حذرت مصادر طبية يمنية عاملة في مناطق سيطرة الانقلابيين الحوثيين من كارثة صحية تواجهها البلاد، في ظل منع الانقلابيين لقاحات أمراض الطفولة القاتلة، وعودة ظهور أمراض كانت البلاد قد أعلنت خلوها منها منذ عشرات السنين.
وقالت المصادر إن المنشآت الطبية سجلت إصابة المئات بشلل الأطفال والآلاف بمرض الحصبة، كما أصيبت أعداد أخرى بمرض الجدري، وتأتي هذه البيانات متزامنة مع حملة تحريض يقودها إعلام ودعاة ومسؤولو الميليشيات ضد اللقاحات، وتصويرها باعتبارها مؤامرة غربية. مصادر طبية في صنعاء ذكرت لـ«الشرق الأوسط» أن مجموعة أمراض الطفولة والأمراض الوبائية التي كان اليمن قد تخلص منها عادت للظهور بشكل كبير، وأنه تم تسجيل مئات الإصابات بمرض شلل الأطفال، وأن مرضي الحصبة والجدري عادا للظهور بقوة ووصلا إلى أحياء العاصمة، بعد أن كان ظهورهما مقتصرا على المناطق الريفية المحيطة بها.
وتشير تقديرات المصادر الطبية إلى وجود الآلاف من الأطفال المصابين بهذا الوباء الذي يمكن الوقاية منه عبر اللقاحات، فيما ذكرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة «يونيسيف» منتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أن 15 طفلاً فارقوا الحياة خلال العام الماضي نتيجة إصابتهم بالحصبة، وأنه وفي النصف الأول من العام الماضي تم تسجيل إصابة ما يقارب 1400 طفل، توفي منهم 15 بسبب المرض في 7 محافظات.
واستنادا إلى بيانات وزارة الصحة في حكومة الانقلاب فقد سجل خلال العام الماضي أكثر من 18 ألف إصابة بمرض الحصبة، حيث توفي جراء ذلك 131 طفلا، فيما حذر ثلاثة أطباء في مناطق سيطرة الميليشيات اتصلت بهم «الشرق الأوسط» من أن البلاد مقبلة على أكبر كارثة في تاريخها، إذا ما استمر منع اللقاحات ضد أمراض الطفولة القاتلة، وحملة التحريض ضد اللقاحات التي يقودها دعاة ومسؤولو الميليشيات في المؤسسات التعليمية، والمساجد ووسائل إعلامها، وتصويرها باعتبارها مؤامرة غربية.
وقالت المصادر إن زعيم الميليشيات عبد الملك الحوثي شارك في الحملة التي تستهدف اللقاحات، وقال إن الأميركيين ومن معهم يقومون بنشر الأمراض والجائحات بواسطة الفيروسات المتنوعة، ويعملون على بيع الأدوية واللقاحات غير المأمونة، والتي تتسبب في حدوث أعراض صحية، وتنتشر في أوساط المجتمعات وفق زعمه.
من جهته، قال القيادي الحوثي طه المتوكل وزير الصحة في حكومة الانقلاب التي لا يعترف بها أحد إن اللقاح ليس إلزامياً بالمطلق، وإن من يصر على طلب اللقاحات عليه أن يتحمل المسؤولية.
ونددت وزارة الصحة في الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً برعاية مثل هذه الخرافات، التي قالت إنها تهدد مستقبل أطفال اليمن في مناطق سيطرة الميليشيات، وتترك مصيرهم تحت رحمة خرافات المشعوذين، في الوقت الذي أجمع العالم كله على الطب المبني على الأدلة العلمية. مؤكدة أن الترويج للأفكار الظلامية التي لا تقيم اعتباراً لسلامة اليمنيين وحياة ومستقبل أطفالهم كارثة يجب أن يتصدى لها الجميع. هذه التحذيرات واكبها تأكيد كريستوس كريستو الرئيس الدولي لمنظمة «أطباء بلا حدود»، حيث أكد أن اليمن يشهد ارتفاعا في معدلات الأمراض التي يمكن الوقاية منها، مشيرا إلى صعوبة وصول المرضى المحتاجين للرعاية للخدمات، بسبب استمرار انعدام الأمن.
وقال خلال زيارته إلى مستشفى المخا في محافظة تعز: «في عام 2009 كنت في اليمن والآن عدت، ألاحظ اختلافاً في كثير من الأشياء، الاحتياجات ضخمة».
وأضاف «نشهد ارتفاع معدلات الأمراض التي يمكن الوقاية منها، كما يواجه الناس تحديات كبيرة في الوصول إلى الرعاية الصحية». وتعهد بأن تكون هذه القضايا في صميم محادثاته مع السلطات في البلاد، ونقل عن عدد من المرضى شكواهم من صعوبة وصولهم إلى المستشفى؛ نظراً للرحلات الطويلة والمكلفة التي يتكبدونها على طرق وعرة وغير سالكة في ظل الانكماش الاقتصادي.
وأوضح كريستو أن استمرار انعدام الأمن يجعل الوصول صعباً بالنسبة للمرضى المحتاجين إلى الرعاية، وكذلك بالنسبة إلى المنظمات الإنسانية، مطالبا بتوفير الحماية للمرافق الطبية، وسيارات الإسعاف، والعاملين في مجال الرعاية الصحية، والمرضى والقائمين على رعايتهم، خصوصاً عند وقوع أحداث عنيفة.