في موجز سياسات جديد تطرق الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، إلى الوضع في المنطقة العربية في ظل تفشي فيروس (كوفيد-19) وطرح أربع أولويات ينبغي معالجتها من أجل "إعادة البناء على نحو أفضل". وكشف تفشي جائحة فيروس كورونا المستجد، وفق موجز الأمين العام، عن تصدعات خطيرة ومكامن ضعف عميقة في المجتمعات والمؤسسات والاقتصادات في جميع أنحاء العالم بما فيها المنطقة العربية التي تضم نحو436 مليون نسمة. وتزخر المنطقة بالتوترات وأوجه عدم المساواة. مما سيضاعف من عواقب التطورات المأساوية على الاستقرار السياسي والاجتماعي. ويتوقع أن يسجل اقتصاد المنطقة العربية الذي يرزح تحت انخفاض أسعار النفط انكماشاً يفوق 5 % خلال العام الحالي 2020، وقد ينتهي الأمر بربع سكان المنطقة العربية إلى حالة من فقر، مما يزعزع الاستقرار في منطقة تعاني الكثير من مكامن الضعف وانعدام المساواة. ويرجح أن تكون تبعات الوباء بالغة وطويلة الأمد، فالإسقاطات تشير إلى انكماش متوقع بنسبة 5.7 في المائة في الناتج المحلي مع تراجع اقتصادات بعض بلدان الصراع بنسبة تصل إلى 13 في المائة، أي ما يعادل خسائر بقيمة 152 مليار دولار. وبحسب موجز سياسات الأمين العام للأمم المتحدة، "قد تصيب الأضرار فئات أكثر من أخرى- ولا سيما النساء، والمهاجرين - الذين يمثلون 40 في المائة من القوة العاملة". وأدت الجائحة إلى خسارة حوالي 17 مليون شخص فرصة عمل يضاف الباحثون عنها إلى 14.3 مليون شخص في حالة بطالة في المنطقة قبل الأزمة، وفق الأمين العام. ووفق التقرير فإن انتشار هذا الوباء يسلط "الضوء على مدى النكسات التي تعرضت لها مكاسب التنمية البشرية في معظم البلدان العربية والتي نجمت عن الصراع في بلدان مثل سوريا وليبيا واليمن". ويعتمد 55 مليون شخص أصلا على المساعدات الإنسانية للبقاء. ومن هؤلاء 26 مليوناً من اللاجئين والنازحين داخلياً يعيشون في مخيّمات في ظروف عصيبة، في بلدان مضيفة مثقلة بالتحديات، ما يعرضهم لمزيد من المخاطر. و الحالة في اليمن، على وجه الخصوص، شديدة السوء حيث يحتاج 24.1 مليون شخص إلى المساعدات الإنسانية. وتستضيف اليمن نحو 3% من اللاجئين على مستوى المنطقة العربية، فيما يشكل النازحون داخلياً نحو 2 مليون و144 ألف نسبة نحو 14% في المنطقة العربية. ويتحدث التقرير عن تعاظم مخاطر الأمن الغذائي ونقص الإمدادات الفعلية وارتفاع الاسعار إذا طال أمد الأزمة، في اليمن وسوريا على وجه الخصوص حيث صنفت على التوالي، 15.9 مليون شخص (53 في المائة من السكان) في اليمن و9.3 ملايين شخص (50في المائة) بأنهم في أوضاع أزمة حتى قبل تفشي الوباء". ورغم مؤشرات الخطر، يمكن أن تكون جائحة كـوفيد-19، فرصة لحل نزاعات طال أمدها ومعالجة نقاط الضعف الهيكلية، بحسب ما أكد "أنطونيو غوتيريش"، مسلطاً الضوء على أربعة مجالات يجب أخذها في الحسبان من أجل السير قدماً في عملية التعافي والبناء على نحو أفضل وفق الألويات التالية :- أولاً: اتخاذ تدابير فورية لإبطاء انتشار المرض وإنهاء النزاع، وتلبية الاحتياجات العاجلة لأكثر الفئات ضعفا. ثانياً: تكثيف الجهود لمعالجة أوجه عدم المساواة عن طريق الاستثمار في توفير الصحة والتعليم للجميع؛ والحدود الدنيا للحماية الاجتماعية؛ والتكنولوجيا. ثالثاً: تعزيز الانتعاش الاقتصادي من خلال إعادة هندسة النموذج الاقتصادي للمنطقة بحيث يكون نموذجاً لصالح اقتصادات خضراء أكثر تنوعاً. رابعاً: إعطاء الأولوية لحقوق الإنسان، وضمان وجود مجتمع مدني نابض بالحياة ووسائل إعلام حرة، وإنشاء مؤسسات أكثر مساءلة من شأنها أن تزيد من ثقة المواطنين وتعزز العقد الاجتماعي. وختم الأمين العام موجز السياسات بالتأكيد على قدرة المنطقة العربية على بلوغ هذا الهدف من خلال "تثمير الإمكانات الرائعة لشعوبها والاستفادة من ثقافة التكافل وحس الإبداع".
وقال: "معا يمكننا تحويل الأزمة إلى فرصة. مما سيعود بالنفع على المنطقة، والعالم بأسره". تجدر الإشارة إلى أن الصراع المستمر في اليمن منذ ست سنوات، قد عطل عجلة التنمية وتنفيذ اهداف التنمية المستدامة، وتقول الأمم المتحدة إن الصراع أعاد اليمن للوراء نحو عشرين عاماً وفق تقارير أممية سابقة.