ردت الميليشيات الحوثية في اليمن، على الانتقادات الموجهة لها بخصوص الانتهاكات المتصاعدة بحق النساء اليمنيات، بمزيد من القيود على حركة الإناث وتنقلهن وعملهن، رغم المطالبات الدولية والأممية برفع كل القيود المفروضة على النساء والفتيات اليمنيات، والسماح لهن بحرية التنقل والتعبير والصحة والعمل.
وفي حين طالت التعسفات الحوثية الجديدة عديداً من النساء في صنعاء العاصمة، وبقية المناطق الخاضعة تحت سيطرت الجماعة، انتقد خبراء حقوقيون تابعون للأمم المتحدة، الانتهاكات الحوثية الممنهجة جميعها ضد النساء والفتيات اليمنيات، ومنعهن من حقوقهن في التنقل والتعبير والصحة والعمل.
ويقول حقوقيون يمنيون، في صنعاء، إن تصعيد الجماعة في الآونة الأخيرة ضد النساء اليمنيات في صنعاء وغيرها شمل الاعتداء، وفرض عقوبات ضد نساء، وإصدار أوامر اعتقال قهري بحق أخريات، إضافة إلى حرمان أخريات من أقل الحقوق، وارتكاب جرائم قتل وإصابات جسدية بحق بعض النساء، إلى جانب الاختطاف والاعتقال التعسفي.
وأشارت المصادر الحقوقية إلى تعرض مئات النساء والفتيات، في مناطق سيطرة الانقلاب، لسلسلة لا حصر لها من الاعتداءات الحوثية، وُصف كثير منها بـ«الاعتداءات الوحشية» على مدى الأشهر الماضية.
وتمثَّل آخر تلك الاعتداءات في إصدار الميليشيات الانقلابية أوامر اعتقال قهري بحق سيدة أعمال يمنية وبعض من أفراد أسرتها في صنعاء.
ووفقاً لمصادر حقوقية، أصدرت الميليشيات، عبر ما تسمى نيابة استئناف جنوب شرقي الأمانة الخاضعة للانقلاب في صنعاء، أمر قبض قهري بحق سيدة الأعمال فتحية المحويتي، وعدد من أفراد أسرتها، بعد توجيه تهم لها بتبديد أكثر من 170 مليار ريال يمني مملوكة لمساهمين في شركة تابعة لها (الدولار نحو 560 ريالاً).
وأظهرت صورة تداولها ناشطون على منصات التواصل الاجتماعي الأمر الذي أصدرته المحكمة الحوثية في صنعاء، الذي نص على سرعة إلقاء القبض القهري على سيدة الأعمال، وثلاثة من أفراد أسرتها.
وسبق ذلك بيومين تعرض إحدى العاملات التربويات في صنعاء للتهجم والاعتداء على أيدي مسلحين انقلابيين، بناء على مزاعم ومبررات حوثية غير منطقية.
وأكدت تقارير محلية تعرض معلمة تدعى منى الرداعي، وتعمل وكيلة مدرسة التضامن الأساسية في صنعاء، للاعتداء والتهجم عليها داخل مكتبها؛ بسبب رفضها تلقين الطلاب دروساً حوثية تعبوية.
وسبق للتربوية الرداعي أن حذرت، غير مرة، طلابها بتلك المدرسة من خطورة تلقي الدروس الحوثية الطائفية، أو الاستماع إلى محاضرات زعيم الميليشيات عبد الملك الحوثي، ومن التعامل مع المناهج المفخخة المستوحاة من ملازم مؤسس الجماعة، حسين الحوثي، التي تسعى الجماعة من خلالها إلى غسل أدمغة الطلاب بأفكارها المتطرفة.
وأدانت أوساط حقوقية ومجتمعية في صنعاء التعسفات المستمرة بحق النساء اليمنيات في مناطق سيطرة الجماعة، وجددت مطالبتها المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية بالوقوف الجاد في مواجهة ما تتعرض له نساء اليمن من قتل وتنكيل واضطهاد وعنف وحرمان من أبسط الحقوق من قبل ميليشيات الانقلاب الحوثية. في سياق ذلك، انتقد خبراء حقوقيون تابعون للأمم المتحدة، الانتهاكات الحوثية الممنهجة بحق النساء والفتيات كافة في مناطق سيطرة الميليشيات، واستعرض الخبراء في كتاب حمل عنوان: «الانتهاك الحوثي المنهجي لحقوق النساء والفتيات»، كيف تُضطر الجهات الإنسانية إلى وضع اسم محرم لدى تقديم طلب سفر أي موظفة يمنية إلى مناطق سيطرة ميليشيات الحوثي.
وأشار الخبراء إلى أن ما تسمى «الهيئة العامة لتنظيم شؤون النقل البري»، التابعة للحوثيين، وسّعت نطاق القيود في أغسطس (آب) 2022، فلم يعد يُسمح للنساء بالسفر دون محرم إلى أي مكان داخل المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، أو إلى المناطق التي تسيطر عليها الحكومة اليمنية، أو إلى خارج البلاد.
وبيّن الخبراء الدوليون أن عديداً من الموظفات العاملات مع جهات إنسانية، قدمن استقالاتهن وحُرمن من مدخول أساسي لعائلاتهن؛ بسبب عدم وجود محارم لديهن لمرافقتهن أثناء السفر، لافتين إلى أن من ضمن تلك القيود منع النساء والفتيات من الحصول على المساعدات الإنسانية.
وكانت وسائل إعلام يمنية تداولت بعضاً مما ورد في الكتاب الصادر عن مجموعة الخبراء الحقوقيين التابعين للأمم المتحدة.
على الصعيد نفسه، نقلت منظمة العفو الدولية عن بعض العاملات في المجال الإنساني، قولهن: «إن ميليشيات الحوثي تفرض قيوداً على سفرهن إلى مختلف المحافظات اليمنية للقيام بعملهن». وأوضحت المنظمة أن النساء اليمنيات العاملات مع جهات إنسانية، بما فيها هيئات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية، قلن إن الانقلابيين يفرضون قيوداً على سفرهن إلى مختلف المحافظات للقيام بعملهن.
واتفق الخبراء وعديد من المنظمات الدولية على ضرورة أن تنهي ميليشيات الحوثي الانقلابية، على الفور، قيودها التعسفية المفروضة بحق النساء في حرية التنقل، وحرية التعبير والصحة والعمل.
وكان تقرير حقوقي حديث صادر عن «تحالف النساء من أجل السلام في اليمن» اتهم الميليشيات الحوثية بارتكاب أكثر من 1893 واقعة اختطاف وتعذيب واغتصاب ضد النساء اليمنيات منذ ديسمبر (كانون الأول) 2017 وحتى أكتوبر (تشرين الأول) 2022، بينهن قاصرات، بسجون المباحث الجنائية التي تسيطر عليها الميليشيات، إضافة إلى سجون «الأمن والمخابرات».