كشف سفير اليمن لدى منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة "يونسكو"، محمد جميح، مساء الخميس، عن مخطط لجماعة الحوثي لهدم وإزالة المعالم الأثرية في مدينة "صنعاء القديمة" المدرجة على قائمة التراث الثقافي العالمي، وبناء مزار لعلي بن أبي طالب على أنقاضها.
وقال جميح عبر حسابه بموقع "تويتر"، إن الحوثيين يخططون لهدم عدد من الأسواق والمحلات التجارية في صنعاء القديمة ( الواقعة وسط العاصمة التي يسيطرون عليها)؛ تمهيداً لبناء عدد من المباني على شكل قباب وملاحق في الساحة التي سينشئونها، بهدم تلك المحلات التقليدية الخاضعة للحماية الدولية.
وأضاف السفير اليمني: "يزوّر الحوثيون التاريخ، ويقولون إن الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه جاء إلى صنعاء، وإن اليمنيين بايعوه في الساحة المذكورة، وهذه فرية يعرفها أقل الناس اطلاعاً على التاريخ"، على حد قوله.
وأشار إلى أن الهدف من إنشاء "المزار" الجديد أيديولوجي واقتصادي وسياسي، متابعا بالقول: فالحوثيون وبعد أن "أكلوا الطعام من أفواه الجياع، يريدون سرقة أموال اليمنيين باتخاذ هذا المبنى الجديد مزاراً على شاكلة المزارات والأضرحة الإيرانية، ثم التبرع "لوقف الإمام علي بن أبي طالب" المقرر إنشاؤه على الطراز الإيراني. اظهار أخبار متعلقة
كما لفت الدبلوماسي اليمني الانتباه إلى أن البعد العقدي والأيديولوجي واضح من بناء هذه القبة أو القباب، وكذا الأبعاد السياسية.
وقال إنه ومع الزمن يريد الحوثيون وداعموهم أن يحولوا صنعاء التاريخية من رمز يمني ظل اليمنيون يفاخرون به كمنتج للتراكم الحضاري إلى مزار ديني بلون طائفي لهذه الجماعة، التي تحاول إعادة التاريخ للوراء.
وأوضح السفير اليمني لدى يونسكو أنه من قبل أقدم الحوثيون على هدم جامع النهرين في صنعاء القديمة، وهو جامع يرجع تاريخ بنائه إلى عصر صدر الإسلام، بدعوى أن محرابه كان مائلاً عن اتجاه القبلة، على اعتبار أن صلاة اليمنيين في الجامع لقرون طويلة كانت إلى غير القبلة، قبل أن يأتي "أهل القبلة الجدد" لتحديد اتجاهها الصحيح.
وحسب جميح، فإن الحوثيين خططوا أيضا لبناء ما أسموه "بوابة شعوب" التي كانت مشروعاً أراد بعض الفاسدين في الجماعة أن يستثمر في بنائه، رغم أنه لم يعد هناك وجود لأي أثر لتلك البوابة التي رفضت اليونسكو استحداثها لتأثيرها على الطابع التراثي للمدينة.
وتعد مدينة صنعاء القديمة واحدة من المدن التاريخية اليمنية المدرجة ضمن قائمة التراث العالمي منذ 1986، إلا أنها باتت مهددة بالشطب من تلك القائمة، بسبب العبث والدمار الذي طال مبانيها الأثرية، والتي يعود بناؤها إلى القرن الخامس قبل الميلاد.
وأكد: "اليوم يسعى الحوثيون لهدم مئات المباني في الأسواق التاريخية لعاصمة اليمنيين"، داعيا في الوقت ذاته إلى "حراك دولي تقوده اليونسكو والمؤسسات ذات الصلة في اليمن وخارجه، لمنع هذه الخطوة الانتهازية المفضوحة"، وفق تعبيره.
وحذر من خطورة هذا المخطط من قبل الحوثيين على مدينة صنعاء التاريخية، وقال: "إذا ما أقدم الحوثيون على مذبحتهم في حق مئات المحلات التقليدية في صنعاء القديمة بهدمها، فإنهم سيمهدون الطريق لإخراج هذه المدينة من قائمة التراث العالمي". اظهار أخبار متعلقة
وحمل السفير اليمني لدى المنظمة الدولية الجماعة الحوثية المسؤولية عن هذه الجريمة أمام المؤسسات الدولية واليمنيين جميعا.
ولم يصدر أي توضيح أو بيان من قبل جماعة الحوثي، فيما لم يتسن لـ"عربي21" الحصول على تعليق من قيادات في الجماعة بشأن هذا الأمر.
وكان القيادي في حزب المؤتمر الشعبي العام والسفير السابق في لبنان، فيصل أمين أبو راس، قد وجه قبل يومين نداء استغاثة إلى كل أبناء اليمن وسكان العالم والمنظمات الإنسانية، لإنقاذ صنعاء القديمة من مخطط حوثي لهدم عدة أسواق فيها بحجة أنها وقف للصحابي علي بن أبي طالب.
وقال أبو رأس في "تويتر" إن الجماعة قررت هدم وإزالة أسواق "الحلقة والمحدادة والمنقالة"، في صنعاء القديمة.
وحسب الدبلوماسي اليمني السابق، فإن هذه الأسواق التي تقرر إزالتها نهائيا تضم 500 حانوت"، بهدف إنشاء ساحة كبيرة يقام في وسطها مبنى بشكل قبه، وجعلها مزارا، كون هذا المكان وقف فيه الإمام علي ابن أبي طالب، رضي الله عنه، عندما جاء إلى اليمن وصنعاء والتف حوله اليمنيون ليدعوهم إلى الإسلام.
وأكد القيادي في حزب المؤتمر على أن المخطط أصبح جاهزا، داعيا إلى التكاتف لإجهاض هذا المخطط من قبل الحوثيين.
وكانت منظمة اليونسكو قد منحت السلطات اليمنية، في شباط/ فبراير 2018، مهلة عامين إضافيين لمنع شطب المدينة من قائمتها للتراث العالمي، لتلافي الأضرار الكبيرة التي لحقت بطابعها المعماري، إما بالهدم والخراب جراء السيول، أو التشويه بإضافة مواد بناء جديدة غير مطابقة لمواصفات هذه المدينة العريقة.
وتشير تقديرات غير رسمية إلى أن ما يزيد على مئتي منزل في صنعاء القديمة بحاجة إلى تدعيم عاجل، وأكثر من 160 منزلا يحتاج إلى تسقيف وإعادة بناء، بالإضافة إلى نحو ألف و470 منزلا بحاجة لترميم وصيانة.