قال مسؤولون وشيوخ قبليون يمنيون إن الترحيب الشعبي والمجتمعي الواسع بالانتصارات العسكرية لقوات الشرعية اليمنية الأخيرة وبالعمليات الجوّية المركّزة للتحالف العربي على المعسكرات والمنشآت السرية للحرس الثوري الإيراني وخبراء تنظيم حزب الله الإرهابي في صنعاء المُحتلة، يعكس تلّهف القبائل والسكان للخلاص من الميليشيات، ويؤكد افتقارها لأي حواضن شعبية حتى في محافظة صعدة، معقلها الرئيس.
وقال عبدالهادي العزعزي، وكيل وزارة الثقافة اليمنية في تصريحه لصحيفة ـ"الرياض": إن ميليشيات الحوثي الإرهابية تشكل قوة رعب وإرهاب، وتمتلك قوة إكراه ومنظومة من المصالح التي تسيطر عليها، كما أنها عصابة إيرانية المنشأ، وليست حركة شعبية يمنية. وبالتالي أفقرت المجتمع اليمني في مناطق سيطرتها، وتحاول تحريك الناس بالرعب والخوف والإرهاب".
مزاعم كاذبة
وأردف" لو كانت الميليشيا تمتلك حاضنة شعبية كما تدعي، لكانت ستندلع مقاومة ضد الشرعية في كل منطقة يمنية تحررها. بل إن ما يحدث هو العكس، فكل منطقة تتمكن الشرعية اليمنية من تحريرها، سرعان ما يعود الناس إلى منازلهم ويعيشون حالة سلم، بل ينضمون إلى الشرعية ويرحبون بها، الأمر الذي يؤكد أن الميليشيا الحوثية بلا حاضنة شعبية".
وأشار إلى أن ذلك يعد دليلاً كافياً أنها عبارة عن قوة سيطرة أمنية وقمعية على معيشة الناس، وقوة رعب وإرهاب وسيطرة إرهابية على مفاصل المصالح التي تحرك معيشة الناس وتجبرهم على الخروج في مناسباتها الطائفية الخاصة، للاستعراض أمام الإعلام، في محاولة منها لتضليل العالم أنها تملك حاضنة شعبية.
ورغم أن الميليشيات الحوثية تُسيطر على المصالح الاقتصادية والمعيشية للناس، وتصادر مباني وممتلكات ورؤوس أموال التجار، وتستخدم كل أدوات الإكراه، يؤكد العزعزي إنها مع ذلك تعاني من مسألة رفد الجبهات بمقاتلين، خصوصاً أنه يتم دفن معظم من يقتلون في الجبهات خارج مناطقهم ولا يُعيدهم إلى أهاليهم وقبائلهم حتى لا يشعروا بالرعب وبالتالي لن تجد مقاتلاً واحد.
عُقدة الميليشيا
الشيخ كمال غالب هو الآخر، سخر من ادعاءات الميليشيات الحوثية التي تدعي بأن لها حاضنة شعبية، مؤكداً أنها حتى تفتقر لأي وجود اجتماعي وشعبي، بل إنها تستعين على قمع الشعب بالإيرانيين، وليس لها حاضنة مجتمعية في كافة المحافظات اليمنية، بما فيها صعدة، لافتاً إلى أن الجميع يشاهد أبناء صعدة وقبائلها، وهم يتصدرون خط الدفاع الأول ضد الميليشيات في مختلف الجبهات.
وقال كمال غالب وهو أحد أبرز مشايخ محافظة ريمة، التي ما زالت ضمن المناطق الواقعة تحت احتلال الإرهابيين الحوثيين، في تصريحه لـ"الرياض" إن القبائل اليمنية بطبيعتها لا تقبل الاستعلاء عليها، فكيف بالحوثي الذي يرى نفسه أنه من سلالة عرقية مُميزة على القبائل وأفضل منها.
وبيّن أن تصدر أبناء القبائل اليمنية الخطوط الأولى في جبهات القتال، يؤكد أن كافة أبناء وفئات الشعب، يرفضون الحوثي وأفكاره الإيرانية الدخيلة على المجتمع اليمني، ولا يمكن أن يقبل اليمنيون بها، مشيراً إلى أن القبائل تقدم خيرة رجالها ومستمرة في تقديم تضحيات كبيرة، حتى لا تصبح اليمن حوزة إيرانية جديدة وخنجر إيراني يطعن المنطقة العربية وبلاد الحرمين على وجهه الخصوص.
عزوف قبلي
وأضاف أن "هناك عزوفاً كبيراً ومتزايداً في أوساط القبائل اليمنية عن المشاركة فعاليات التجنيد الحوثية، في ظل سقوط آلاف المقاتلين الحوثيين ما بين قتلى وجرحى وأسرى يومياً، وظهور وعي مجتمعي لدى القبائل بان الميليشيات تسوق أبناء اليمن إلى محارق الموت بمبررات ووعود كاذبة، بالإضافة إلى المتاجرة بدماء أبناء القبائل واستخدامهم كوقود لمعركتها الإيرانية، فيما أبناء قياداتها في صنعاء يتربعون على مناصب كبيرة، ومتفرغون لمراكمة الثروة وشراء العقارات وفرض الجبايات ونهب السكان"
وأكد أن هناك تراجعاً كبيراً ولافتاً خلال الفترة الماضية في أعداد التجنيد لدى القبائل، وتصاعد السخط الشعبي ضد ميليشيا الحوثي الإرهابية، وسط استمرار جرائمها بحق اليمنيين قتلا واختطافاً ونهباً لأموالهم، وتزايد الأوضاع المعيشية المتدهورة وانعدام الخدمات الأساسية وتلاعب مشرفو الحوثي بقوت المواطنين والجبايات الكبيرة التي تفرض على التجار وأصحاب المركبات والمسافرين بشكل مستمر تحت لافتات عدة، وسرقة المساعدات الإنسانية من أفواه الفقراء والمحتاجين في المناطق التي تحتلها.
الفرصة الملائمة
وقال الشيخ كمال غالب لـ "الرياض" إن هناك مخاوف كبيرة لدى قيادة الميليشيا من حدوث انتفاضة شعبية، ولجأت إلى تصعيد عمليات القمع واستخدام القوة المفرطة ضد أي تحركات خوفاً من تحولها إلى انتفاضة شعبية. مردفاً أن أكثرية المواطنين في المناطق التي تحتلها، ينتظرون بفارغ الصبر للفرصة الملائمة لقلب الطاولة عليها.
في هذا السياق، ظهرت العديد من المؤشرات السياسية والشعبية والاجتماعية على كسر قوة الإكراه الحوثية بشكل لافت داخل صنعاء وبقية المناطق التي تحتلها الميليشيا بدعم من الحرس الثوري الإيراني، حيث تصاعدت لغة الرفض القبلي، خصوصاً عقب الزيارات المكثفة التي أجرتها قيادات حوثية للعديد من القبائل في الأسابيع الماضية.
وخلال اتصال أجرته "الرياض" مع أحد مشايخ قبيلة نهم التابعة لمحافظة صنعاء، أكد إن رئيس الاستخبارات الحوثية، المدعو عبدالله الحاكم المُلقب بـ"أبو علي الحاكم" الذي يتصدر قائمة المطلوبين الـ40 للتحالف العربي، أجرى خلال الشهرين الماضيين، أكثر من 15 زيارة لقبيلة نهم وقبائل أرحب، وبني الحارث، ودهم الجوف، وهمدان وقبائل ذمار وعمران، ولم يحظَ بأي استقبال من مشايخ وأبناء القبائل.
توسل حوثي
وأكد الشيخ الذي اطلع على بعض اللقاءات القبلية أن "الحاكم" توسل المشايخ خلالها كما لم يفعل من قبل، ومع ذلك سمع من القبائل كلاماً غاضباً لم يسمعه من قبل.
وأشار إلى أن معظم المشايخ أبلغوه عدم استعدادهم لإرسال أبنائهم لخوض معارك الأسرة الحوثية وإلى محارق الموت في حرب تستنزف القبيلة اليمنية في سبيل إشباع رغبة عبدالملك الحوثي في الهيمنة والتحكم، وخدمة الأجندة الإيرانية التي صارت مكشوفة أكثر من أي وقت مضى.
وأكد وكيل وزارة الثقافة اليمنية، عبدالهادي العزعزي لـ"الرياض" أن هناك العديد من الأسباب والعوامل التي تقف وراء رفض العديد من القبائل لحملات التجنيد والتحشيد الحوثية، مشيرا إلى أن الميليشيات كانت قد أوهمت بعض أبناء القبائل أنها تتحرك باعتبارها منتصرة خلال السنوات الماضية ومنذ انقلابها في العام 2014.