حذّر مراقبون يمنيون من تحويل الميليشيات الحوثية قطاع التعليم إلى منبر لتكريس الطائفية، عبر تغيير في المناهج الدراسية بهدف تغيير معتقدات الملايين من صغار السن، وتلقينهم الأفكار المتطرفة، ما يهدد بتلغيم مستقبل هذا البلد وفتح صراعات طائفية لا يمكن التنبؤ بنتائجها.
وإلى جانب ما يسمى «الدورات الثقافية» وهي محاضرات ودروس تفرض على كل الموظفين في القطاع العام، وتمتد إلى السكان ذكوراً وإناثاً بهدف تلقينهم الفكر الطائفي وتقديم تفسيرات فقهية وفق ذلك المنظور، فإن ميليشيات الحوثي فرضت مناسبات ذات صبغة طائفية على كل مدارس البلاد الخاضعة لها وألزمتها بالاحتفال بها، كما ألزمتها باستقبال مشرفين من الذين تم تعيينهم بدلاً عن المعلمين المفصولين لتقديم دروس وإلقاء خطب في الطابور المدرسي وعند إخراج الطلبة من الفصول الدراسية وتجميعهم للاحتفال بتلك المناسبات.
يقول أحد السكان في مناطق سيطرة الميليشيات إن هذه الجماعة تخوض حرباً كبرى على المجتمع اليمني في مناهج التعليم، لنسف مستقبل الأجيال، حيث يقوم يحيى الحوثي، وزير التربية والتعليم في حكومة الانقلاب، غير المعترف بها وهو شقيق زعيم الميليشيات، إلى جانب صهره قاسم الحمران بالإشراف على تغيير المناهج الدراسية وفق منظور طائفي يمجد قادة الميليشيات وقتلاها، ومناسباتها الطائفية، بعد استبعاد كل الرموز والأحداث الوطنية منها.
فيما ترى معلمة، فضلت عدم ذكر اسمها، أن الحوثيين «يرسلون مندوبين باسم المناطق التعليمية إلى المدارس للتأكد من الالتزام بإحياء المناسبات الطائفية، وتلقين الطلبة ذلك الفكر ومراقبة مدى التزام المعلمين بالتغييرات التي أدخلوها على مناهج التعليم، حتى الاحتفاء بذكرى ثورة 26 سبتمبر (أيلول) التي أطاحت بحكم الإمامة منعوا المدارس حتى الخاصة منها من الاحتفال بها».
ويؤكد معلم آخر أن العبث الذي تمارسه ميليشيات الحوثي امتد من المناهج الدراسية إلى إفساد العملية التعليمية من خلال اختيار عناصر من المكتب التربوي في قيادة الميليشيات للإشراف على الامتحانات العامة، حيث مُنح الآلاف من المقاتلين معدلات نجاح مرتفعة في الثانوية العامة، في حين ظُلم عشرات الآلاف غيرهم لأنهم رفضوا الذهاب للقتال في صفوف الجماعة.
وحتى اختبارات الثانوية العامة - بحسب ما ذكره المعلم - أشرف عليها هذا المكتب الحوثي، وقام بوضع أسئلة لا علاقة لها بالتقييم التربوي، ولكنها ترتكز على الفهم الطائفي لمناهج التربية الإسلامية والقرآن الكريم والتاريخ تحديداً.
في السياق نفسه، علّق معلم آخر على نتائج امتحانات الثانوية العامة، وتساءل بالقول: «نريد أن نعرف ما سبب تدني المعدلات هذا العام مقارنة بالأعوام السابقة، ولماذا لم نسمع أن طالباً ممن يسمون (المجاهدين) حصل على معدل ضعيف، وهل هم أذكياء لهذه الدرجة، ولماذا هناك طلبة شبه أميين وأميات وحصلوا على معدلات بالرغم من أنهم لم يحضروا المدارس أساساً؟».
ويقول علي، وهو ولي أمر أحد الطلبة: «لم نعرف منذ عشرات السنين بمثل الأسئلة الغرائبية التي وضعت في اختبارات التربية الإسلامية للشهادة الثانوية، فهي لا تدجن العقل فقط بل تنفيه من الأساس». ووصف ما حدث للطلبة بأنها مجازر طالت عشرات الآلاف منهم ما جعلهم يصابون بالقهر والإحباط.
ويؤكد ولي الأمر أنه «لا توجد أي قيمة تربوية أو عملية من تلك الأسئلة ولا هدف معروف من معاقبة أكثر من 60 ألف طالب بالرسوب، وأضعاف هذا العدد بالحصول على معدلات متدنية جداً».
ويضيف: «نماذج الأسئلة التي وضعت لطلبة الثانوية العامة هذا العام ركز واضعوها على العبيد، ومتى يحق لهم الاستئذان بالدخول، وغيرها من القضايا التي تكرس الدونية في المجتمع، كما تركز على الفهم الطائفي للسيرة النبوية، وأيضاً في تفسير الأحاديث، وبطريقة لم يعرفها اليمنيون منذ قبل، وهو ما يشير إلى مخاطر تكريس الطائفية في مناهج التعليم، على مستقبل البلاد، وإلى الخيارات المحدودة أمام السكان في مواجهة هذا التوجه».