أكدت مصادر مصرية مطلعة أن القاهرة "لا تزال متمسكة بموقفها الرافض للمشاركة في العملية العسكرية "حارس الازدهار" التي تقودها أميركا لحماية السفن التجارية في البحر الأحمر من الهجمات التي تنفذها جماعة الحوثيين، وتستهدف السفن الإسرائيلية أو المتجهة إلى إسرائيل".
ورغم التصعيد الأميركي الأخير في البحر الأحمر، واستهداف 3 زوارق وقتل 10 من الحوثيين فيه، وتوعد الجماعة بالرد أمس الأول الأحد، أكدت المصادر أن "مصر تريد الحفاظ على موقف متوازن، يوفر لها القدرة على التواصل مع جميع الأطراف، خلال أزمة الحرب الجارية، لضمان عدم اتساع رقعتها في الإقليم".
أميركا لا تريد مواجهات مع الحوثيين
وفي سياق ذلك، قال ضابط الاتصال السابق لحلف شمال الأطلسي (الناتو) في البلقان، أيمن سلامة، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "الولايات المتحدة لا ترغب أيضاً في أي مواجهات عسكرية مع مليشيا الحوثي، الخبيرة بامتياز بباب المندب، والمسيطرة على الساحل الغربي لليمن، والتي تؤيدها إيران". وأضاف: "لكن الولايات المتحدة استنفدت سياسة ضبط النفس ورضخت أيضاً للضغوط الإسرائيلية".
وتابع سلامة: "الحوثيون لديهم عقيدة دينية راسخة، وسياسة إيرانية، وخبرات عسكرية متراكمة منذ قتالهم الجيش المصري في اليمن، ولذلك ليس من المستبعد اتساع دائرة الحرب بينهم وبين الولايات المتحدة في أخطر بقعة تهدد الملاحة العالمية البحرية وقناة السويس المصرية".
العداوة مع الحوثيين ليست من مصلحة مصر
بدوره، قال الباحث في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة إسطنبول أيدن، عمار فايد، في حديث، لـ"العربي الجديد": "أعتقد أن مصر ستبقى على نفس النهج المتبع، وهو عدم التصادم مع الحوثيين لعدة أسباب، الأول هو معرفة أنها مرحلة مؤقتة، ولذلك لا يريدون استعداء الحوثيين، لأن الظرف كله يمكن أن ينتهي قريباً، ولكن الحوثيين باقون، وبالتالي فإن أي عداوة معهم ليست من مصلحة مصر". وأضاف: "هناك جزء مهم أيضاً، وهو عدم رغبة مصر في التصعيد مع إيران وخلق مشاكل معها".
وحول مدى تأثر قناة السويس بالهجمات التي ينفذها الحوثيون، قال فايد: "لا أريد أن أبالغ في تصوير أن تلك العمليات سوف توقف الملاحة في قناة السويس، وأن تتسبب لمصر في خسارة كبيرة. بالطبع ستكون هناك خسائر لكنها لن تصل إلى مليارات، لأنه ليست كل شركات الشحن أوقفت الملاحة، فهناك الكثير من الشركات التي لا تزال تعمل".
واعتبر أنه "إذا طال أمد الأزمة، وزادت مخاوف السفن، وتم تحويل خطوط السير، فبالطبع ستكون هناك خسائر مالية نسبية في عوائد قناة السويس". وتابع: "بالتالي ستحافظ مصر على النهج الحالي، وهو كونها جزءا من قوة العمليات العسكرية التي تشكلت في إبريل/نيسان 2022، والتي كان دورها تأمين الملاحة في البحر الأحمر، بعدما خطف الحوثيون سفينة إماراتية".
وشدد فايد على أن مصر "ستبقي على خطوط التواصل مع الحوثيين وإيران، لضبط تلك العمليات، وليس بعيداً أن تضغط في الوقت ذاته على الأميركيين لاتخاذ خطوات أكثر جدية سواء لردع الحوثيين، أو لتخفيف الضغط على غزة من الناحية الإنسانية، وبالتالي يخفف الحوثيون من هجماتهم".
بدوره، قال الباحث في العلوم السياسية والعلاقات الدولية الدكتور حسام الحملاوي، لـ"العربي الجديد"، إنه "ليس من الواضح حتى الآن إذا كانت مصر تلعب أو ستلعب دوراً عسكرياً في مواجهة الحوثيين".
مصر لم تنضم رسمياً للتحالف الأميركي الجديد
وأشار الحملاوي إلى أن مصر "لم تنضم رسمياً للتحالف الأميركي الجديد، لكنها عضو في المجموعة 153 للقوات البحرية المشتركة التي تضم تحالفاً دولياً يحوي أيضاً الولايات المتحدة، للحفاظ على الأمن الملاحي في البحر الأحمر".
من جهته، قال نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية، مختار الغباشي، لـ"العربي الجديد"، إن "الموقف صعب للغاية، لأن تهديد الحوثيين للملاحة الذاهبة لإسرائيل والآتية منها، صنع مشكلة خصوصاً أن الولايات المتحدة الأميركية والتحالف المنضم لها، يرى أن مهمته ليست حراسة الملاحة البحرية بشكل عام، لكن حراسة الملاحة الإسرائيلية، وهذا ما يخلق أزمة في تعاطي الحوثيين مع مسألة حرية الملاحة".
وأضاف: "نستطيع أن ننهي هذه الأزمة ببساطة إذا أوقفت إسرائيل إطلاق النار، وهذا ما يطلبه الحوثيون". وتابع: "أوقفوا المجازر التي ترتكب ضد الفلسطينيين في قطاع غزة، تنته أزمة الملاحة في البحر الأحمر لإسرائيل وغيرها".
وأسف لأن "هذا الأمر أدى إلى تأثر حركة الملاحة، وبالتأكيد في قناة السويس، خصوصاً أن مضيق باب المندب أحد الممرات التي تأثرت بشدة من هذا الأمر، وللأسف فإن تأثيره كبير على مصر، وهي في موقف صعب إلى حد كبير، لأنها معنية بأن تكون خطوط الملاحة طبيعية ومؤمنة ولا تتأثر حركة الملاحة في قناة السويس، لكنها أمام طرف حوثي متعاطف إلى حد كبير مع الفلسطينيين وينادي بموقف عادل وهو إيقاف المجازر والاعتداءات على الفلسطينيين، لينتهي استهداف السفن، وهذا إلى حد كبير يضع مصر أمام أزمة تحتاج إلى حرفية كبيرة للتعامل معها".