فشلت وساطة قادها زعماء قبليون، الإثنين، في نزع فتيل الأزمة بين جماعة الحوثي وحزب المؤتمر الشعبي العام، الجناح الموالي للرئيس السابق علي عبدالله صالح، وذلك قبيل يومين من مهرجانات منفصلة للحليفين في العاصمة صنعاء.
وقالت مصادر مقربة من جماعة الحوثي، للأناضول، إن الوساطة التي قادها الزعيم القبلي، ناجي الشايف، أحد كبار مشائخ اليمن، لم تفلح في تخفيف حدة التوتر بين الطرفين، وأن الاحتقان ما يزال في أعلى درجاته.
ووفقا للمصادر ذاتها، فقد قام الشيخ الشايف، ومعه عدد من الوجاهات اليمنية بعقد لقاءات منفصلة مع صالح، ورئيس ما يسمى “المجلس السياسي الأعلى”، صالح الصماد.
ولفتت إلى أن اللقاءات تهدف إلى إقناع الطرفين بالتوقف عن التراشقات الإعلامية، وسماح الحوثيين لحزب المؤتمر بإقامة فعاليته الخميس القادم بصنعاء، لكنها لم تحرز أي تقدم.
وتشهد العاصمة صنعاء توتراً وتحشيداً غير مسبوق بين طرفي تحالف “الحوثي- صالح”، في ظل استعدادات جناح صالح بالحزب المذكور للاحتفال بذكرى تأسيسه الـ 35، الخميس المقبل، في ميدان السبعين بصنعاء.
وفي ظل هذا التوتر كانت هناك تطمينات بعثها “صالح” للحوثيين، الأحد، بأن مسيرة حزبه المقبله “سلمية”، في خطاب أمام قواعده الحزبية، بصنعاء.
كما وجه صالح الصماد، رئيس المجلس السياسي الأعلى (مشكل من تحالف الحوثي ـ صالح) لليمنيين، تطمينات “بأن الأمور مطمئنة وأن الخلاف سيتحول إلى فرصة لمعرفة مكامن الخلل في الشراكة”.
لكن رغم تلك التطمينات، فإن ناطق جماعة الحوثي، ورئيس وفدها التفاوضي، محمد عبدالسلام، بدد ذلك ، وأكد أن جماعته ” ماضية في تحشيد أنصارها إلى ساحات الاعتصامات” بمداخل العاصمة.
عبد السلام قال، ذلك في بيان نشره على صفحته الرسمية بفيسبوك، فجر الثلاثاء.
وأضاف “تصريح المجلس السياسي الأعلى خلال لقائه (الإثنين) جمعا من مشائخ اليمن لا علاقة له بما افتعلته بعض قيادات حزب الموتمر من مشكلةٍ أتت في سبيل إضعاف الجبهة الداخلية بإثارة العنصرية والطائفية والمذهبية والمناطقية تماهيا مع مخططات العدوان”، في إشارة للتحالف العربي.
واتهم القيادي الحوثي، بعض قيادات المؤتمر، لم يسمها، “بالتنسيق المكشوف” مع قيادات الحكومة الشرعية، لافتا إلى أن ذلك “بات معلوما للكثير من أبناء الشعب اليمني”.
وتابع “ومع هذا ما زلنا نأمل من عقلائهم (حزب المؤتمر) أن يتداركوا ما بدر من بعض قياداتهم، وأن يكون واضحا لديهم أن عواقبَ وخيمة ستلحق بأصحاب المشاريع التي تشغل الشعب عن معركته الوطنية التحررية، وليس شيئا يفيد المرتبطين بأجهزة مخابرات دول العدوان”.
وأشار متحدث الحوثيين، إلى أن “محاولة تصوير المشكلة بين جماعته والمؤتمر على أنها مجرد وظائف، فذلك تقزيم لن يصدر عن كبار”، لافتا إلى أن “مواجهة العدوان، يكون في الميدان وليس بالكلمات والتسريبات”.
وفي بيان آخر، نشره متحدث الحوثيين، الثلاثاء، وتم تذييله باسم اللجنة الثورية التابعة لهم، نفت الجماعة حدوث أي اتفاق مع حزب المؤتمر بشأن الخميس، وأكدت أنهم ماضيون “في تحشيد قوافل العطاء إلى ساحات الاعتصامات”.
وفي ذات السياق، هاجم رئيس اللجنة الثورية الحوثية، محمد علي الحوثي، دولة الإمارات، بعد اتهامات من قبل جماعته بأنها تقف وراء مهرجان حزب صالح، الخميس القادم.
وقال الحوثي، على تويتر، فجر الثلاثاء ” اتركوا العدوان على اليمن أيها الإماراتيين وإلا فمصيركم التشظي كما فعلتم بمجلس التعاون الخليجي بفعل التهور في القرارات وعدم الاهتمام بالاعضاء”.
وفي المقابل، أعلن وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية، أنور قرقاش، في وقت مبكر فجر الثلاثاء، أن بلاده “لا تحمل مشروعا أنانيا”.
وتابع في ذات السياق “لأنها (أي الإمارات) تدرك أن دورها أقوى ضمن فريق عربي تقوده السعودية ومصر، وترى الخليج سند للمشروع الساعي إلى إستقرار العرب”.
ولم يتطرق المسؤول الإماراتي بشكل صريح إلى الأزمة اليمنية.
لكنه كان في وقت سابق، الإثنين، قد اعتبر، خطاب صالح، يوم الأحد، الذي هاجم الحوثيين وأبدى فيه استعداده لفك التحالف معهم ” فرصة لكسر الجمود السياسي الذي كرسه تعنت الحوثي”.
وقال قرقاش، في سلسلة تغريدات على تويتر ” خطاب صالح الأخير ظاهره خلاف مع الشريك الحوثي حول السلطة في مناطق الإنقلاب، ويبقى أنه قد يمثل فرصة لكسر الجمود السياسي الذي كرسه تعنت الحوثي”، في تأييد ضمني لتحركات الرئيس السابق.
جدير بالذكر أن حزب المؤتمر تأسس في 24 أغسطس/ آب 1982، على يد صالح، بعد 4 سنوات من تقلده حكم اليمن، وظل الحزب الحاكم طيلة العقود الماضية للبلاد حتى الإطاحة به عام 2011، في ثورة شعبية.
وجراء تحالف صالح مع الحوثيين، تم اقتحام العاصمة وعدد من المحافظات في 2014، انقسم الحزب إلى شقين.
أحد الشقين يؤيد الشرعية والرئيس عبد ربه منصور هادي، الذي كان يشغل منصب نائب رئيس الحزب وأمينه العام، والآخر، وهو الفاعل بالساحة اليمنية، ما يزال يقوده علي عبد الله صالح.
ويشهد اليمن حربًا منذ أكثر من عامين بين القوات الموالية للحكومة اليمنية من جهة، ومسلحي الحوثي، وقوات صالح من جهة أخرى.
وخلّفت الحرب أوضاعاً إنسانية صعبة، فيما تشير التقديرات إلى أن 21 مليون يمني (80% من السكان) بحاجة إلى مساعدات.
ومنذ 26 مارس/ آذار 2015، يشن التحالف العربي عمليات عسكرية في اليمن ضد الحوثيين وقوات صالح، استجابة لطلب الرئيس، عبد ربه منصور هادي، بالتدخل عسكريًا.
التدخل جاء في محاولة لمنع سيطرة “الحوثي/صالح” على كامل البلاد، بعد سيطرتهم على العاصمة صنعاء ومناطق أخرى بقوة السلاح.