اصبحت الخيول حيوانات مستأنسة قبل 6000 عام، ولعبت منذ ذلك الوقت أدواراً في غاية الأهمية، لكن قدرتها على فهم إشارات الإنسان لم تخضع للدراسة إلا في الآونة الأخيرة.
وهناك دراسات حديثة تقول إنه يمكن للخيول أن تقرأ الإشارات البشرية وتستخدم خبراتها الخاصة عندما تستجيب لما تكلف به من مهمات.
الأبحاث تفيد بأنه في الوقت الذي تبدي الخيول قدرة على فهم بعض الإشارات من قبيل تحديد هدف معين، فهي فقط قادرة على استخدام هذه الإشارات إذا بقي الإنسان قريباً منها ليقدم لها مكافأة.
قيل في السابق إن مستوى قدرتها مشابه لقدرة الأغنام والقطط، حيث تستطيع الاستجابة لإشارات البشر رغم أنها لا تفهم المعنى الذي تنطوي عليه تلك الإشارات.
كانت دراسة قد نشرت عام 2004 تشير إلى أن الخيول لديها ذاكرة محدودة قصيرة المدى، وقد لا تكون لديها ذاكرة مستقبلية، والتي تذكرها بفعل شيء ما في وقت لاحق.
لكن دراسات حديثة أظهرت أن الخيول تستخدم ذاكرتها قصيرة المدى في مهام تتعلق بالبحث عن الطعام.
وقد أظهرت دراسة حديثة أجراها عدد من العلماء من إيطاليا أن الخيول لا تستطيع فقط قراءة أفعال البشر، بل يمكنها أيضاً الاستجابة لمهمات مبنية على تجاربها الخاصة.
استراتيجية الخيول
يقول باولو بارغالي، أحد المشاركين في تلك الدراسة من جامعة بيزا الإيطالية: "من السهل أن تفهم وجود هذا السلوك لدى البشر لكن ليس من المعتاد أن نراه لدى الحيوانات."
ويضيف: "إذا لم ينجز الحيوان مهمة ما كما نتوقع، فلا يعني ذلك أنه لا يستطيع القيام بهذه المهمة. هناك احتمال أنه يستخدم استراتيجية مختلفة للقيام بما نتوقعه."
جمع الباحثون 24 حصاناً من مختلف السلالات، ودُربت الخيول على الوصول إلى دلو مقلوب وتحريكه للعثور على جزرة مخبأة تحته. ثم قُسم ذلك العدد من الخيول إلى مجموعتين متساويتين، تضم كل منها 12 حصاناً.
المجموعة الأولى من الخيول كان عليها أن تعثر على جزرة مخبأة تحت دلو من ثلاثة دلاء مقلوبة بعد رؤية شخص ما وهو يخفيها. وكان على الخيول أن تنتظر 10 ثوان بعد إخفاء الجزرة ومغادرة الشخص لذلك المكان.
التجربة ذاتها أجريت مع المجموعة الأخرى التي تضم 12 حصاناً وكان عليها أن تعثر على الجزرة دون أي معلومة أو إشارة سابقة من البشر، أي دون رؤية الشخص وهو يخفي الجزرة.
الخيول التي شاهدت الجزرة وهي تخبأ تمكنت من اختيار الدلو الصحيح من أول محاولة، مقارنة بخيول المجموعة الثانية التي لم تشاهد الجزرة عند وضعها تحت الدلو، بالرغم من أن ذلك استغرق منها بعض الوقت.
في وقت لاحق، استغرقت نفس المجموعة الأولى من الخيول وقتاً أقل للوصول إلى الدلو الصحيح، ولكن بعد عدد أكثر من المحاولات للعثور على الجزرة.
ويقول الباحثون إن سبب ذلك هو أن الإشارة البشرية أصبحت أقل أهمية، إذ تعلمت الخيول أنها ستنال نفس المكافأة سواء استغرقت وقتاً في أخذ القرار، أو أنها اكتفت بالتخمين.
في المحاولات اللاحقة، وجد الباحثون أن الخيول التي رأت الجزرة أثناء إخفائها تميل إلى التوجه إلى نفس الدلو الذي توجهت إليه في المرة السابقة.
مهارات البقاء
هذا يشير إلى أن الخيول تستطيع أن تتذكر أين أخفيت الجزرة حتى بعد مرور بعض الوقت، وذلك عن طريق فهم معنى وجود شخص ما في مكان محدد (قرب الدلو الذي أخفيت تحته الجزرة).
وتستطيع الخيول كذلك تغيير طريقتها في اتخاذ القرار بين ثقتها في الإشارات الصادرة عن البشر وبين المكافأة الفورية التي تحصل عليها. معنى ذلك أنها تستطيع الاختيار بين الاستجابة للإشارات الصادرة عن البشر أو عدم الاستجابة بناء على رغبتها في السرعة أو الدقة.
يقول بارغالي إن الباحثين يعتقدون أن هذه مهارات معرفية ضرورية لبقاء الخيول واستمرارها على قيد الحياة، أكثر منها قدرات متطورة.
ويضيف: "حسبما نعرف، يعتبر هذا البحث هو الأول الذي يظهر قدرة الخيول على الاختيار بناء على المعلومات التي تحصل عليها من البشر، ومن ثم تستطيع ذات الخيول تغيير استراتيجية سلوكها بناء على تجاربها التي مرت بها لحل المشكلة ذاتها بطريقة أفضل."