قال مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير عبدالله الأشعل، أن "حدود الرد الأمريكي والغربي والإسرائيلي المتوقع على عملية خطف "الحوثي" للسفينة الإسرائيلية، هو عدم توسيع الصراع، فهم لا يريدون استدراج إيران للمعركة التي ستحسمها طهران لصالحها وضد ’إسرائيل’".
وفي حديثه لموقع ـ"عربي21"، توقع الأشعل، أن "تحاول أمريكا وأوربا وإسرائيل لاحقا السيطرة على مضيق باب المندب، والاستعانة بمصر والسعودية لتشكيل قوة لتأمين السفن الإسرائيلية"، مضيفا أنه "بهذا ينتقل الصراع إلى المضيق".
ويعتقد الأشعل، "تلاقي الموقف السعودي والإماراتي والمصري، مع الأمريكي والإسرائيلي"، مشيرا إلى أن "ما قد يحدث من تطورات وأحداث سيؤثر على وضع قناة السويس وستكون عرضة للخطر مع حدوث أية اضطرابات بباب المندب"، متوقعا "توقف الملاحة بها".
وختم حديثه بالتأكيد على أن "عملية ’الحوثي’ كشفت إمكانية عزل ’إسرائيل’ وتقليم أظافرها"، مبينا أن "تل أبيب مرعوبة جدا من تلك العملية، ولا تعرف أبعادها، ولا كيف تؤمن سفنها ولا تلك القادمة لها، خصوصا أن ’الحوثي’ أطلقت إنذارها للسفن".
من جانبه، قال الباحث المصري في الشؤون الأمنية أحمد مولانا، إن "عملية احتجاز ’الحوثي’ للسفينة الإسرائيلية حدثت ضمن مسار التصعيد المتدرج الذي تتبناه إيران والجماعات الحليفة لها بهدف تخفيف الضغط عن غزة".
مولانا، أضاف لـ"عربي21"، أن "الحادث يمثل الواقعة الأبرز خارج فلسطين منذ اندلاع الحرب على غزة، إذ يهدد الملاحة الإسرائيلية بالبحر الأحمر، والتي تمثل شريانا استراتيجيا لميناء إيلات".
ولفت إلى ملاحظة لافتة تتمثل "في حالة الصمت الغربي حتى الآن"، متوقعا أن "هذا يعود لحالة الارتباك"، مبينا أن "الرد العنيف على الحوثيين سيؤدي لمزيد من التصعيد، والتجاهل سيشجع ’الحوثي’ على معاودة تنفيذ عمليات شبيهة".
وأكد الباحث المصري أن "منطقة باب المندب تمثل شريانا استراتيجيا لنقل النفط والغاز المسال من الخليج لأوروبا، والتجارة من الهند والصين لأوروبا والأمريكتين، وبالتالي فالتصعيد والتوتر فيه يؤثر على الاقتصاد العالمي".
ويظن أن "الغرب سيحاول أولا نقل رسائل تهديد للحوثيين ويطالبهم بالإفراج عن السفينة، كما أنه سيكثف من انتشار السفن والدوريات أمام السواحل اليمنية".
لكن مولانا لا يتوقع أن "يلجأ الغرب حاليا لتنفيذ عمليات عسكرية ضد الحوثيين، إذ قد يدفع ذلك باتجاه حدوث حرب إقليمية، ومستقبلا أتوقع تنفيذ ’إسرائيل’ اغتيالات ضد قادة الحوثيين".
وتحدث الخبير الدولي في إدارة الصناعات البحرية، الدكتور إبراهيم فهمي، لـ"عربي21"، عن حدود الرد الأمريكي والغربي والإسرائيلي المتوقع، وكذلك السعودي والإماراتي والمصري، واحتمالات التوجه الغربي للسيطرة على باب المندب، ونقل الصراع إلى المضيق الدولي، وتأثير ما قد يحدث من تطورات على وضع قناة السويس.
وقال إن "باب المندب من أهم المضايق البحرية عالميا لخطورة موقعه الجغرافي، ليس لإقليم الشرق الأوسط فحسب، ولكن تمتد أهميته شرقا وغربا كشريان رئيسي تمر منه نحو 12 بالمئة من حركة التجارة العالمية سنويا".
وأكد أنه "حال تعرضه لمخاطر أمنية أو بيئية أو عمليات عسكرية يتأثر مسار السفن من وإلى البحر الأحمر، وبحسب مقدار المخاطر يكون التأثير على حركة الملاحة بقناة السويس والموانئ المصرية ومينائي العقبة وإيلات، وهما المنفذان البحريان الوحيدان للأردن و’إسرائيل’ بالبحر الأحمر".
وأوضح الخبير المصري، أن "مصر أدركت وقوى إقليمية وكبرى منذ عقود مدى خطورة باب المندب، ودوره المؤثر استراتيجيا وأمنيا وعسكريا واقتصاديا وتجاريا، وإمكانية استخدامه ورقة ضغط عظيمة الفاعلية في الجيوبوليتيكس، وخطط فرض النفوذ والهيمنة".
ولفت إلى أنه "لفهم ذلك نعود لما بين 6 تشرين الأول/ أكتوبر، وحتى تشرين الثاني/ نوفمبر 1973، حيث أغلقت البحرية المصرية باب المندب، ومنعت حركة التجارة عن ميناء إيلات، ولم تصل سفينة نفط واحدة إلى ’إسرائيل’، وكانت حينها إيران المورد الأساسي للطاقة لها (18 مليون طن سنويا وقتها)".
وأضاف: "ما مثل ضغطا شديدا على ’إسرائيل’، في ظل استخدام دول عربية منتجة للنفط كسلاح، وقطعه عن الغرب، وارتفاع أسعاره من 8 إلى 40 دولارا للبرميل، ما شكل ضغطا على الموقف الغربي خصوصا مع دخول شتاء 1973".
وأشار إلى أنه "حينها أدركت ’إسرائيل’ خطورة الموقف وبمساندة أمريكا اللامحدودة استطاعت محاصرة الجيش الثالث بالسويس وقطع خطوط الإمداد اللوجستي عنه للجلوس على مائدة المفاوضات في وضع أفضل، ما اضطر الرئيس أنور السادات للسماح بعبور سفينة نفط من مضيق باب المندب إلى إيلات مطلع تشرين الأول/ نوفمبر 1973، مقابل تزويد الجيش الثالث بقليل من الماء والتموين".
وأكد فهمي، أنه "بعد تراجع الدور المصري في الإقليم بالعقود السابقة وخصوصا العقد الأخير، فقد تنامى الدور الإقليمي لتركيا وإيران و’إسرائيل’ لتتقاسم النفوذ البحري، مع استخدام ’إسرائيل’ دولا وشركات عربية كأدوات لها بالصراع، ما قابله استخدام إيران لأذرعها الإقليمية باليمن ولبنان والعراق وسوريا لتطويق الإقليم".
ويرى أن "عودة أوراق الضغط القديمة للواجهة أمر طبيعي، ومنها مضيق باب المندب، كأداة لتقليم أظافر وعزل "إسرائيل" تم استخدامها بنجاح ساحق عام 1973، لكن مع الفارق العجيب الذي أحدثه مرور نصف قرن، فمن يقوم بذلك هم جماعة الحوثي ذراع إيران باليمن، ومن اشتبك مع "إسرائيل" ودمر سمعتها العسكرية هي المقاومة الفلسطينية الشجاعة".
وفي توقعاته لرد الغرب و"إسرائيل" على حادثة اختطاف سفينة شحن المركبات "جالاكسي ليدر" المملوكة جزئيا لرجل أعمال إسرائيلي، أشار أولا إلى "المفارقة الأعجب أن مسار السفينة الأسبوع الماضي من تركيا لميناء بورسعيد، وعبور قناة السويس نحو الهند".
وأضاف: "ورغم الاحتياطات التي تستخدمها "إسرائيل" في إخفاء هوية السفينة الرقمية وقت عبور المضيق واحتياطات أمنية واستخباراتية؛ قام "الحوثي" بعملية قرصنة للسفينة باستخدام طائرة هليوكوبتر وزوارق، ما عمق مشكلة مديري الاستخبارات في عمل تغيير للكارير، حيث متوقع خضوعهم للتحقيقات".
وقال إن "الأمور أصبحت تقاس بميزان الذهب، فأي خطأ صغير قادم في تحليل الإشارات والمواقف والإنذارات المبكرة قد تدفع لتنامي احتمالات انزلاق أحد الأطراف لعمل متهور يخل بمبدأ توازن الرعب".
ولفت إلى أن "إيران تعلن بشكل غير مباشر عن طريق اختطاف السفينة أن محاولة الاعتداء على جنوب لبنان سيقابلها تحول مضيق باب المندب لمنطقة ساخنة للصراع بدأت فعليا بعد قرصنة السفينة، بمضاعفة شركات التأمين على السفن والبضائع للرسوم".