في وقت تستعد فيه الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران لإجراء عملية حصر دقيقة لبيانات ملايين الطلبة في مدن سيطرتها تمهيدا لفرض التجنيد الإجباري، كشفت مصادر يمنية عاملة في قطاع التعليم العام عن تنفيذ الميليشيات حملة نزول ميداني إلى مئات المدارس الحكومية في 4 مدن بهدف جباية الأموال من الطلاب والطالبات دعما لمجهودها الحربي.
وتحدثت المصادر عن قيام فرق حوثية تم تشكيلها مؤخرا بموجب تعليمات من قيادات في الجماعة بزيارات ميدانية عديدة لمئات المدارس في العاصمة صنعاء وريفها ومدن إب وذمار وتوزيع طرود فارغة على الطلبة تحضهم بعد سلسلة محاضرات تعبوية وتحريضية على وضع جزء من مصروفهم المدرسي اليومي كدعم لمقاتلي الميليشيات.
ولفتت المصادر إلى أن تعليمات الجماعة ألزمت مديري وإدارات المدارس الحكومية في المدن المستهدفة بالتعاون مع الفرق الميدانية المشكلة ومباشرة جمع التبرعات المالية بكل الطرق الممكنة خلال مدة أقصاها أسبوعان.
وأفادت المصادر لـ«الشرق الأوسط» بأن فرق الجماعة التي زارت على مدى الأيام القليلة الماضية مئات المدارس رفضت أخذ الطرود الفارغة من بعض الطلبة الذين عجزوا عن دفع التبرعات، وأعطتهم مهلة إضافية لتسليم الطرود بعد وضع المبالغ فيها.
وقالت المصادر إن إدارات المدارس بنطاق مديريات العاصمة صنعاء وريفها وبعض المدن تحت سيطرة الجماعة وقفت خلال اليومين الماضيين برفقة مسلحين عند بوابات كل مدرسة ومنعت الطلاب والطالبات من دخولها إلا بعد دفع المبالغ المفروضة عليهم.
وفي سياق متصل، تحدث تربويون وأولياء أمور في صنعاء عن أن المظاهر المسلحة المصاحبة لتلك الفرق الميدانية أصابت كثيرا من الطلبة بحالة من الخوف والهلع أثناء تجولهم في باحات وفصول عشرات المدارس.
وشكا عدد منهم ، لـ«الشرق الأوسط»، من عودة الجماعة لاستهداف الطلاب ومعظمهم أطفال ومن إجبارهم على التبرع من مصروفهم اليومي الذي وصفوه بـ«المتواضع» لصالح مقاتلي الميليشيات في الجبهات.
واعتبروا أن ذلك يأتي استمرارا لنهج الجماعة في جباية ونهب أموال المواطنين، في ظل أوضاع معيشية واقتصادية صعبة وقاسية.
وأرجع التربويون أسباب لجوء الجماعة في الوقت الحالي لتنفيذ تلك الخطوة بأنه ناتج عن الأزمة المالية الخانقة التي تواجهها الميليشيات حاليا وعن فشلها الكبير في مواصلة دفع نفقات الحرب التي أشعلت فتيل نيرانها قبل سبع سنوات ماضية.
من جهتهم، عبر أولياء أمور طلبة في صنعاء، عن غضبهم واستيائهم الشديد حيال عودة الجماعة لتنفيذ حملات سرقة المصروف اليومي المدرسي الخاص بأبنائهم الطلبة وتسخيرها لصالح المجهود الحربي.
ولفتوا في حديثهم لـ«الشرق الأوسط» إلى أن الجماعة ما تزال تتعامل كعادتها منذ انقلابها مع التعليم الحكومي سواء التمهيدي أو الأساسي والإعدادي والثانوي والجامعي كمورد اقتصادي يدر عليها كل عام دراسي جديد أموالا طائلة.
وعلى صلة بالموضوع نفسه، كشف مصدر مسؤول في قطاع التربية بصنعاء عن استعدادات تجريها ميليشيا التعليم الحوثية حاليا من أجل البدء بإجراء عملية حصر شاملة لكل المعلومات والبيانات المتعلقة بطلاب المدارس في العاصمة صنعاء، وذلك تمهيدًا لفرض التجنيد الإجباري بحقهم.
وتحدث المصدر، الذي اشترط عدم الكشف عن هويته ، لـ«الشرق الأوسط»، عن أن الجماعة ستشترط بقادم الأيام على طلبة المرحلة الأساسية بعدد من مدارس العاصمة إحضار شهادات الميلاد مقابل السماح لهم بدخول مدارسهم لمواصلة تعليمهم.
وقال إن الجماعة أعطت مهلة للطلبة لإحضار البيانات الخاصة بهم تنتهي قبل بدء الامتحانات النصفية، مشيرا إلى أن تلك الإجراءات الهدف منها معرفة أعمار جميع الطلبة تحضيرًا لإخضاعهم لدورات مكثفة قبل الزج بهم قسرا للقتال.
وعبر المصدر التربوي عن أسفه البالغ لاستمرار الميليشيات في استخدام طلبة المدارس من مختلف الأعمار كوقود في معارك الجماعة. وقال إن الاستهداف الحوثي المرتقب لطلبة المدارس في التجنيد سبقه بأيام مقترح قدمته قيادات في الجماعة بإرسال طلبة المدارس إلى الجبهات.
وكانت تقارير محلية وأخرى دولية اتهمت على مدى أعوام الميليشيات بتنفيذ سلسلة لا حصر لها من الاستهدافات بحق مئات المنشآت التعليمية في مقدمها المدارس التي حولتها إلى مستنقع لزرع أفكارها الإيرانية.