الرئيسية > ثقافة وفنون > عبد القادر قوزع..طائر الإنشاد اليمني الجوَّال

عبد القادر قوزع..طائر الإنشاد اليمني الجوَّال

كلمة جميلة، ومضمون هادف، ورسالة راقية، هذا ما يحمله الإنشاد بين ثناياه، ليكون البديل الصحي للسمعيات الرديئة، والخيار الأنسب الذي يمزج بين الترفيه والمتعة وبين تعزيز القيم الإيجابية وترسيخها في النفوس.

وفي سماء هذا الفن الهادف، تألق المنشدون كنجوم وأقمار، ليصدحوا بأصواتهم في فضاءات روحانية مملوءة على آخرها بالإبداع، ويحلِّقوا في عوالم الإيجابية والسعادة، ويتهادوا على وقع الحب والخير والسلام، معانقين الوطن، وتاركين على جبين كل أمٍّ قبلة امتنان وتقدير.

بين حضور متميز صنع نجومية صاحبه، وصوت جميل أثبت جدارته، وذكاء فطري رافقه في مشواره الفني، يسير المنشد اليمني عبد القادر قوزع بخطى ثابتة، ليقدم باقة من أجمل الأناشيد، تنقل فيها بين الروحانية العالية، والإيجابية والقيم، ليهدي الجمهور باقات ورد ممزوجة بالجمال والعبر والدروس المفيدة، وهو ما استحق عليه نيل لقب »فارس الإنشاد اليمني«.

في عائلة متدينة ومحافظة نشأ عبد القادر قوزع، وظهرت موهبته في وقت مبكر، ليبدأ في التسلل إلى عالم الإنشاد من رغبة كامنة في داخله، دفعته نحو هذا المجال دون شعور منه، ليجد نفسه يدرس تارة.

وينشد تارة أخرى، ومع الصفوف الدراسية والمراحل التعليمية المتتالية، لم يتوقف قوزع عن الإنشاد، ليصل صوته إلى أسرته وأساتذته وزملائه، ويلقى الدعم والتشجيع والإشادة بموهبته الجميلة.

طموح وشغف

طموح عبد القادر قوزع الكبير، ورغبته في تحقيق ذاته، وإفادة المجتمع بفن يعزز حضور القيم النبيلة، ويرسخ الإيجابية في النفوس بأعمال عالية الجودة، جعله يضع قدميه على أول طريق العلم، متخصصاً في دراسة الإعلام والعلاقات العامة،.

إلا أن ذلك لم يشغله عن شغفه بالإنشاد، ما جعله يستثمر علاقاته الطيبة مع زملائه الطلاب الجامعيين، ليصدح بصوته بينهم، حاصداً شارات الإعجاب والكثير من التشجيع. اجتهد عبد القادر قوزع، ووازن بين علمه وفنه، فَطّور موهبته وصقلها، وحرص على حفظ القرآن الكريم، ونهل من نبع القراءة، فجال بين الأدب والثقافة.

واقتحم عوالم الفكر العربي والغربي، فامتلك ثقافة عالية، كما التفت لهواياته ومارس الرياضات المختلفة، وكانت له مشاركاته المجتمعية في المخيمات والفعاليات الأخرى، ما عزز ثقته بنفسه واستقلاليته واعتماده على ذاته.

نقطة تحوُّل

امتاز صوت عبد القادر قوزع بتفرده وخامته المختلفة الجميلة، كما عززت البيئة الأسرية التي شب فيها، وثقافته العالية التي اكتسبها بنفسه حضوره على الساحة الفنية، ليلفت بموهبته والأنظار إليه، وبدأ صوته ينطلق للجمهور ويصافح قلوبهم ومشاعرهم وفكرهم في بدايات التسعينيات.

وذلك من خلال انضمامه لفرقة اليرموك للإنشاد، إلا أن حضوره لم يكن لافتاً تلك الفترة بسبب نقص الإمكانيات التقنية باليمن، ما دفعه إلى الانتقال إلى مصر، وفيها حقق حلمه الذي لطالما راوده، وهو إصدار ألبومه »نور قلبي« في عام 1999، ليشكل هذا الألبوم نقطة تحوُّل في مشواره، ويثبت قدميه كمنشد وفنان، محققاً من خلاله جماهيرية كبيرة وإقبالاً واسعاً.

ولأن لذة النجاح تزيد الرغبة في تحقيق المزيد، أكمل عبد القادر قوزع العمل على ألبومات أخرى بعد إصداره الأول، ليتبعه بواحد ثان حمل عنوان »قمري الحزين«، وثالث بعنوان »من بعيد«، ورابع بعنوان »إلى الله«، وغيرها، كما لاقت أناشيده أصداء طيبة.

ومن أبرزها »يا طيبة«، و»قبل الندم« و»قم وحيداً« و»ظروف« و»لو ضاقت الحال« و»وأنت ربي« وغيرها. وأظهر من خلال أعماله المختلفة جمالية صوته وتحكمه في الأداء، وذكائه في اختيار الكلمات والألحان، ما جعل الأنظار تلتفت إليه.

وبدأ يتلقى الدعوات للمشاركة في المناسبات المختلفة، وإحياء الحفلات الإنشادية بدول عربية وغربية، ومنها السعودية والجزائر والبحرين وروسيا وإيطاليا وغيرها، حيث أصبح منشداً جوالا، لا يلبث أن يحط الرحال في دولة حتى يحلق إلى دولة أخرى بفنه وإبداعه.

بساطة وسلاسة

وامتلأت قائمة عبد القادر قوزع بأعمال فنية جميلة، ومشاركات ذات قيمة عالية، إذ شارك في عام 2001 في أوبريت »أمة المليار« مع مجموعة من المنشدين العرب.

وتتسم أعمال قوزع بالبساطة والسلاسة، ما يجعلها تقتحم القلوب والأسماع دون استئذان، كما تطغى شخصيته بعفويتها على أعماله، لتنساب كلماته الهادفة الخالية من الزخرفة المبالغ فيها إلى النفوس بطواعية وهدوء.