منذ فترة ليست بالقصيرة بدأت دولة الإمارات حملة منسقة في وسائل إعلام عربية وانجليزية ممولة منها تحاول من خلالها الترويج لدور تركي مزعوم في اليمن؛ فكيف وأين تخوض "الإمارات" هذه الحملة وما هي الأسباب التي تدفعها لذلك؟.
الباحث التركي علي باكير قال إنه عند رصد العديد من منصات وسائل الإعلام العربية والإنجليزية الممولة من الإمارات في الأشهر القليلة الماضية، يلاحظ المرء وابلاً متزايداً من الأخبار والتقارير المزيفة التي تهدف لإدراج اسم تركيا في الأزمة اليمنية من خلال الترويج لدور أمني تركي غير موجود في اليمن.
وتشير هذه "الأخبار" والبيانات والتقارير والتحليلات إلى أنها جزء من حملة تضليل مدروسة بعناية تستهدف ما يسمى بدور تركيا في اليمن.
وحسب الباحث الذي كتب مقالاً باللغة الانجليزية في تي آر تي الدولية؛ وترجمه موقع "المصدر أونلاين" فقد كانت مجلة Arab Weekly على وجه الخصوص، وهي من المنافذ الإخبارية التي تتخذ من لندن مقراً لها، نشطة جداً بشكل ملحوظ في هذا المجال، ولديها نسخة عربية كانت أكثر إثارة في هذه المسألة.
ويقول إن من المثير للاهتمام أن كلا الكيانين يعملان تحت مظلة الإمارات العربية المتحدة الممولة من خلال "مؤسسة العرب الإعلامية" التي تمول أيضاً المنصات الشقيقة مثل الشرق الأوسط أون لاين وموقع "أفال" الذي يركز على تركيا.
ويضيف: يتمحور الموضوع الرئيسي للتغطية حول دور تركيا في اليمن من خلال إحياء بُعبع محور "تركيا- قطر- الإخوان المسلمين" وبيعه للجمهور من خلال مزاعم لا أساس لها من الصحة.
ويتابع أن تلك الحملة تركز على ثلاثة ادعاءات رئيسية أولاها الادعاء بقيام تركيا ببناء وجود أمني بمساعدة حزب الاصلاح، وثانيها تنفيذ ذلك المحور المزعوم مؤامرة منسقة لإنشاء ميليشيات مسلحة؛ أما الادعاء الثالث فهي أن هذا المحور يتعاون مع إيران والحوثيين لاستهداف السعودية والإمارات.
ويكشف باكير أن المنابر الأخرى الشقيقة لمجلةArab Weekly الأسبوعية تُستخدم لتضخيم هذه الرسائل من خلال إعادة نشر نفس الأخبار والمقالات بأكثر من لغة، وعرضها أمام جماهير مختلفة وتعزيز تداولها.
وتشمل المرحلة التالية ما يمكن للمرء أن يسميه "غسيل الأخبار" على غرار غسيل الأموال حيث تجد بعض هذه المواد والمطالبات طريقها للعودة إلى المنصات الأجنبية في إسرائيل وفرنسا والولايات المتحدة وروسيا وغيرها، فقط ليعاد استخدامها مرة أخرى من قبل نفس المنصات الأصلية الممولة من الإمارات العربية المتحدة كـ "مصادر أجنبية".
ويقول أنه بالتوازي مع هزيمة رجل أبو ظبي في ليبيا، خليفة حفتر، تكثفت الروايات الكاذبة الإماراتية حول دور أنقرة في اليمن، وبلغت ذروتها مع سيطرة الإمارات على أرخبيل سقطرى الاستراتيجي في اليمن بمساعدة ميليشيات الانتقالي.
ووصل الأمر بالوسائل المرتبطة بالإمارات حد التحذير من عملية عسكرية من قبل تركيا في اليمن حيث بدأت شخصيات يمنية موالية للإمارات بنشر مقالات وتصريحات حول "التهديد التركي" في اليمن، حتى أن بعضهم زعم أن عناصر أمنية تركية تتواجد في اليمن.
وتعليقاً على ذلك، غرّد جيرالد م. فيرستين، السفير الأمريكي السابق في اليمن على تويتر قائلاً: "إن تلفيق "تهديد تركي" هوحيلة خطيرة"، واتهم الإمارات باستخدام ما أسماه "agit-prop" وهي بروباجندا سياسية لتبرير الاستيلاء على الجزيرة وتقويض سيادة اليمن.
ويقول الكاتب في المقال الذي ترجمه "المصدر أونلاين" "مع ذلك، من الواضح أن هذا ليس الهدف الوحيد لحملة التضليل الإعلامي الإماراتية التي بدأت بالفعل منذ أشهر"، مشيراً إلى أهداف أخرى لتحويل الأنظار بعيداً عن دورها الخبيث والمظلم في المنطقة.
ويرى أنه من خلال إدخال تركيا قسراً في الأزمة اليمنية، تهدف أبوظبي أولاً إلى عرقلة الدور الإنساني لتركيا في اليمن، وعرقلة استباقية لأي دور تركي محتمل في اليمن في المستقبل.
ويشير إلى أن الإمارات العربية المتحدة تريد أيضاً ردم الهوة المتنامية بين أجندتها وأجندة السعودية في اليمن من خلال تحويل تركيز السعودية نحو ما تسميه مخطط "تركيا وقطر والإخوان" في اليمن على أمل أن تدخل كلاً من الرياض وأنقرة في نوع من الصراع يمكن أن يضع الإمارات في موقف أكثر قوة.
ورابعاً، تأمل أبو ظبي أن تؤدي روايتها الكاذبة حول دور تركيا في اليمن إلى إحداث ضجة كافية بحيث تكون بمثابة ستار دخاني لتحويل الانتباه عن أجندتها الخاصة في اليمن. وكان هذا واضحا في قضية سقطرى الأخيرة.
فعلى سبيل المثال، وصفت مجلة "العرب" الأسبوعية انقلاب المليشيات الانفصالية المدعومة من أبو ظبي ضد قوات حكومة هادي هناك بأنها عملية "تحبط خطط الإخوان في سقطرى".
خامساً، وإدراكاً منها لقدرتها المحدودة، ترغب الإمارات في ضم دول أخرى في جهودها لمواجهة تركيا إقليمياً، ومن شأن مثل هذه الرواية التي تشمل قطر و"الإخوان" أن تخدم هدفها تماماً.
ويتابع أنه لتعزيز رواية "التهديد التركي" في اليمن، تحاول أبو ظبي تصوير الصراع في اليمن على أنه (نحن ضد الكل)، ولهذا السبب، ووفقاً لهذه الرواية الخاطئة، لا تنسق تركيا مع قطر و"الإخوان" فحسب، بل تُنسّق أيضاً مع إيران والحوثيين هناك. حتى أن أبو ظبي أدخلت الصومال وعُمان في هذا التحالف الوهمي.
ويقول إن من المفارقات أن أبوظبي أرسلت خلال العام الماضي عدة وفود أمنية إلى إيران ونسقت مع طهران على مختلف المستويات بما في ذلك أمن الخليج واليمن، حتى أن مسؤولين ايرانيين اعترفوا مؤخراً بأن الإمارات غيرت سلوكها وسياساتها تجاه طهران وأن كليهما يتعاون على عدة مستويات.
ويستطرد الكاتب: قد تفسر هذه التصريحات الإيرانية لماذا يواصل الحوثيون ضرب السعودية والرياض بالصواريخ والطائرات بدون طيار بينما يتجنبون استهداف أبوظبي.