الرئيسية > اخبار وتقارير > هكذا أهان الحوثيون "مصنع الرجال" وضربوا بالانضباط العسكري عُرض الحائط (تقرير)

شاهد يروي تفاصيل اقتحام الحوثيين للكلية الحربية بصنعاء

هكذا أهان الحوثيون "مصنع الرجال" وضربوا بالانضباط العسكري عُرض الحائط (تقرير)

كثيرة هي القصص المأساوية التي شهدتها اليمن منذ انقلاب 21 سبتمبر 2014 المشؤوم، لكن هناك بعض القصص التي لا يمكن أن تمحى، على الأقل من ذاكرة المعنيين.

 

من تلك القصص، حادثة سيطرة الحوثيين على مصنع الرجال "الكلية الحربية"، وتحديدا في النصف الثاني من شهر ديسمبر 2014، أي بعد شهرين من سقوط صنعاء والدولة بأيدي الانقلابيين.

 

يوما حزينا

 

يروي أحد طلاب الكلية الحربية لـ"سبتمبر نت"، تفاصيل ذلك اليوم المشؤوم، حينما سقطت هيبة هذه المؤسسة العسكرية الرائدة، تحت أقدام مجاميع من الصعاليك والمنبوذين، والقتلة.

 

يتحدث الطالب بحرقة والألم يعصر قلبه، عن هذا اليوم، حيث كان الطلاب في ذلك الصباح يؤدون التدريبات الروتينية في تمام الساعة العاشرة، حينها توقف الضباط والأفراد، وساد صمت مريب، بعد أن تنامت أصوات عالية وتحركات غريبة عند بوابة الكلية الواقعة شرق العاصمة صنعاء.

 

يقول الطالب الذي طلب عدم نشر اسمه: "بعد أن أحرقت الشمس وجوهنا، وأهلك الجوع أجسادنا، وشحبت جلودنا من البرد القارس، حتى سال الدم من قساوة التدريبات، التي كنا على ثقة أننا سنخرج بعدها رجالا وقادة نملك إرادة فولاذية، وهمة عالية، وولاء مطلق للوطن الغالي، بعد هذا كله، وبينما أصبحت أعلام التخرج تلوح في الأفق حاملة معها إشارات من المستقبل الزاهر الذي ينتظرنا، كانت الفاجعة، في ذلك الصباح المشؤوم، الذي نزل على جميع منتسبي الكلية، طلابا وضباطا ومدربين كالصاعقة".

 

في تلك اللحظة، اقتحمت مجاميع حوثية كبيرة حرم الكلية الحربية، وانتشرت الأطقم العسكرية، في أرجاءها،، في ميدان التدريب والعرض، وأمام المنصات، بينما أصيب ضباط وطلاب الكلية بالدهشة والذهول، إذ لم يكونوا يتوقعوا أن يتم إهانة هذه المؤسسة الرائدة، التي رفدت الجيش بالآلاف من القيادات والضباط الأكفاء، منذ تأسيسها، والذين شارك الكثير منهم بدورهم  في معارك الذود عن الجمهورية، طيلة الحروب التي هددت وحدة الوطن وأمنه، بما في ذلك حروب صعدة الست.

 

يقول الطالب: "بعد الجلبة التي حصلت عند البوابة، وبعد أن انتشرت المجاميع في أرجاء الكلية، عرفنا أنهم حوثيين، وعرفنا أيضا، أنهم قد أحكموا الحصار على الكلية، وقاموا بإغلاق جميع البوابات، بعد أن رفضت إدارة الكلية السماح لهم بالدخول".

 

ويضيف: "علمنا لاحقا أن إدارة الكلية تواصلت مع قيادة وزارة الدفاع آنذاك، وأبلغتها بأن المليشيات تهدد باقتحام الكلية، واختطاف الضباط، وحينها، وجهت الوزارة الإدارة بالسماح لهم بالدخول، تفاديا لأي اشتباك، كما علمنا حينها أن القيادي الذي قام باقتحام الكلية يدعى فؤاد العماد".

 

إلحاق 130 مليشاويا بالكلية

 

"بعد ذلك، ضغط الحوثيين على إدارة الكلية، لإجبارها على قبول ضم 130 عنصرا من عناصرهم، إلى دفعتنا وهي الدفعة الـ51، إلا أن الإدارة رفضت بشكل قاطع كون هذا يمثل مخالفة للقانون"، يقول الطالب.

 

لكن الموقف الصامد لإدارة الكلية، والذي كان مدعوما من جميع الضباط والطلاب، لم يستمر طويلا، حيث جاءت توجيهات من وزارة الدفاع حينها بضم تلك المجاميع البالغ عددها 130 عنصرا إلى الدفعة الواحدة والخمسين، بالرغم من أن معظمهم لا تنطبق عليهم الشروط المطلوبة، للالتحاق بالكلية، سواء من الناحية التعليمية، أو البدنية والصحية، إذ أن عدد منهم لم يحصل على الشهادة الثانوية، بينما البعض كان لديه إصابات بليغة، وأجرى عمليات متفرقة في الجسم، بل إن منهم من لا يتقن لا القراءة ولا الكتابة.

 

يقول الطالب: "صُدمنا نحن الطلاب وكذلك ضباط الكلية، وحزنا كثيرا، وانهارت معنوياتنا جراء ما حدث للتو، فلقد شعرنا جميعا بأننا أصبحنا أسرى بيد هذه المجاميع المليشياوية، خصوصا بعد أن رأينا كيف تم انتهاك حرمة هذه الكلية الرائدة، التي لطالما افتخرنا بانتمائنا لها، كيف لا وهي مصنع الرجال".

 

وبينما يخيم الذهول والصمت الحزين على الطلاب، حاول بعض الضباط قطع حاجز الذهول والدهشة، فصعد إلى المنصة، وحاول التحدث بشيء من الثقة والهدوء، وحينها قال: "هؤلاء الـ130 هم زملائكم، لكنهم تأخروا عن الالتحاق بالكلية معكم بسبب ظروف الحرب"، لكن هذه المحاولة لم تزد الطلاب وعدد كبير أيضا من الضباط إلا ألما، وحرقة، وشعورا بالمرارة، وحينها قرر بعض الضباط معاقبتنا، من خلال الدعوة لطابور جزاء، وفعلا حصل زحف تكتيكي على امتداد الميدان، لأكثر من ساعتين، حتى أنهكت أجساد الطلاب، كما يقول الطالب الذي طلب من "سبتمبر نت"، عدم الكشف عن اسمه.

 

يضيف الطالب ساردا أحداث ذلك اليوم المشأوم: "بعد صلاه الظهر خرجت من المسجد كنت أتأمل مرافق الكلية ومبانيها، وأتذكر كيف كانت حصناً منيعا، فكرت في عدد الضباط الوطنيين الذين درسوا فيها وتخرجوا وشاركوا في الحروب ضد المتمردين الحوثيين، واستشهد منهم الكثير من أجل حماية الوطن والجمهورية، وكيف تحولت الأحداث حتى استولت هذه الجماعة المتمردة على كل المحافظات، وعلى مؤسسات الدولة دون رادع".

 

تمييز

 

بحسب الطالب، - الذي طلب عدم ذكر اسمه - فإن هذه الأحداث كلها تمت في غضون ساعات قليلة، وعند حلول تناول وجبة الغداء، تم جمع الطلاب، إلا أن الـ130 الذين ضمهم الحوثي بالقوة، لم يحضرموا لتناول الخطاء، وكانوا يرفضون تناول أكل الكلية، ولعدة أيام كان يأتيهم الطعام من المطاعم بينما الطلاب يتناولون الطعام المعتاد والغير كافي داخل الكلية.

 

وأشار إلى أن الأفراد الحوثيين الذين تم ألحاقهم بالدفعة آنذاك، كانوا ينامون في مبنى مستقل، وأكلهم مستقل، والتعامل معهم بشكل مختلف، حيث كان الروتين في الكلية يقضي بأن يستيقظ الطلاب قبل أذان صلاة الفجر بنصف ساعة، ليقوموا بتمارين وتدريبات شاقة، حتى يحين موعد صلاة الفجر، يذهبون للصلاة، ومنذ ثم يذهبون مجددا للتدريبات والتمارين الرياضية، حتى تمام الساعة السابعة والنصف.

 

ويضيف الطالب: "كنا نعتقد أن هذا الروتين سيطبق على الأفراد الـ130، ولكن للأسف الحوثيون لا يحترمون قوانين ولا لوائح، ولا روتين، فعند ذهابنا للميدان لم يكونوا موجودين، بل كانوا نائمين، وكانوا لا يصحون من النوم إلا في تمام الساعة الثامنة والنصف، بعد عودة بقية الطلاب من الميدان، لتناول طعام الفطور".

 

يقول الطالب، إن الحوثيين منذ اليوم الأول لدخولهم الكلية، خرقوا القواعد، وضربوا بالروتين المتبع في الكلية عُرض الحائط، مشيرا إلى أنه كان يتم معاملة الأفراد الحوثيين معاملة خاصة، إذ لم يتم تدريبهم أو مجازاتهم، من قبل الضباط، أو الطلاب الأقدمين كما هو معروف في العرف العسكري في الكلية، كما أنهم (الأفراد الحوثيين)، كانوا يرفضون الأوامر الصادرة من الضباط والطلاب الأقدمية، وكل هذا تسبب في انهيار الانضباط العسكري داخل الكلية.

 

صدمة جديدة

 

يقول الطالب: "لم نكن نعلم حينها بالمستوى التعليمي للأفراد الذين ضمهم الحوثي بالقوة إلى الكلية، لكن وبعد عدة أيام، اضطرت إدارة الكلية، إلى إجراء امتحان تحريري للـ130 الملتحقين حديثا، من أجل استكمال الإجراءات القانونية لقبولهم في الكلية".

 

وحينها – بحسب الطالب – أصيبت إدارة الكلية بالدهشة، حينما اكتشفت أن قرابة 20 من العناصر الذين ضمهم الحوثي، لا يستطيعون القراءة ولا الكتابة، وعدد كبير منهم لم يحصل على الشهادة الثانوية، وحينها قررت الإدارة استبعاد من لا يستطيع القراءة والكتابة منهم، ولقد تعرضت الإدارة لضغوطات كبيرة وتهديدات ممن قبل سلطة الحوثيين، حتى أن المليشيات حاصرت منزل مدير الكلية العميد محمد صالح شيزر، وهددوه، وقاموا باختطاف عدد من حراس منزله، إلا أنه وبعد محاولات حثيثة من قبل وزارة الدفاع، آنذاك، تم إقناع المليشيا بأن يتم استيعاب فقط من يحمل شهادة الثانوية العامة، منهم.

 

وبعد أيام من استكمال الإجراءات اللازمة لضم هؤلاء الطلاب بضغط من الحوثيين، قدمت قيادات حوثية إلى الكلية، وطلبت عقد اجتماع خاص مع الطلاب الحوثيين الذين تم قبولهم، وذلك لتزويدهم بتعليمات خاصة، وإعطائهم دروس طائفية أيضا، إلا أن ضباط الكلية، وإدارتها رفضت هذا الإجراء رفضا قاطعا، لأنه سيؤدي إلى ظهور نبرة عنصرية ومناطقية داخل الكلية.

 

واليوم، يتذكر الطالب بأسى تلك الأيام الخوالي، وكيف أن الحوثيين، تسببوا في توقف الدراسة في الكلية، وبالتالي عرقلة دفعتين من التخرج، وحرمانهم من هذه الفرحة التي لطالما انتظروها بشغف بالغ.

 

قيادات طائفية

 

مؤخرا، أعلنت سلطات الحوثي الانقلابية، عن فتح باب القبول، والتسجيل في الكليات الحربية والبحرية وكذا الطيران والدفاع، في خطوة أثارت استغراب طلال الكليات المذكورة، كون دفعاتهم تنتظر استكمال الدراسة ومن ثم التخرج.

 

وأشار مصدر في الكلية الحربية، أن الحوثيين يسعون لإلحاق عناصرهم في الكلية الحربية، تمهيدا لتوليتهم مناصب عليا في الجيش، وبالتالي تحويله بشكل تام إلى مؤسسة طائفية تشبه الحرس الثوري الإيراني.

 

ولفت المصدر، إلى أن الحوثيين، استدعوا الدفعات العسكرية التي لا تزال معلقة، وقاموا بتنظيم دورة تثقيفية لهم، تتضمن مفاهيم ودروس طائفية، تهدف لتغيير عقيدة منتسبي هذه المؤسسة العسكرية الرائدة، إلى كائنات طائفية.

 

نهب الكلية

 

وكغيرها من مؤسسات الدولة، التي تعرضت للنهب، لم تسلم الكلية الحربية، من عمليات النهب والسلب من قبل مليشيا الحوثي وصالح.

 

وأوضح ضابط في الكلية الحربية، طالبا عدم ذكر اسمه، لـ"سبتمبر نت"، أن المليشيا، نهبت مخزون الكلية من الأسلحة، والتي كانت تستخدم للتدريبات الحية، كما قامت بنهب مخازن الذخيرة.

 

ولفت إلى أن المليشيا قامت أيضا بنهب الخيول الخاصة بالكلية، إلى جانب نهب محتوياتها، قبل وبعد تعرضها للقصف من قبل الطيران.

 

 أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)
أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)