ظهر التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية مجددا إلى الساحة السياسية عقب التطورات الأخيرة التي تشهدها محافظة حضرموت لا سيما في الوادي، وبسبب الصراع المحتدم والحاصل بين قيادة المنطقة العسكرية الأولى من جهة وقوات الانتقالي من جهة أخرى.
> دعم رسمي
هذا الظهور جاء عندما أعلنت قيادة التحالف العربي بوادي حضرموت صباح أمس الأول السبت دعمها للقوات العسكرية في قيادة المنطقة العسكرية الاولى والأجهزة الأمنية بمحافظة حضرموت.
هذا الإعلان جاء خلال لقاء تشاوري موسع دعت له قيادة التحالف وعقد بمقرها في مدينة سيئون بحضور اللواء صالح طيمس قائد المنطقة العسكرية الأولى وجمع غفير من القيادات الأمنية والعسكرية.
وفي اللقاء الذي عقد بمشاركة السلطات المحلية بالوادي وعدد من القيادات الحضرمية اكدت قيادة التحالف العربي دعمها لجهود امن واستقرار حضرموت ورفض أي تحركات تقلق السكينة العامة، وتجريم أي دعوة لجر المحافظة للصراعات عبر التجنيد خارج إطار الدولة أو الدعوة للتصادم مع الجيش والأمن.
كما تم طرح العديد من القضايا للأوضاع العسكرية والامنية والمعيشية والخدماتية ومناقشتها باستفاضة من قبل الجميع، وفي ختام النقاش تم الاتفاق على قضايا منها أن القوات المتواجدة في حضرموت الوادي والصحراء العسكرية تتبع وزارة الداخلية والدفاع والقرارات المتعلقة بها تتبع المجلس الرئاسي، كما تم رفض اي تدخلات في حضرموت الوادي والصحراء من أي كان.
هذا الموقف الذي أبداه التحالف العربي في وادي حضرموت من خلال إعلانه دعمه اللا محدود في سبيل امن واستقرار حضرموت ورفض أي تحركات تقلق السكينة العامة هل يعكس حالة الانقسام في المواقف بين حلفاء التحالف؟.
> الانتقالي يصر
يصر المجلس الانتقالي الجنوبي على إخراج قوات المنطقة العسكرية الأولى منذ فترة، حيث نفذت فصائل موالية للمجلس الانتقالي احتجاجات في معسكر المنطقة العسكرية الأولى في وادي حضرموت.
وأغلق أفراد اللواء 135 مشاة بوابة قيادة المنطقة العسكرية الأولى في مديرية سيئون، للمطالبة برحيل قائد اللواء يحيى أبو عوجاء، الذي يتولى منصب أركان حرب المنطقة العسكرية الأولى أيضا.
وجاءت هذه التحركات بعد انتهاء المهلة التي تم منحها من قبل قائد الهبة الحضرمية الثانية لقوات المنطقة العسكرية للانسحاب من وادي حضرموت إلى محافظة مأرب.
وقال بيان رسمي صادر عن اجتماع هيئة رئاسة المجلس الانتقالي: إن "مطالب أبناء المهرة ووادي حضرموت في إخراج تلك القوات العسكرية هي مطالب مشروعة، وتضمنها اتفاق الرياض".
وجدد البيان التأكيد على دعم تلك الاحتجاجات، ومساندة أبناء المهرة وحضرموت في مطالبهم بمنحهم حق إدارة محافظاتهم وتأمينها بقوات عسكرية من أبناء المحافظة".
> تصريحات أبو عوجاء.. ما هدفها؟
بعد تصعيد المجلس الانتقالي وتهديداته بطرد قوات المنطقة العسكرية الأولى من مديريات وادي وصحراء حضرموت أعلنت المنطقة العسكرية الأولى رفضها هذا التصعيد.
هذا الرفض جاء على لسان رئيس أركان المنطقة العسكرية الأولى قائد اللواء 135 مشاة العميد ركن يحيى أبو عوجاء حيث قال في تصريح خاص لقناة بلقيس إنه "في حال المبالغة في التصعيد فإن قوات المنطقة ستكون بالمرصاد، ولن تسمح بالعبث بالممتلكات العامة والخاصة". وأوضح أبو عوجاء أنه لا يوجد أي بند في اتفاق الرياض ينص على خروج المنطقة العسكرية من حضرموت.
وأشار في حديثه إلى أن قوات المنطقة لن تغادر إلا بقرار رئاسي، لافتا إلى أن وحدات المنطقة قدمت تضحيات في معاركها ضد الإرهاب إبان دخول عناصر تنظيم القاعدة إلى وادي حضرموت.
وسخر ابو عوجاء من إمكانية استخدام القوة لتنفيذ المطالب الشعبية بإخراج قوات المنطقة الأولى، حيث زعم بأنها واجهت عناصر التنظيمات الإرهابية خلال السنوات الماضية والتي وصفها بأنها "عناصر عقائدية تؤمن بالموت"، وعلق بالقول: "ما بالك بهؤلاء".
> استهجان واسع
لاقت تصريحات أبو عوجاء استهجانا وغضبا واسعا من أبناء المحافظة ونشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي الذين اعتبروها تهديدا واضحا بتفجير الوضع في وادي حضرموت، حيث استهجن رئيس الهيئة التنفيذية للمجلس الانتقالي الجنوبي في حضرموت سعيد أحمد المحمدي خلال اجتماع للهيئة، في المكلا، تصريحات أبو عوجاء، ووصفها بأنها مستفزة لإرادة أبناء المحافظة.
وسخر المحمدي من مبررات أبو عوجاء لبقاء قوات المنطقة العسكرية الأولى، بحجة حماية المحافظة، مؤكدا أن من يحتاج إلى الحماية والتحرير هي أرضهم وكرامتهم، التي امتهنتها جماعة الحوثي.
داعياً مجلس القيادة الرئاسي إلى الاستجابة لمطالب مواطني المحافظة، وإصدار قرار بإخراج المنطقة العسكرية الأولى بأفرادها من حضرموت، تنفيذا لاتفاق الرياض، مشددا على أهمية توحيد الصفوف والوقوف خلف قيادة الهبة الحضرمية الثانية.
كما أشار الصحفي أياد الشعيبي إلى أن تصريحات أبو عوجاء تثبت أن المنطقة العسكرية الأولى باتت قنبلة كبيرة وموقوتة تهدد استقرار حضرموت.. مضيفاً: بل ولأول مرة تتوعد علنا بقتال الحضارم، عوضا عن قتال الحوثيين.
الشعيبي وفي تغريدة له على تويتر حذر من تزايد خطورة مآلات الأوضاع في وادي حضرموت، التي قد تنفجر بأي لحظة، حسب قوله، مؤكداً بأن على المجلس الرئاسي أن يحسم وضعها، "قبل خراب مالطا".
وقال العميد الركن علي منصور الوليدي مدير دائرة التوجيه المعنوي لقوات المجلس الانتقالي إن تصريحات رئيس أركان المنطقة العسكرية الأولى صادمة، منتقدا توعده بالتحدي والتصدي لقوات المجلس الانتقالي.
وقال العميد الركن علي منصور الوليدي في تصريح ردا على تصريحات رئيس أركان المنطقة العسكرية الأولى: "تابعت باهتمام بالغ وكثيرون غيري من أبناء الجنوب التصريحات التحريضية المظللة والمؤسفة والصادمة لرئيس أركان الأركان المنطقة العسكرية الأولى العميد الركن أبو عوجاء وهجومه الإعلامي والتحريضي على المجلس الانتقالي الجنوبي غير المنطقي وغير المبرر الذي يتعارض كلية ومضامين اتفاق الرياض الذي تمخض عن حكومة الشراكة والمناصفة بين الحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي الجنوبي".
فيما قال الصحفي حسن بن سميدع إن تصريحات أبو عوجاء وفي هذا الوقت بالذات، تعطي مؤشراً كبيراً أن "قواته هناك تتلقى توجيهات ودعما قويا وإلا لما خرجوا بهذا التصريح الذي يشير إلى التحدي".
وأوضح بن سميدع أن تلك التصريحات تزامنت في ظل إعلان ساعة الصفر من قبل الهبة الحضرمية الثانية لإخراج المنطقة العسكرية الأولى وفقاً لاتفاق الرياض.
> هل اقترب موعد الرحيل؟
توقع مراقبون اقتراب موعد رحيل قوات المنطقة العسكرية الأولى من حضرموت والمهرة، مؤكدين أنها أيام فقط وستطرد هذه القوات كما حدث في شبوة وأبين.
فيما اعتبر سياسيون تصريحات أبو عوجاء بأنها محاولة للخروج بماء الوجه، عندما ذكر أن قوات المنطقة العسكرية الأولى، لن تخرج من حضرموت إلا بقرار رئاسي، مؤكدين أن خروج قوات أبو عوجاء انتصار جديد للهبة الحضرمية الثانية ونجاح التصعيد لإخراج قوات المنطقة العسكرية الأولى من الوادي.
يقول الكاتب السياسي صلاح السقلدي "ان المحافظتين (حضرموت والمهرة) الواقعتين في مربع الأطماع ستظلان خطا أحمر بوجه القوى المحلية يمنع الاقتراب منها أو التموضع فيهما إلّا شكليا لذر الرماد على العيون".
ويتساءل مراقبون هل يستطيع الانتقالي التقدم والتوغل في وادي حضرموت وإخراج قوات المنطقة العسكرية الأولى؟ ولماذا لم يتحرك إلى الآن؟ هل هناك من يمنعه؟ ويكبح جماح قواته؟ يجيب عن ذلك المحلل السياسي صلاح السقلدي فيقول: "التحالف ظل وما يزال يستخدم بوجه الانتقالي حق الفيتو من مغبة الاقتراب العسكري كثيرا بعمق الأرض الحضرمية وبالذات مناطق الثروات، وقد شاهدنا ذلك بوضوح قبل اشهر قليلة حين عزم الانتقالي على مواصلة زحفه باتجاه سيئون واتجاه المنطقة العسكرية الاولى بعد ان كان قد حقق تقدما في شبوة وقلص من نفوذ حزب الإصلاح هناك إلا أنه اصطدم بصخرة الرفض، والفيتو ذاته يرفعه التحالف بوجه الانتقالي في محافظة المهرة".
ويحاول التحالف أن يحكم قبضته على محافظة حضرموت من خلال فرض وجوده سياسيا عبر عملية التوازن بين كل الأطراف المتصارعة في وادي حضرموت بعد التصعيد المتسارع من قبل المجلس الانتقالي وتهديدات المنطقة العسكرية الأولى.