ساقت الجماعة الحوثية في الأسبوعين الأخيرين العشرات من المهمَّشين من ذوي البشرة السوداء في محافظتي ذمار وإب (جنوب صنعاء) إلى جبهات القتال، وهم ممن يعملون في قطاع النظافة، وذلك في سياق عمليات التعبئة والتجنيد والتدريب العسكري التي تستهدف بها الجماعة شرائح المجتمع كافة.
وتحدثت مصادر يمنية مطلعة لـ«الشرق الأوسط»، عن أن الجماعة ألحقت نحو 200 عامل نظافة في إب وذمار بجبهات القتال، وأنه سبق ذلك إخضاع نحو 1350 عاملاً جُلهم من ذوي الأصول الأفريقية، بالمعسكرات الصيفية التي تقيمها الجماعة للتعبئة العسكرية وتلقّي الأفكار ذات المنحى الطائفي.
وأوضحت المصادر أن الجماعة أخضعت منذ مطلع مايو (أيار) الماضي، نحو 1000 عامل نظافة للتعبئة في محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء)، كما أجبرت نحو 350 عامل نظافة آخرين في ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء) من شريحة المهمَّشين على المشاركة بدورات عسكرية استعداداً لدفعهم إلى الجبهات.
وينتمي معظم المجندين من المهمَّشين الجدد الذين ألحقتهم الجماعة أخيراً للقتال في صفوفها إلى مديريات: القفر، ومذيخرة، ويريم، والمخادر في محافظة إب، ومديريات: المنار، وعنس، وجبل الشرق، ووصاب السافل، في ذمار. حسبما أفادت به المصادر.
وتزعم الجماعة الحوثية أن حملة التعبئة التي أطلقتها حديثاً في أوساط المهمَّشين تأتي ضمن تنظيمها المعسكرات الصيفية، وفي إطار حملات تجنيد واسعة تستهدف فئات المجتمع كافة لمناصرة الفلسطينيين في غزة.
جاءت حملات الانقلابيين لاستهداف عمال النظافة من ذوي البشرة السوداء بالتوازي مع تصاعد معاناة وأوجاع الآلاف منهم وأسرهم مع ما يرافقه من ارتكاب الجماعة أبشع الممارسات التعسفية ضدهم وحرمانهم من أبسط الحقوق.
ويعاني معظم الأحياء والشوارع في مدن عدة تتبع محافظات إب وذمار من تكدس أطنان المخلفات، بسبب توقف حملات النظافة وانشغال قادة الانقلاب بنهب الأموال المقدَّمة من المنظمات الدولية دعماً لحملات النظافة وتسخيرها للتعبئة والتحشيد بين أوساط العاملين بذلك القطاع.
انتهاك وإجحاف وشكا عدد من عمال النظافة في إب لـ«الشرق الأوسط»، من عودة الجماعة الحوثية إلى استهدافهم ببرامج طائفية وعسكرية بغية تحويلهم إلى وقود للحرب ودروع بشرية، وهو ما يضاف إلى سلسلة انتهاكات وتعسفات طالتهم في السابق ولا تزال، ومنها استمرار عمليات استقطاع غير قانونية لمرتباتهم التي تصل في أقصى حدودها إلى 25 ألف ريال يمني. (الدولار يساوي 530 ريالاً في مناطق سيطرة الجماعة).
وناشد عمال النظافة المنظمات المعنية بالدفاع عن حقوق الإنسان، التدخل لوضع حد للاضطهاد الحوثي بحقهم، وحرمانهم من أقل الحقوق، في ظل ما يعانونه وأسرهم من أوضاع بائسة أنتجها الانقلاب والحرب المستمرة منذ عدة سنوات.
وسبق أن قدرت إحصاءات صادرة عن الأمم المتحدة والاتحاد الوطني للمهمَّشين في وقت سابق حجم فئة «المهمَّشين» في اليمن بنحو 3 ملايين شخص، كما تحدثت مصادر يمنية في وقت سابق لـ«الشرق الأوسط»، عن أن الجماعة الحوثية نجحت بتجنيد الآلاف منهم في مختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها عبر أساليب متعددة منها الترغيب والاستغلال وأحياناً التهديد.
ويتهم «ج.ن» وهو عامل نظافة في ذمار، قيادات في الجماعة تدير صندوق النظافة والتحسين، بالفساد والتلاعب وتسخير الأموال المنهوبة من مؤسسات الدولة المغتصبة ومن الجبايات غير القانونية لمصلحة الأتباع وفي التعبئة والتحشيد للجبهات.
وأوضح في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أن فئة المهمَّشين في محافظة ذمار التابعين لصندوق النظافة والتحسين في المحافظة يأتون في مقدمة الفئات التي تستغلهم الجماعة الحوثية وتستهدفهم مراراً بالتعبئة والتحشيد للحصول على مقاتلين جدد.
وتعد فئة المهمَّشين، وفق مختصين اجتماعيين، من أكثر الفئات اليمنية استغلالاً وامتهاناً لدى الجماعة الانقلابية، حيث مكّن الجهل والفقر المدقع في أوساط هذه الفئة الحوثيين من التحكم بها واستغلالها لمصلحة أعمالهم الطائفية في عموم مناطق سيطرتهم.
وتشير تقارير محلية إلى أن عدد المهمَّشين العاملين في صندوق النظافة والتحسين بمحافظة إب اليمنية يصل إلى أكثر من 1700 عامل وعاملة نظافة، كما يعمل أكثر من 430 عاملاً وعاملة من تلك الفئة الأشد فقراً في صندوق النظافة والتحسين بمحافظة ذمار.