذ خريطة طريق الأزمة اليمنية قد تعرقل عقب شن الحوثيين هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهي الهجمات التي بدأتها الجماعة في 19 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، وقالت إنها تأتي لنصرة غزة، وإنها لن تتوقف إلا برفع الحصار عن القطاع. وفي مارس/ آذار الماضي دعا زعيم جماعة الحوثيين عبد الملك الحوثي التحالف العربي إلى توقيع الخريطة، معلناً عن ثلاثة شروط لقبول مبادرة اتفاق خريطة الطريق لإحلال السلام في اليمن، تتمثل في الإنهاء الكامل لما وصفه بـ"الحصار والعدوان والاحتلال، وتبادل الأسرى، وتعويض الأضرار". وتم توجيه الاتهامات لواشنطن بعرقلة تنفيذ خريطة الطريق. وفي السياق، نقلت وكالة بلومبرغ، في يونيو/ حزيران الماضي، عن مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية، لم تحدد اسمه، قوله إن تنفيذ خريطة طريق الأزمة اليمنية مرهون بوقف الحوثيين هجماتهم في البحر الأحمر.

وقال عضو المكتب السياسي لجماعة الحوثيين حزام الأسد، لـ"العربي الجديد"، إن خريطة طريق الأزمة اليمنية هي نتاج مفاوضات وحوارات بين طرفين، حكومة صنعاء (غير المعترف بها دولياً)، كطرف أول، والحكومة السعودية كطرف ثان، وبوساطة عمانية وإشراف أممي. وأوضح أن خريطة الطريق تنقسم إلى مسارين، إنساني وسياسي، مشيراً إلى أن "مسار معالجة القضايا ذات الطابع الإنساني يُعتبر وفق الخريطة آنياً ويجب تنفيذه بسرعة وفق البرنامج الزمني، وهو يتضمن موضوع الإفراج عن جميع الأسرى، وصرف المرتبات من الأموال اليمنية المودعة في البنك الأهلي السعودي، وفتح مطار صنعاء الدولي إلى الوجهات المعتادة قبل الإغلاق، ورفع القيود عن ميناء الحديدة، وفتح جميع الطرقات، ثم يأتي بعده مباشرة ما يتعلق بإعادة الإعمار وجبر الضرر وخروج القوات الأجنبية من البلاد، وصولاً إلى موضوع التسوية السياسية بين صنعاء والأطراف التابعة للرياض وأبوظبي".

وأشار الأسد إلى أن "كل المفاوضات جرت مع الطرف السعودي ولم تشارك الأطراف التابعة له، وجرى التوافق على هذه الخريطة في منتصف العام الماضي، غير أن الأحداث التي طرأت في غزة ودخول اليمن ضمن محور الإسناد لأهلنا في غزة، والضغط الأميركي على السعودية، كل ذلك أعاق المضي في تنفيذ ما تضمنته هذه الخريطة". وأعرب الأسد عن أمله بأن تُغلّب الرياض مصالحها وأمنها واستقرارها على الضغط الأميركي، "لأن صبر الشعب اليمني، ممثلاً بحكومة صنعاء، بدأ ينفد، لا سيما مع استمرار معاناة أبناء الشعب اليمني بسبب العدوان والحصار المستمر وانقطاع المرتبات".

المحلل السياسي سنحان سنان قال، لـ"العربي الجديد"، إن الاتفاق الثنائي بين السعودية والحوثيين بغياب الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً حصل لأنّ السعودية تبحث عن تحقيق مصالحها بإيقاف الحرب بأي ثمن، ويبدو أن تهديدات زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي أثمرت إلغاء الإجراءات الأخيرة التي اتخذتها الشرعية في الجانب الاقتصادي.

وأضاف المحلل السياسي أن خريطة طريق الأزمة اليمنية تم الاتفاق عليها قبل حرب غزة وقبل هجمات الحوثيين في البحر الأحمر وخليج عدن، والمؤشرات الجديدة تقول إنّ الخريطة ستمضي قدماً في الملف الاقتصادي والإنساني، وسيكون دور أطراف الحكومة اليمنية ثانوياً، وسيبقى الملف السياسي شائكاً ومؤجلاً، وهنا تتقاطع رغبة السعودية مع رغبة الحوثيين في حلول مؤقتة دون الدخول في الملفات الأساسية التي قامت الحرب لأجلها. وأكد أن تغييب "الشرعية" بالطريقة الحالية عن خريطة طريق الأزمة اليمنية "يأتي لأن أحداً من أطرافها لم يقل لا أو يتخذ موقفاً مغايراً لسياسة المملكة، ولذلك لا تعطي السعودية لمواقف حلفائها وزناً كبيراً بعد تشكيل مجلس القيادة الرئاسي بعد عزل الرئيس الشرعي (عبد ربه منصور هادي)، في إبريل/ نيسان 2022".

وكان غروندبرغ قد أعلن، الثلاثاء الماضي، تسلمه نصاً مكتوباً من الحكومة اليمنية وجماعة الحوثيين حول اتفاق الطرفين على تدابير عدة لخفض التصعيد في ما يتعلق بالقطاع المصرفي والخطوط الجوية اليمنية. ونص الاتفاق، حسب بيان لغروندبرغ، على إلغاء القرارات والإجراءات الأخيرة ضد البنوك من الجانبين والتوقف مستقبلاً عن أي قرارات أو إجراءات مماثلة، واستئناف طائرات "اليمنية" الرحلات بين صنعاء وعمان، وزيادة عدد رحلاتها إلى ثلاث يومياً، وتسيير رحلات إلى القاهرة ونيودلهي يومياً أو حسب الحاجة. وجاء ذلك بعدما أصدر البنك المركزي اليمني في عدن قراراً بإلغاء تراخيص ستة بنوك كبيرة رئيسية بعد رفضها نقل مقارّها الرئيسية إلى عدن، ما أثار غضباً وتهديات من قبل الحوثيين.

كما نص الاتفاق، بحسب بيان المبعوث الأممي، على عقد اجتماعات لمعالجة التحديات الإدارية والفنية والمالية التي تواجهها الشركة، وبدء عقد اجتماعات لمناقشة كل القضايا الاقتصادية والإنسانية بناء على خريطة الطريق. وأشار غروندبرغ، في البيان، إلى الدور الهام الذي لعبته السعودية في التوصل إلى هذا الاتفاق، فيما كان الحوثيون قد وجهوا تهديدات ضمنية وأخرى علنية في الآونة الأخيرة للسعودية، بما في ذلك قول عبد الملك الحوثي أخيراً، إن "على السعودي أن يدرك أنه لا يمكن السكوت على خطواته الرعناء الغبية، وأن يكف عن مساره الخاطئ، وسنقابل كل شيء بمثله، البنوك بالبنوك، ومطار الرياض بمطار صنعاء، والموانئ بالميناء".

 أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)
أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)