على خلفية اعتقالات وممارسات تعذيب بينية تخيم حالة من التوتر الشديد في مدينة إب الخاضعة لسيطرة الميليشيات الحوثية إثر تصاعد الصراع بين كبار قادة ومشرفي الأجهزة الأمنية للجماعة، بحسب ما أكدته مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط».
وكانت عناصر أمنية حوثية تعمل في قسمي شرطة «المخادر» و«مفرق حبيش» في إب قد أقدمت قبل أيام على احتجاز مسلحين اثنين تابعين لما يسمى فرع الشرطة العسكرية الخاضع لسيطرة الجماعة بذات المحافظة وباشرت حينها بممارسة أعمال تعذيب مختلفة بحقهما.
وأوضحت المصادر أن القيادي الموالي للجماعة المعين كقائد لفرع الشرطة العسكرية في إب المدعو عبد السلام حبيب وجه حديثاً لأفراد من قواته بتعقب واختطاف منفذي الاحتجاز ويدعيان سلام زياد، وشاكر حجر، المنتميين إلى قوات الأمن الحوثي العام ويعملان في قسمي شرطة المخادر ومفرق حبيش في نفس المحافظة.
وأشارت المصادر إلى أن قائد فرع الشرطة العسكرية الخاضعة للجماعة في إب كان قد بعث قبل أيام من وقوع الحادثة رسالة شكوى واحتجاج إلى المدعو أبو علي الكحلاني وهو أحد المرافقين الشخصيين لزعيم الميليشيات عبد الملك الحوثي وتم تعيينه حديثاً مديراً لأمن الجماعة في إب، يشكو له الاعتداء الذي طال عناصره، لكن الأخير قابل ذلك بإصدار تعليماته بإغلاق قسمي الشرطة لساعتين ثم التوجيه مرة أخرى بإعادة فتحهما.
في سياق ذلك، أفاد مصدر مقرب من أجهزة أمن الجماعة في إب لـ«الشرق الأوسط»، بأن العاملين في قسمي شرطة المخادر ومفرق حبيش التابع للميليشيات برروا اعتقالهم أفراد الشرطة العسكرية نتيجة ضلوعهم في ارتكاب جرائم سرقة.
وتوقع المصدر، الذي طلب حجب اسمه، أن تتفاقم حدة الصراع في مقبل الأيام بين قادة أجهزة أمن الميليشيات في المحافظة، في ظل إصرار قادة الشرطة العسكرية على المطالبة بتسليمهم عناصر الأمن التي احتجزت ومارست التعذيب بحق أفرادهم وهو الأمر الذي رفضه القيادي الحوثي الكحلاني الذي يدير قطاع أمن الجماعة في المحافظة.
وكانت تقارير محلية قد تحدثت عن انزعاج قوات ما تسمى الشرطة العسكرية عقب تلقيها معلومات باحتجاز عنصرين مسلحين تابعين لها على يد أقسام شرطة حوثية وتعرضهم للتعذيب والإهانة.
وذكرت أن ردود الأفعال التي زادت من حدة التوتر بين طرفي قوات الأمن العام وفرع الشرطة العسكرية التابعتين للميليشيات في إب، أخرجت مسؤول الأخيرة عن سيطرته ودفعته لإصدار توجيهات عاجلة لأفراده بملاحقة واعتقال المعتدين على عناصره.
وعلى الصعيد ذاته، تحدثت مصادر مطلعة في إب لـ«الشرق الأوسط»، عن تصاعد حدة الصراع بين قادة ومشرفي الميليشيات ووصول بعضها حد الاشتباكات البينية بمختلف الأسلحة في أكثر من منطقة بالمحافظة وذلك على خلفية عمليات ثأر وتصفيات جسدية وتقاسم منهوبات وغيرها.
وأشارت المصادر إلى أن وتيرة ذلك الخلاف لا تزال في اتساع وتصاعد مستمرين في ذات المحافظة التي تشهد منذ اجتياح الميليشيات لها انفلاتاً أمنياً غير مسبوق زادت معه معدلات الجريمة بمختلف أشكالها.
وكانت محافظات عدة تقبع تحت سلطة الجماعة الانقلابية قد شهدت على مدى الأيام والأسابيع القليلة الماضية موجة صراعات داخلية بين قيادات حوثية، إما بسبب السيطرة على مراكز النفوذ والسلطة، وإما بسبب الاستحواذ على ما جمع من أموال الجبايات والإتاوات المنهوبة.
وبحسب تأكيد تقارير محلية، فإن معظم النزاعات التي برزت بشكل واضح في السابق وحديثاً داخل صفوف وأجنحة الميليشيات الحوثية الموالية لإيران هي إما صراعات على أموال جمعت بطريقة غير قانونية وإما صراعات على الهيمنة والنفوذ والسلطة لجهة تقاطع مصالح القيادات، وتناقض أهدافها، وعدم وجود مشروع وطني أو رؤية موحدة تجمعها.
ويتهم سكان محافظة إب الميليشيات الحوثية باستمرار السعي لإغراق مركز المحافظة و22 مديرية تابعة لها بالفوضى العارمة عبر سماحها بانتشار وحمل مختلف أنواع الأسلحة ووقوفها خلف العصابات الإجرامية التي تبطش بالمدنيين، إلى جانب تعمدها إقحام السكان المشهود لهم بالسلمية في نزاعات بينية حتى تأمن أي انتفاضة شعبية تطالب برحيلها واجتثاث سلطتها.
ويرى المراقبون أن الصراع الحوثي البيني في إب وغيرها من مناطق سيطرة الجماعة تعود جميعها إلى بروز خلافات كثيرة حول كيفية تقسيم عوائد الإتاوات والجبايات التي فرضت بطرق غير قانونية على المواطنين.