الرئيسية > اخبار وتقارير > الصحافية التونسية أحلام رحمومة لـ(مندب برس) : يعاني الإعلام العربي من هيمنة ذكورية مفرطة والإعلام البديل فتح للمرأة مجالا للمنافسة

الصحافية التونسية أحلام رحمومة لـ(مندب برس) : يعاني الإعلام العربي من هيمنة ذكورية مفرطة والإعلام البديل فتح للمرأة مجالا للمنافسة

كاتبة صحافية وناشطة حقوقية تونسية ،برز إسمها مؤخرا في بلاط صاحبة الجلالة ( الصحافة) بقوة وسطع نجمها سريعا في فضاء الاعلام الواسع على المستوى المحلي التونسي ثم الاقليمي فالدولي .

 

عرفت بنشاطها الدؤوب وإصرارها العجيب على التغلب على كافة الصعوبات والتحديات التي يفرضها الواقع العربي بثقافاته السائدة في اغلب المجتمعات العربية التي كانت ولا زالت سببا في تأخر المرأة العربية وضعف مشاركتها وغياب دورها في كافة مجالات الحياة.

 

فاستطاعت في فترة وجيزة منذ بدأت مشوارها الاعلامي المليئ بالكثير من الصعوبات والتحديات ان تحقق نجاحات ملموسة وأن تتجاوز بفعل اصرارها ومثابرتها عقدة تلك الثقافات التي لا تشجع على عمل المرأة وتعطل دورها الحقيقي كشريك فاعل في بناء المجتمع جنبا الى جنب اخيها الرجل في كافة المجالات.

 

تاركة أمثولة لدى قرينتاها العاملات في مجالها والمجالات الاخرى بأن لا شيء مستحيلا للوصول الى الهدف وتحقيق الحلم وبلوغ الغاية متى ما صح منها العزم وتولدت لديها الرغبة الحقيقية لتذوق طعم النجاح بعد المثابرة والكفاح .

 

يسرني باسم هيئة تحرير مندب برس، أن استضيف في هذا الحوار  الصحافية والناشطة الحقوقية التونسية ، أحلام رحومة لتحدثنا عن نفسها وعن تجربتها الاعلامية وبدايتها وطموحاتها وتفاصيل أخرى حتما ستكون مثيرة وشيقة.

 فإلى تفاصيل هذا الحوار .

 

* بداية حبذا لو تطلعينا و القراء الكرام عن من هي أحلام رحومة ؟!

 

أنا تلك الفتاة الصغيرة بائعة النعنان، التي كانت تلف الشوارع لكي تبيعها وتشتري كتباً مدرسية وقصصاً تطالعها. أنا تلك الفتاة التي كانت منذ الصغر تحب المطالعة وتعشق الكتابة والرياضة التي مارست فيها 12 سنة كرة يد و4 سنوات سباحة والسفر.

 

رغم إصابتها بالسكري مبكراً إلا أنها تجاوزت محنتها رغم صغر سنها لتستمر وتواصل نحو حلمها. أنا التي تحمل وراء ابتسامتها آلاماً كبيرة ،وأنا التي قررت أن تكون رغم المحن والكدمات.

أنا التي وثقت بالله عزّ وجل وانطلقت نحو حلمها. إذا جالستني فإنك تجالس فتاة تتقد حيوية ونشاطاً، ولدت بمدينة قابس في الجنوب الشرقي للبلاد التونسية .في بيت جد متواضع.وأنا أصغر إخوتي (آخر العنقود).

أنا التي تسرد لك محطّات نجاحها.. ثم تصمت.. ترنو إلى الأفق البعيد.. تبتلع ريقها في حياء.. وتهمس لك: "أهدي نجاحي إلى أمّي رحمها الله.. لقد تزامنت وفاتها مع حصولي على الأستاذية". وانحنيتُ نحو الأرض أستغفر الله تعالى.

أحسّت بوقع الخبر على نفسي فأرادت أن تنقذ الموقف: "سامحني سيدي الكريم.. المعذرة".. تنهّدت وواصلت الحديث: والدي الكريم وقف إلى جانبي وصبر معي لأحقّق ما حلمت به..

والحمد لله.. كان الحصاد على قدر البذر والعمل.. شهادة الأستاذية في التنشيط الشبابي والثقافي.. الماجستير في العلوم الثقافيّة من المعهد العالي للتنشيط الشبابي والثقافي بتونس.. شهادة ليسانس في الإعلام والصحافة من الجزائر.. شهادة تخرج من مركز "إكسلنس" للتدريب فرع الجزائر التّابع للفرع الأم بنيويورك وشهادة التخرّج من مركز "الجزيرة" للتدريب والتطوير في التقديم التلفزيوني.

تألق وامتياز هُما جوهر الموضوع لأحسن بداية رسمتها لنفسي أذكرها لكم وكأنني أتصفّح ألبوم صور الماضي الجميل.. "درست بالمعهد الثانوي شارع الجمهورية بقابس وفيه تحصّلت على شهادة البكالوريا شعبة آداب دورة يونيو 2000.

ثم التحقت بشعبة التنشيط الشبابي والثقافي بالمعهد الأعلى للتنشيط الشبابي ببئر الباي ودرست به أربع سنوات ختمتها بالأستاذية ثم أكملت فيه دراستي لمدة ثلاث سنوات أخرى تحصّلت لقاءها على الماجستير".

 

* لكل إنسان دافع ومحفز معين يرسمان في بداية حياته ملامح مستقبله فيدفعانه لاقتحام هذا المجال دون غيره واختيار هذه مهنة دون سواها ...ترى ماكانت دوافع إحلام رحومة لاقتحام مجال الاعلام واختيار مهنة الصحافة وهي كما تعلمين مهنة المتاعب ؟!

 

أول من جعلني أحب هذا المجال الإعلامي التونسي الراحل نجيب الخطاب ،ثم أتى الأستاذ والمعلم والملهم محمد كريشان ،ثم المعلمة والملهمة خديجة بن قنة جعلاني أعشق هذا المجال واخوض فيه وأتدرب لكي أطور من نفسي.

حيث تمكنت من التخرج من مركز "إكسلنس" للتدريب فرع الجزائر التّابع للفرع الأم بنيويورك في 4 دورات متتالية.وشهادة التخرّج من معهد "الجزيرة" للتدريب والتطوير في التقديم التلفزيوني 3 دورات متتالية.

 

* حبذا لو تحدثينا عن تجربتك الاعلامية كيف بدأت وأين وصلت ؟

 

تجربتي الإعلامية إنطلقت منذ سنة 2011 عبر تعييني مراسلة لمجلة القلم الجزائرية وكنت محررة في الشأن الثقافي والسياسي.

وفي سنة 2012 أسسنا أنا ومجموعة من الشباب صحيفة ورقية أسميناها صوت قابس نسبة لمسقط رأسي لكنها لم تدم طويلا لعدم توفر الدعم لاستمرارها .

لألتحق بعدها مباشرة بصحيفة أنوال 24 المغربية وكانت تجربة مميزة بالنسبة لي ، واستمريت فيها حتى أغلقت في 2017م بموجب مرسوم ملكي صدر بشأنها قضى بإغلاقها، ولكن في تلك الفترة بين 2012 و2014 كنت أعمل ايضا مراسلة للجزيرة توك الموقع الشبابي التابع لقناة الجزيرة .

ومنذ مطلع العام 2017 وحتى الان أعمل مراسلة لصحيفة فرانشيفال الفرنسية الدولية الناطقة بالعربية ،مع العلم أن تكويني تلفزيوني بامتياز .لكني وجدت هامش الحرية في العمل الصحفي بشقيه الورقي والإلكتروني اكثر من التلفزيون ،لأنه لازال هناك تحفظ على وجود المحجبات في الشاشات في تونس وغير تونس، كما أسست مع مجموعة من الشباب قناة على اليوتوب تحت إسم تكابس تي في الإسم الإسم الإسباني لمسقط رأسي قابس.

 

* كيف تقيمين حضور المرأة في وسائل الاعلام العربية واين وصلت الان برأيك ، وهل انتي راضية عن إدائها خلال الفترة الراهنة؟

 

أولا، نحن نعيش في مجتمع ذكوري والمؤسسات الإعلامية أغلبها يترأسها الرجال،وهو ما يجعل هناك نظرة نقص للمرأة ،لكن في الفترة الأخيرة وفرت وسائل الإعلام البديل أو الرقمي متنفسا كبيرا للمرأة العربية لتبدع وتظهر امكانياتها و قدراتها وفسح لها المجال بقوة لتكسب رهان المنافسة مع الرجل في ظروف متساوية .

مع ذلك لاتزال الاعلامية العربية ولسيما المحجبة تعاني إقصاء في اغلب وسائل الاعلام التقليدية إلا من عدد محدود.

 

* تتحدث الكثير من الدراسات البحثية المتخصصة في قضايا المرأة عن ضعف تمثيل المرأة العربية وانحصار دورها في جميع المجالات السياسية والاقصادية والثقافية والتنمية والاعلامية اذا تم مقارنتها باخيها الرجل في جميع الدول العربية بلا استثناء ..برأيك ما الاسباب الرئيسية لهذا الدور الضعف للمرأة العربية في الجانب الاعلامي ومن تحملين المسؤولية ؟

 

أحمل المسؤولية بدرجة رئيسية الثقافة الذكورية السائدة في مجتمعاتنا العربية كما قلت، إلى جانب غياب إستراتيجيات تمكين المرأة وتشجيعها في اغلب الدول العربية، ربما تجربة تونس لتمكين المرأة وتعزيز حضورها بعد ثورة يناير باعتماد خطة التناصف بين المرأة والرجل في شتى المجالات تكاد تكون الفريدة على مستوى المنطقة .

فضلا عن أن إدارة أغلب المؤسسات الإعلامية الرسمية والخاصة في العالم العربية محصورة على الرجل وجميع أعضاء مجلس إدارتها رجال إلا ماندر والنادر لا حكم له .

 

* اعتبارك عنصرا فاعل في الوسط الاعلامي النسوي العربي وبحكم تجربتك السابقة في هذا المجال هل بالامكان ان تلخصي لنا اهم الصعوبات والتحديات التي تواجهها المرأة الاعلامية العاملة في وسائل الاعلام العربية المرئية والمسموعة والمقروءة بمختلف انواعها ؟

 

أهم الصعوبات تكمن من وجهة نظري الشخصية في الاتي ،أولا عدم اّلإيمان بقدرات المرأة العربية العاملة في المجال الاعلامي والإمكانيات التي تمتلكها وقدرتها على المنافسة والإبداع لو هيئت لها نفس تلك الظروف المهيئة لزميلها الرجل .

ثانيا عدم قدرة المرأة العربية على القيام بكافة مسؤولياتها في المنزل على أكمل وجه، في الوقت الذي هي مطالبة فيه بالقيام بكافة واجباتها ومهامها نحو عملها دون تقصير او تأخير .

ومن هنا يمكنني القول ،أنه من الصعب جدا على المرأة العربية العاملة في المجال الاعلامي ومثله باقي المجالات أن تبدع وتنافس وتثبت حضورها في مجتمعاتنا العربية إذا كانت متزوجة ، فهي مطالبة بالقيام بكل مسؤولياتها كأم وربة بيت، وكذا واجباتها نحو عملها كوظفة وهذا أمر صعب جدا ان لم نقل مستحيلا ،أن توفق المرأة بين بيتها وعملها ، وحتما ستكون مرهقة ومتعبة جدا عليها وسيؤثر ذلك على أدائها وجودة عملها .

وأخيرا لا تستطيع المرأة العربية أن تبدع وهي تواجه الثقافة الذكورية السائدة في اغلب مجتمعاتنا العربية، فغريزة سيطرة الرجل وتملكه للمرأة هي التي تحكم ثقافتنا العربية ومن الصعب على المرأة ان تبدع في هكذا اجواء .

 

* ماهي رؤيتك لمعالجة جوانب القصور و الاختلالات فيما يتعلق بتعزيز حضور المرأة العربية وتطوير أدائها في كافة المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والإعلامية والفكرية ، وما هي أهم مقترحاتك لتمكين المرأة العربية وتعزيز حضورها مستقبلا بشكل اكبر من الحاضر ؟

 

أولا لابد من إقتناع الحكومات العربية والسلطات التنفيذية وجميع الجهات الرسمية المعنية بالمرأة بأهمية دور المرأة وقيمتها كذات فاعلة في المجتمع قادرة على العطاء مثلها مثل الرجل.

ثانيا وضع الخطط والإستراتيجيات وسن القوانين والتشريعات التي تحمي حقوق المرأة وتساعدها على ممارسة تلك الحقوق بشكل طبيعي في مجتمعاتنا العربية شأنها شأن الرجل.

 

* نعود إلى احلام رحومه مجددا ...ماهي طموحاتك المستقبلية وأين سنرى احلام بعد عشرة أعوام إن كان لا يزال لها في العمر بقية ؟

 

أنت ركزت على شيء مهم الطموح ،وأنا طموحي الشاشة والتنشيط التلفزيوني ،إلى جانب إصدار ديواني الشعريين وكتب ودراسات أنا أكملتها في مواضيع مختلفة.على فكرة طموحي ليس له حدود.

 

* كلمة أخيرة تحبي ان تختمي بها هذا الحوار ؟

 

شكرا على المساحة التي شرفتموني بها وإن شاء الله أكون مثل أعلى وقدوة حسنة لغيري.

 

في نهاية هذا اللقاء لا يسعني إلا أن اشكر ضيفتي لهذا اللقاء الصحافية والناشطة الحقوقية التونسية أحلام رحومة على إتاحة الفرصة لنا لاجراء  هذا الحوار الشيق والجميل معها متمنيا لها مزيدا من التوفيق والنجاح في مسيرتها الصحفية والحقوقية .

 

 أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)
أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)