لم تمنع الأوبئة المتفشية والمجاعة وكوارث السيول والأمطار الغزيرة التي أودت بعشرات اليمنيين في مناطق سيطرة الميليشيات الحوثية زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي من حشد الآلاف من أتباعه في صنعاء ومدن أخرى لإحياء ما تسميه الجماعة «يوم الولاية».
وفي الوقت الذي ردد أتباع الحوثي الشعارات التي تؤيد الحق المزعوم لسلالته في حكم اليمنيين، أفادت مصادر مطلعة في صنعاء بأن الجماعة أنفقت أكثر من 200 مليون ريال (الدولار حوالي 600 ريال) على تنظيم التظاهرات والفعاليات ذات الصبغة الطائفية، متجاهلة وجود ملايين الجوعى وآلاف الأسر المشردة.
وجابت صباح السبت عربات الجماعة بمكبرات الصوت في صنعاء داعية إلى الاحتشاد في أربعة ميادين في شمال العاصمة وجنوبها دون الالتفات إلى مخاطر الإصابة بفيروس كورونا المستجد الذي لا تزال الجماعة تتكتم على ضحاياه وهم بالمئات، وفق تقديرات طبية.
كما حشدت الجماعة أتباعها في محافظات الحديدة وذمار وصعدة وفي مختلف المديريات الأخرى، وسط تأكيدات لمصادر محلية عن لجوء الميليشيات إلى تهديد السكان في المدن والقرى لإرغامهم على المشاركة في التظاهرات واللقاءات المخصصة لتكريس أحقية زعيم الجماعة في حكم اليمنيين استنادا إلى تأويل النصوص الدينية.
وكعادته، قسم زعيم الجماعة الحوثية اليمنيين في خطبة بثتها قناة «المسيرة» التابعة له أمس (السبت) إلى فريقين الأول هم الموالون للجماعة الذين أشار إليهم بـ«المؤمنين» والآخر المناهضون للانقلاب الذين أشار إليهم بـ«المنافقين والطواغيت».
وفي حين زعم الحوثي أن جماعته هي التي «ستنقذ الأمة» حرض أتباعه على الاستمرار في حشد المزيد من المجندين إلى جبهات القتال، لمحاربة من وصفهم بـ«اليهود والنصارى». واستغرب الناشطون اليمنيون على مواقع التواصل الاجتماعي من حرص الجماعة الحوثية على الاستمرار في الإنفاق على فعالياتها الطائفية من موارد الدولة ومن الجبايات المفروضة على التجار رغم اتساع رقعة الجوع والأوبئة في مناطق سيطرة الجماعة.
وتقدر بعض المصادر المطلعة في صنعاء أنه ما تنفقه الجماعة سنويا على مهرجاناتها وتظاهراتها وفعالياتها الفكرية يصل إلى مليارات الريالات دون الاكتراث إلى توقف رواتب الموظفين الحكوميين في مناطق سيطرة الميليشيات للسنة الرابعة على التوالي.
وتجاهل زعيم الميليشيات في خطبته الحديث عن معاناة ملايين اليمنيين جراء الفيضانات والأمطار التي ضربت أكثر من محافظة وأدت إلى وفاة أكثر من 100 شخص على الأقل خلال أسبوع.
وفي أول تعليق حكومي على الفعاليات الطائفية الحوثية الدخيلة على ثقافة المجتمع اليمني أشار وزير الأوقاف والإرشاد أحمد عطية إلى حجم التجريف الفكري والعقائدي الذي تسبب فيه الحوثي منذ انقلابه المسلح على الشرعية. وقال عطية في تغريدة على «تويتر» «تعايشنا على أرض اليمن مئات الأعوام في انسجام مذهبي وتعايش فكري، لا فرق بين شوافع ولا زيود حتى تدخلت إيران عبر عميلها الحوثي وقلبت الموازين، وأدخلت لنا طقوسا لا نعرفها مطلقا لتغيير هويتنا وعقيدتنا».