بعد أكثر من 14عاماً من إعلان خلو اليمن من شلل الأطفال، عاود الفيروس التفشي في شمال البلاد، في ظل حرب خفية وسياسة معادية تقوم بها ميليشيات الحوثي المدعومة من إيران على اللقاحات.
وبين الحين والآخر تظهر ملامح تفشي الأوبئة والفيروسات في مناطق الجماعة، نتيجة لتلك السياسات المعادية التي تنتهجها في مناطق سيطرتها، سواء في ما يتعلق بالحملة الدعائية في المجتمع ضد اللقاحات وخطرها كما تدعي، أو منع دخول اللقاحات إلى المحافظات الخاضعة لها ومصادرتها .
وعاود أول ظهور لتفشي فيروس شلل الأطفال في محافظة صعدة، معقل الجماعة وهي المحافظة الأولى التي أحكمت سيطرتها عليها منذ وقت مبكر، وتنفذ فيها موقف واضح من كل اللقاحات الطبية، على عكس المناطق والمدن الأخرى التي يتفاوت فيها نفوذها وقبولها السياسي، وهو الحال مع محافظة حجة المحاذية لها في شمال غربي اليمن، حيث عادت الحصبة الألمانية إلى بعض مناطقها وتعيش وضعاً صحياً صعباً كما الحال مع بعض الحالات في مشافي صنعاء، حيث استقبلت عشرات الأطفال المصابين بـ"الحصبة" و"الجدري".
مؤامرة يهودية لقتل البشر! من جانبها أعلنت وزارة الصحة بالحكومة الشرعية، تسجيل 228 حالة إصابة بفيروس شلل الأطفال خلال العامين الماضيين، محملة ميليشيا الحوثي مسؤولية عودة الوباء إلى التفشي في البلاد بعد أكثر من 15 عاماً على إعلان خلوها منه.
ووفقاً لإحصائية نشرتها الوزارة، فقد سجل خلال العامين 228 حالة إصابة، 68 منها خلال عام 2021، و160 خلال عام 2022، يتركز معظمها في المحافظات الخاضعة لسيطرة ميليشيا الحوثي.
وامتداداً لسياسة مناهضة اللقاحات من قبل الجماعة نظمت منظمتان حوثيتان في صنعاء، ندوة بعنوان "خطورة اللقاحات على البشرية" بحضور عديد من قيادات الميليشيا على رأسهم رئيس حكومة الحوثي عبدالعزيز بن حبتور ووزير الصحة في الحكومة غير المعترف بها.
وركزت محاور الندوة على أن اللقاحات وجرع التحصين ليست آمنة ووصفتها بأنها "وسخ وسموم، ومؤامرة يهودية وفكرة شيطانية تهدف إلى قتل ملايين البشر".
في الندوة ذاتها شارك وزير الصحة في حكومة الحوثيين (غير المعترف بها) طه المتوكل، قائلاً إن وزارته تعتبر "اللقاح ليس إلزامياً بالمطلق"، وأن "من يصر عليه ويطالب به يتم منحه اللقاح على أن يتحمل المسؤولية"!
واعتبر المتوكل أن "عودة شلل الأطفال بعد أن كان قد انتهى منذ زمن بعيد أنه تم إدخاله إلى المحافظات الشمالية والجنوبية من قبل ’العدوان‘ (قوات تحالف دعم الشرعية)".
في السياق سألت "اندبندنت عربية" وزير الصحة في الحكومة الشرعية الدكتور قاسم بحيبح عن أسباب عدم وصول لقاحات شلل الأطفال إلى المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية في حجة شمال غربي اليمن، وهي مناطق تعاني الحصار والعزلة من قبل الحوثيين عن بقية اليمن ويوجد لها منفذ بري موقت مع السعودية حيث يقول بحيبح "في ما يخص مجال اللقاحات لدينا إشكالية مع الميليشيات الحوثية، بسبب منعها وصولها إلى عدد من المناطق ، فهي لديها نظرة وسياسات معادية للقاحات، نحن في المحافظات الأخرى الحمد لله اللقاحات متوفرة لكن كان لدينا إشكالية في توصيلها إلى هذه المناطق نتيجة وسيلة النقل، لأن للمنظمات اشتراطات معينة مثلاً تقول لقحنا جزءاً من السكان في المديريات الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية في حجة مثل لقاحات شلل الأطفال، والمديريات المجاورة لم يلقحوا فيها وهناك حركة سكانية سينتج منها مشكلات أكبر من احتمال انتشار وباء شلل الأطفال عند الأطفال الذين لم يلقحوا".
وأضاف "في لقاحات شلل الأطفال لا بد من تلقيح الأطفال جميعاً، ما ينفع التلقيح الجزئي فهو أخطر من عدم التلقيح".
وأعربت منظمة أطباء اليمن في المهجر عن قلقها البالغ إزاء الحملة الإعلامية للحوثيين، التي تدعو إلى منع تطعيم الأطفال باللقاحات الأساسية وترويجها لأطروحات غير علمية وغير حقيقية حول اللقاحات.
ونددت المنظمة بالتشجيع الممنهج من قبل السلطات الصحية في صنعاء لتلك الحملة، التي تؤدي إلى انخفاض تغطية التطعيمات في المناطق المتضررة.
وحذر البيان، من أن ذلك يؤدي إلى زيادة حالات الأمراض المشمولة باللقاح، مثل التهاب السحايا والتهاب الرئة والدفتريا والسعال الديكي ومرض شلل الأطفال، التي يمكن أن تتسبب في مضاعفات خطرة وإعاقات دائمة أو حتى الوفاة.
مصر تفرض لقاح شلل الأطفال
وكشف تعميم صادر عن الخطوط الجوية اليمنية عن أن جمهورية مصر العربية اشترطت حصول الأطفال المسافرين من اليمن إليها على لقاح لفيروس شلل الأطفال جاء هذا القرار بعد منع السلطات الصحية للقاحات في صنعاء، وعقب تقارير تتحدث عن عودة الفيروس إلى البلاد إثر حملات الحوثي على اللقاح والتضييق على حملات التطعيم في مناطق سيطرتها.
وأكد التعميم أن الخطاب موجه إلى جميع المسافرين اليمنيين نحو جمهورية مصر العربية أو الزائرين الذين قضوا أربعة أسابيع أو أكثر في اليمن، فاعتباراً من الإثنين 27 فبراير (شباط) عليهم الحصول على جرعة من لقاح شلل الأطفال الفموي الثنائي التكافؤ (BOPV) أو الحصول على لقاح شلل الأطفال سولك المعطل (IPV) قبل الوصول إلى الأراضي المصرية، وذلك بموجب تعميم من السلطات.