كشف عدد من الصحفيين المفرج عنهم من سجون مليشيا الحوثي الإرهابية تفاصيل تعذيبهم في سجون المليشيا طيلة خمسة أعوام.
جاء ذلك في الندوة التي أقيمت عبر منصة زوم بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة 3مايو وشارك فيها صحفيون اعتقلتهم مليشيات الحوثي لخمس سنوات ونصف.
الصحفي المفرج عنه من سجون مليشيات الحوثي حسن عناب قال في مداخلته إن جماعة الحوثي تظهر غير ما تبطن، وتقول غير ما تفعل، وهي تخشى من الشهود الذين يقومون بإظهار افعالها للمجتمع.
وأضاف عناب "عند دخول المليشيات الحوثية الى صنعاء لم يقتحموا أي مركز حكومي وانما قتحموا مراكز الاعلام ابتداء من قناة اليمن الرسمية، حتى لا يكون هناك أي صوت أخر يعارض صوتهم، وفي السجن تفاجأت بوجود سجناء بتهمة كتابة منشور فقط ونشره على الفيس بوك".
وأشار الى حديث الحوثيين في اعلامهم أن الصحفيين والاعلاميين هم أخطر عليهم ممن يواجهونهم في الجبهات ويحملون السلاح، ورأينا ما حصل لزملائنا عبدالله قابيل و يوسف العيزري عندما وضعوا كدروع بشرية للطيران، وكذلك الزميل انور الركن الذي اعتقلته المليشيا ولم يفرجوا عنه الا وقد اصبح جلد على عظم ومات متأثر من الجوع والتعذيب.
وأكد عناب أن جماعة الحوثي لا تحترم الأشخاص ولا المنظمات فهي لا تقف عند أي بيانات ادانة من قبل منظمات دولية، كما أنها غير مبالية بأي قوانين وأي اعراف وكل ما يهمهم ان ينهوا كل من يعارضه، مستغربا من قبول الصليب الاحمر بتحويل الصحفي الى اسير يفاوض به مع اسرى الحرب من الجنود.
وكشف الصحفي عناب عن تلقيه تهديدات من مليشيات الحوثي بعد الأفراج عنه عبر رسائل إلكترونية بالتصفية الجسدية والإنتقام منه على خلفية ظهوره في وسائل الإعلام والتحدث عما حصل له داخل سجون الجماعة .
تعذيب نفسي وجسدي..
الصحفي هشام اليوسفي وهو أحد الصحفيين الذين قضوا خمس سنوات ونصف في سجون الحوثي قال: "في 9 يونيو 2015 فوجئنا باقتحام مسلحين جناح احد الفنادق التي كنا نسكن فيها، مدججين بالأسلحة المتنوعة وقذائف الاربي جي وتم أقتيادنا إلى السجن"..
وكشف هشام اليوسفي أن مليشيات الحوثي أودعتهم في زنزانة صغيرة وتفتقر إلى النظافة والهواء، مؤكدا أنه تعرض للاعتداء منذ أول لحظة دخوله السجن من قبل السجان عندما سمعه يحدث أحد زملائه "ركلني بقدمه على صدري"..
وأستطرد اليوسفي قائلاً: "تم تجوعينا وحرماننا من الطعام لمدة يومين، ثم بدأ التحقيق ونحن منهكين بسبب الجوع، تم استعدائي وكبل يدي وربط على عيني، وفي غرفة التحقيق كان هناك تعذيب نفسي وجسدي، تعذيب بأعقاب البنادق والمسدسات والاعصية الخشبية الثقيلة، والركل في الصدر والكتف والقدم، واجبارنا على اداء بعض التمارين الشاقة ورفع الطوب الاسمنتي، بالإضافة الى ايهامنا بالتصفية الجسدية اثناء توجيه السلاح الينا".
وأكد اليوسفي في شهادته أنه اغمي عليه أكثر من مرة بسبب التعذيب وكانت مليشيات الحوثي تستخدم الماء لإيقاظه بعد الاغماء، موضحا أن مليشيات الحوثي كانت تستخدم الكلاب البولسية في تعذيبهم بالاضافة إلى تعليق بعض الزملاء عن طريق تكبيل اليدين.
وقال أنه سمع صراخ زميله "عبدالخالق عمران" من الغرفة الأخرى وهو يعذب ، كما سمع صراخ اكرم الوليدي من احدى غرف التعذيب المجاورة، وان المليشيات كانت تقوم بتعذيبهم بسبب المطالبة بالاكل الذي كانوا يحرمون منه.
وكشف اليوسفي عن الشخص الذي قام بتعذيبهم في سجن الأمن السياسي "مدير السجن يحيى سريع"، مختتما حديثه: "لقد اخفينا قسراً لأكثر من مرة ولمدة عام ونصف، ولا يعلم اهلنا عنا شيء، وفي كل فترة يتم تعذيبنا وحتى لا يتمكن اهالينا من رؤية اثار التعذيب يتم اخفائنا، ولكن كانت تظل الاثار لأكثر من اسبوعين وقد تصل الى اربعة اشهر".
التعذيب النفسي والوضع الصحي..
الصحفي هيثم الشهاب أحد الصحفيين الناجين من سجون الحوثي من جهته قال إن التعذيب في سجون الحوثي لا يقتصر على الجسد وإنما على النفس بالتحقير والاذلال، مضيفا إن مليشيات الحوثي كانت تمنعهم من الحديث مع بعضهم داخل الزنازين بإضافة إلى وضعهم مع سجناء جنائيين معهم سكاكين "آلة حادة" يلوحون بها باتجاهنا.
الشهاب أوضح أن مليشيات الحوثي كانت تقوم بادخال جواسيس من المجرمين الجنائيين لمراقبتهم في السجن، وقال: "ادخلونا في سجن مخصص للنساء سابقاً، لا يوجد به كهرباء وهناك التقينا بثلاثة اشخاص يتحدثون بصوت منخفض جداً وبحشرجة واخبرونا انهم ممنوعين من الكلام".
واستطرد في شهادته على ماحصل لهم داخل السجن بأن مليشيات الحوثي كانت تقول لهم "انتم مكانكم ليس هنا بل في مخازن السلاح"، مشيرا الى حالته النفسية عند نقلهم من سجن إلى أخر "عند الانتقال من سجن لآخر كنا نقول اننا ذاهبون الى نهايتنا".
وعن الحرمان قال الشهاب إن مليشيات الحوثي منعت عنهم الماء وعندما كانوا يطالبون به كانت تدخل عليهم أشخاص مختلين عقلياً لمنعهم من الطلب، مؤكدا ان المليشيات كانت تضع القيود على اقدامهم وبالنسبة للإضاءة في السجن قال "اضواء السجن كانت اما خافته ومظلمة او اضواء صفراء قوية لا تستطيع التحكم بها".
ويختم الشهاب "اجبرنا في سجن الامن السياسي على توقيع أوراق لا نعلم ما بداخلها.. وعند اصدار حكم الاعدام على زملائنا كان لهذا الخبر دور كبير في تدمير النفسية والارواح".
المعاناة بعد السجن..
الصحفي هشام طرموم أحد المفرج عنهم من سجون مليشيات الحوثي والذي خضع لعملية جراحية في العمود الفقري جراء التعذيب الذي تسبب بإصابته بإنزالاق غضروفي قال إن الآثار النفسية لا زالت مصاحبة لهم حتى اللحظة.
وأضاف طرموم: "نحن لا ننام كالآخرين بشكل طبيعي ونعاني من الكوابيس والفزع فالحوثيون حاضرون معنا حتى في النوم"، مشيرا الى معاناة زميله هيثم الشهاب من السكر بشكل مرتفع جداً وهو بسن صغيرة كما نعاني من الخشونه في الركب فنحن لا نستطيع ان نمشي كما يمشي الاخرين بسبب ما تعرضنا له من التعذيب".
وأكد طرموم أن الحوثيين كانوا يهددونهم بالتجهيل وأنهم خرجوا من السجن ولا يستطيعوا التعامل مع منصة الزوم.
وقال: "لقد فقدنا وظائفنا، فقدنا الصحة، ونعاني من تشتت شملنا مع اسرنا لاننا نعيش في القاهرة واسرنا في اليمن"، مضيفا: "نحن نعاني ولا نستطيع العودة الى اليمن بسبب الحرب والاوضاع المعيشية، وقد هددنا الحوثيون انهم سيصلون لنا اينما كنا وأننا إذا تحدثنا سوف يقومون بتصفيتنا، وقد تم اسماعنا اصوات سابقاً ونحن في السجن اثناء تصفيتهم لأشخاص في مناطق الشرعية"،
وختم طرموم: "نحن نحتاج الى تأهيل نفسي وصحي حتى نستطيع ان ننطلق في الحياة، نحن مستمرون في رحلة المعاناة ولازال اثر الاختطاف التي تعرضنا لها معنا".
رسالة الصحفيين المفرج عنهم..
وعن رسائل الصحفيين المفرج عنهم من سجون المليشيات تحدث الصحفي عصام بلغيث المعتقل سابقاً لدى جماعة الحوثي قائلا: "ارسل رسالتي لجميع الجهات للتطرق لزملائي الاربعة الذين صدرت عليهم احكام الاعدام، فحالة توفيق المنصوري شديدة حيث انه يعاني من فشل كلوي وحالة الثلاثة الاخرين أيضا حرجة".
واتهم الصحفي بلغيث في رسالته للصليب الاحمر بالتقصير في حقهم داخل السجون، متمنيا منهم الذهاب لرؤية زملائهم والنظر لحالاتهم ووضعهم ووضع السجون.
وأضاف بلغيث قي رسالته للأمم المتحدة؛ "كنا نامل ان تكون راعية الحقوق كما تدعي لكننا انصدمنا انها وافقت على خروج الصحفيين بصفقة الاسرى، ووجه سؤاله: كيف تقبل بأن تساوم صحفي مع اسير حرب؟".
وفي رسالته إلى المنظمات الدولية قال بلغيث: "نشكرها على تفاعلها على ما أبدته ونحن في السجون ولكن نأمل من هذا التضامن ان يكثف الجهود لإخراج باقي زملائنا من السجون".
ودعا بلغيث الحكومة الشرعية، إلى اعادة تأهيل ودمج الصحفيين واسنادهم ورفع دعوة بالمحاكم الدولية لادانة المليشيات على ما فعلوه معهم، كما دعا مليشيات الحوثي إلى وقف التعذيب الصحفيين بالسجون.
واختم بلغيث: "على الرغم من ان لائحة الاتهام واحدة الا اننا خرجنا وزملائنا حكم عليهم بالإعدام، فلماذا لا يتم التركيز على الصحفيين باليمن على الرغم ان هناك تفاعل مع أي صحفي منتهك في أي دول أخرى".
وفي الندوة أكدت الدكتورة وساوم باسندوة رئيس مجلس ادارة المبادرة العربية للتنمية والتثقيف أن الصحافة في اليمن تشهد انتكاسات مريعة جراء انقلاب مليشيا الحوثي المسلحة التي لا تؤمن بحرية الصحافة.
وتطرقت باسندوة في مداخلتها بندوة "الحريات الصحفية في اليمن تحت رحمة المشانق" والتي أقيمت عبر منصة زوم بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة 3مايو وشارك فيها صحفيين اعتقلتهم مليشيات الحوثي لخمس سنوات ونصف الى أن حرب مليشيا الحوثي على الصحافة والصحفيين اليمنيين كفيلة بكشف جوهر تلك المليشيات الاجرامية وزيفها وادعائاتها واثبتت كم هي إجرامية.
وقالت: "إن مليشيات الحوثي قتلت الصحفيين واختطفتهم واخفتهم لسنوات ومارست بحقهم ابشع انواع التعذيب بما يخالف القوانين الدولية والاعراف الإنسانية".
وأوضحت ان ممارسة المليشيات الحوثية بحق الصحفيين اليمنيين ما هي الا دليل اضافي على انها لا تؤمن بالديموقراطية والحوار ومنطق العقل والتعايش.
وأضافت باسندوة: "بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة نعيد تذكير الصحفيين عبر العالم أن أحكام الاعدام الذي اصدرتها مليشيا الحوثي بحق اربعة صحفيين يمنيين لازالت سارية ولم تسقطها الجماعة بعد، وماتزال تختطفهم في سجونها مع صحفيين اخرين بعضهم مخفي قسراً لست سنوات تقريبا".
وشددت باسندوة على ضرورة توفير حماية دولية للصحفيين المختطفين لدى مليشيا الحوثي والإفراج عنهم فورا دون قيد أو شرط كما دعت إلى القيام بإجراءات دولية كفيلة بمنع افلات مرتكبي الجرائم ضد الصحفيين من العقاب.
في اليمن مجزرة للحريات الصحفية
من جانبه أكد الصحفي نبيل الأسيدي عضو مجلس نقابة الصحفيين اليمنيين في الندوة التي ترأسها أن اليمن ليس لها في مجال الصحافة سوى مجزرة للحريات الصحفية، بينما الجميع يحتفل بالصحافة وبالحريات الصحفية وبالإنجازات التي حققوها خلال هذه المراحل.
وقال الأسيدي إن التهمة التي وجهتها مليشيات الحوثي للصحفيين المعتقلين منذ خمس سنوات "بأنهم كانوا يعملون على مواد صحفية تركز على معاناة الناس" واعتبروا ذلك جرماً وتهمة يعاقب عليها، وتعرضوا لكثير من الانتهاكات خلال فترة اعتقالهم مورست عليهم كافة انواع الانتهاكات.
قلبي مع الصحفيين
من جانبه عبر الصحفي المستقل باري تومالين عضو جمعية الصحافة الاجنبية بلندن عن ألمه لما ماسمعه من شهادات الصحفيين المفرج عنهم من سجون الحوثي.
وقال باري تومالين: "قلبي مازال مع الصحفيين المعتقلين والذين يواجهون مصير الموت واتمنى أن يكون هناك تدخل سريع لإنقاذهم".
وعبر باري تومالين عن كل تضامنه مع الصحفيين اليمنيين مؤكدا أن ما سمعه أدمى قلبه.
جرائم ضد الانسانية
بدورها الناشطة الحقوقية أروى الخطابي قالت في مداخله لها أن ما سمعته اليوم اكثر مما كانت تتخيله، معتبرة أن هذه جرائم ضد الانسانية ولا تسقط بالتقادم.