لم تكتف الميليشيات الحوثية بالتدمير المنظم طيلة 7 أعوام ونيف للقطاع الصحي وحرمان ملايين اليمنيين من الحصول على أقل الخدمات الطبية، ولكنها وسعت من حجم ذلك الاستهداف والتدمير ليطال مئات المنشآت الخاصة في صنعاء ومدن أخرى تحت قبضتها من خلال حزمة من القرارات التعسفية.
وفي هذا السياق أفاد عاملون في القطاع الصحي بصنعاء لـ«الشرق الأوسط»، بأن القيادي الحوثي طه المتوكل المعين وزيرا للصحة بحكومة الانقلابيين غير المعترف بها، أصدر قبل أيام سلسلة قرارات وصفت بـ«الابتزازية» واستهدفت عشرات المستشفيات والمراكز الطبية الخاصة في مناطق سيطرة الجماعة.
وذكرت المصادر أن بعض قرارات الميليشيات تضمنت إغلاق أقسام العمليات والعناية المركزة والرقود في 29 مستشفى خاصا وأقسام العمليات في 88 مستوصفا ومركزا طبيا، مشيرين بذات الصدد إلى أن القرارات تعد حصيلة لسلسلة نزول ميداني رافقه حملات ابتزاز ونهب بحق أكثر من 175 مستشفى و115 مستوصفا أهليا.
وأفصح العاملون الصحيون عن توجيه صحة الميليشيات في صنعاء إنذارات لـ100 مستشفى ومثلها لمائة مستوصف أهلي، بذريعة حصولها على تقييم حوثي نسبته 60 في المائة، وهي نسبة مرتبطة بمدى الخضوع لدفع الجبايات، وتقديم الخدمات المجانية لعناصر الميليشيات.
وذكرت المصادر أن ذلك الاستهداف يأتي بسياق ما تقوم به الجماعة حاليا من عملية تقييم جديدة لمنشآت الصحة وهي الثالثة من نوعها خلال أقل من ثلاث سنوات ماضية، ولا تخضع لأدنى المعايير الطبية المتبعة بكافة دول العالم.
في سياق متصل، نقلت مصادر طبية في صنعاء عن القيادي الحوثي المدعو طه المتوكل، وهو أحد معممي الميليشيات ومن أشدهم تعصبا، قوله إن «تلك القرارات تأتي في إطار عملية تقييم جديدة وواسعة لمئات المنشآت الطبية في صنعاء وبقية المحافظات». وإنه هدد باستمرار استهداف المراكز والمستوصفات التي تشملها بعد عمليات الابتزاز.
وكانت الميليشيات أعلنت خلال فعالية نظمت مؤخرا في صنعاء العاصمة عما يسمى نتائج الدورة الثالثة من عملية تقييم للمنشآت الطبية الخاصة في مناطق سيطرتها. وركز خطاب القيادي المتوكل خلال الفعالية على تكرار الدعوة لملاك ومديري المشافي والمراكز التشخيصية الأهلية لتقديم الاهتمام الخاص وتوفير الرعاية الطبية الكاملة لجرحى الميليشيات وأسرهم، وكذا لأسر وذوي القتلى في الجبهات دون غيرهم من المرضى اليمنيين.
وسبق للانقلابيين الحوثيين قيامهم بإغلاق أكثر من 8 مستشفيات أهلية وخاصة وسحب تراخيصها، في حين أغلقوا قسمي العمليات والعناية المركزة في 25 مستشفى أهليا وحكوميا، جميعها واقعة في العاصمة صنعاء. كما أغلقت الميليشيات في إطار مرحلة الاستهداف الثانية، نحو 110 منشآت طبية خاصة في العاصمة، منها 86 منشأة بشكل كلي، و24 بشكل جزئي، وسحب تراخيص العشرات من المراكز الصحية. وجاءت تلك الممارسات الحوثية بحق ما تبقى من ذلك القطاع بهدف ابتزاز مالكيها وإجبارهم على دفع جبايات غير قانونية لعناصر الميليشيات، تحت اسم «المجهود الحربي». وفق ما يقوله العاملون في القطاع الصحي.
وكانت وزارة الصحة بحكومة الشرعية أكدت سابقا أن اليمن ما زال يواجه تحديات كبيرة في القطاع الصحي نتيجة للعبث المتواصل للميليشيات التي تصادر المساعدات الطبية في كافة المناطق التي تسيطر عليها.
وتؤكد تقارير محلية وأخرى دولية أنه لا يعمل الوقت الحالي سوى جزء يسير جداً من منشآت الصحة في اليمن بكامل طاقتها. وتشير بعض التقارير إلى أن نحو 22 مليون يمني، أي أكثر من ثلثي السكان، يحتاجون لمساعدات إنسانية وصحية عاجلة والكثير منهم على شفا المجاعة ويواجهون مخاطر الأمراض والأوبئة. وفي حين أشارت الأمم المتحدة في عدة تقارير سابقة لها إلى وجود انهيار كامل للقطاع الصحي في اليمن، وإغلاق عدد كبير من المرافق الصحية، ما تسبب بتفشي الأمراض والأوبئة في البلاد؛ خصوصاً بمناطق سيطرة الانقلابيين.
وكان تقرير محلي حقوقي اتهم الميليشيات بارتكاب أكثر من 4 آلاف انتهاك ضد القطاع الصحي في 15 محافظة يمنية منذ منتصف عام 2017 وحتى منتصف 2021. وطبقا لما ذكره تقرير الشبكة اليمنية للحقوق والحريات فإن تلك الجرائم والانتهاكات طالت المرافق والقطاعات الصحية بما في ذلك المستشفيات والعاملون في المجال الصحي.