لم تكن اليمن في منأى عما يجري من احداث سياسية في المنطقة كونها تمثل حجر الزاوية في الأمن البحري، ومن خلال متابعتي للقاء رئيس مجلس القيادة الدكتور رشاد العليمي بالرئيس الصيني شيى جين بينغ خلال قمم الرياض الاسبوع الفائت.. هناك دلالات ومؤشرات لهذه القمة الصينية الخليجية – العربية.
كون دولة الصين تعرف اليمن واهميتها الجيوسياسية في استقرار الأمن البحري الدولي، كما ان الصين بسياستها المتوازنة في المنطقة والقائمة على المصالح المتبادلة قد اعطت اليمن اهمية خاصة في ظل الظروف الامنية والسياسية المعقدة التي تمر بها اليمن، وقد امسكت الصين العصا اليمنية من رأسها كونها تتعامل مع الشرعية المعترف بها دوليا، ولم تمسكها من الوسط لكي تلعب على حبل المتناقضات بغية تحقيق مصالح اطراف، معينة على حساب الوطن الكبير.
ان دولة بحجم الصين الشيوعية والاشتراكية الجديدة بمفهومها النهضوي ذات البعد الاقتصادي، البعيد عن توظيف الايدلوجيا في خدمة مشاريع الهيمنة والاستحواذ، استفادت وروسيا من اخطاء الماضي ونظرية الغاء حق الفرد للملكية الجماعية الى الموازنة بين حق الفرد، وحق المجموع، وانعكست هذه النظرية على كيفية هندسة العلاقات الدولية وبنائها وفق استراتيجية تحقق مصالح الدول ينسجم مع نظام عالمي، متعدد الاقطاب، يستفيد، من اخطاء الماضي.
وايضا استفادت كلا من الصين وروسيا من اخطاء الليبرالية الجديدة التي انتهجت سياسة ظاهرها القيم والاخلاق وباطنها الكيد والنفاق، ومارس الغرب سياسته القذرة في تدمير الامن القومي للشرق، الاوسط من خلال الدعم الباطن للجماعات والاقليات والمليشيات ذات الابعاد المذهبية المتطرفة والمناطقية المتعصبة، التي تزعزع الامن الداخلي بغية توسع الصراع في دول المنطقة تنفيذا لسياسة فرق تسد، اضف الى ذلك ان الليبرالية الجديدة تدعي الحفاظ على حقوق الانسان ومراعاة حق الاقليات وحقوق المرأة والطفل، لكن بطريقة تدميرية تشجع على الانقلاب والانفلات الامني وتزرع بذور الشقاق والاحتراب الاهلي، هذه السياسة المتربصة من جهة والمتآمرة من جهة اخرى استفادت منها دول الاشتراكية الجديدة وتحاول النأي بنفسها عن التدخل في شئون الدول او التعامل مع جهات ذات ابعاد خارجية مناوئة للأنظمة القائمة ، كونها تمثل خطرا مستقبليا على أمن واستقرار البلدان.
إن السياسة الخارجية للصين تعمل وفق استراتيجية بعيدة المدى ويجب ان تكون متوازنة لتحقيق اكبر قدر من الاستقرار الامني الذي، ينعكس ايجابيا على الجانب الاقتصادي كي ينمو ويزدهر. لقد تطابقت الرؤية الصينية مع روية الأشقاء في السعودية والكويت على ضرورة استقرار اليمن ووحدته وسلامة اراضيه،، والسعي للحل السياسي وفق الشرعية الدولية وقراراتها المعلنة، وبناء على هذه المعطيات كان لقاء رئيس مجلس القيادة بالرئيس الصيني الذي اعلن في مؤتمر الحزب الشيوعي الصيني السياسة الخارجية لبلاده والقائمة على مرتكزات احترام الدول وعدم التدخل في شئونها الداخلية والعلاقات وفق المصالح المشتركة، التي تحقق الشراكة المسئولة والبناءة،، وهذه المعطيات توحي بالنظرة الايجابية نحو اليمن واهميته في استقرار المنطقة ولابد ان تساهم الصين في، استقراره سياسيا واقتصاديا لكي يستقر امنيا، من خلال التاكيد على وحدة اليمن وسلامة اراضيه.
ومن الدلائل ايضا ان تكون اليمن حاضرة في الامن البحري كونها تمتلك اهم مضيق بحري لن يتحقق الأمن البحري للملاحة الدولية من دون يمن حاضر وقوي،وايضا عمق العلاقات التاريخية بين اليمن والصين، وهذه العلاقات ستشهد نموا مضطردا في ظل قيادة سياسية تمتلك ادوات بناء العلاقات وتمتينها، وايضا استفادت الصين من اخطاء سياسة الكيل بمكيالين والميز بميزانين احدهما اوكلاهما مختل التوازن لا يحقق مصلحة الطرف الأضعف في المعادلة، كما انها رسالة للجميع بان الامن الاقليمي القومي مشترك ويجب الحفاظ على الجميع من اجل سلامة الجميع.
كما ان هناك بوادر توحي بفشل هيمنة القطب، الواحد، وقد بدأت ملامح الغروب ، وشروق شمس عصر جديد، اكثر استيعابا لمفهوم القوة وانها ليست فقط في السيطرة والنفوذ، والتأثير لصالح الاقوى بل لابد ان يتحول مفهوم القوة الى التعاون والاحترام لكي تصبح القوة في متناول الجميع من اجل تحقيق المصالح المشتركة ومساعدة الطرف الاضعف لامتلاك القوة الاقتصادية وتبادل الخبرات وتعزيز فرص التعاون والشراكة.
وايضا العصر ليس عصر الاقوى فقط ولم تعد نظرية [دعه يعمل دعه يمر] قابلة لبناء عالم افضل لأنها ساهمت في اقصاء وتهميش الغالبية الساحقة من ذوي القدرات والطاقات والكفاءات، لذا لابد من تغيير قواعد هذه النظرية لتصبح دعنا نعمل دعنا نمر، دعنا نستفيد.
قد تلعب الصين دورا ايجابيا في العلاقات السعودية الايرانية وتوظيف الدبلوماسية الصينية في كيفية نزع فتيل الصراع الملتهب بين السعودية وايران، وان سياسة التدخل في شئون الدول الاخرى لعب بالنار في حقل بارود قد يؤدي لخسارة وتضرر الجميع، وعلي ايران ان تدرك ان خيوط، اللعبة قد، تتغير خاصة في ظل اضطرابات داخلية واقتصاد ضعيف ،وان دعم ميلشياتها قد يودي باقتصادها، وتغيير نظام الملالي المنبوذ عربيا ودوليا.
ختاما خطة الطريق والحزام رؤية ستعبر المحيط وستجعل العالم اكثر تعاونا اكثر تعايشا اكثر تماسكا، في ظل رؤية لا تجعلك تنتظر السمكة ولكن تعلمك كيف تصطادها.