في إطار خطة تحرير الساحل الغربي، استعاد الجيش اليمني وقوات المقاومة الشعبية ميناء المخا، الذي يمثل شرياناً تجارياً للمناطق القابعة تحت سيطرة مليشيا الحوثي وقوات الرئيس المخلوع، علي عبد الله صالح.
الميناء يُدرّ نحو 45 مليار ريال (أي ما يعادل 150 مليون دولار) سنوياً، تستولي عليها المليشيات، التي ستفقد منافذها التجارية بشكل تام حال استعادة الميناء منهم.
بالتزامن مع عملية تحرير مدينة المخا، بدأ الانقلابيون بفرض جبايات مالية في الطرقات المؤدية إلى صنعاء والمدن المجاورة لها. وشكا عدد من التجار لـ "الخليج أونلاين" فرض رسوم جمركية من قبل نقاط المليشيات، مؤكدين أنهم يدفعون جمارك في ميناء عدن، أو منفذ الوديعة، وهو الأمر الذي يرفع الكلفة الإجمالية للبضائع، وينعكس على أسعارها، حيث أصبحوا يدفعون تعرفة جمركية مرتين.
-مخالفة للقوانين
الصحفي الاقتصادي اليمني، محمد الجماعي، اعتبر فرض الحوثيين وحلفائهم رسوماً جمركية في أي منفذ مستحدث غير المنفذ الذي دفع فيه التاجر رسوماً جمركية لأول مرة مخالفاً للاتفاقية العربية الخاصة بجمرك المنفذ الواحد.
وقال الجماعي في حديثه لـ "الخليج أونلاين"، إن ما أقدم عليه الحوثيون "فيه إضرار بمصلحة التاجر، ثم المواطن العادي، الذي تنعكس هذه الممارسات غير الشرعية والتعسفية على قوته الشرائية".
وأوضح الجماعي أن التضييق الذي يعاني منه التجّار في صنعاء جعلهم يتجهون إلى منافذ أخرى في المحافظات المحرّرة، حيث يحصلون على تخفيضات وتسهيلات كثيرة.
-أشكال مختلفة للابتزاز
هذه الجبايات تحت مسمّى "الجمارك" ليست الوحيدة التي يدفعها التجار ورجال الأعمال؛ فهم يتعرّضون للابتزاز تحت مسميات مختلفة، منها المجهود الحربي، ودعم البنك المركزي، وإذا رفض فسيصنف التاجر على أنه عميل "للعدوان"، بحسب مصادر محلية.
مصدر خاص قال لـ "الخليج أونلاين"، إن أحد رجال الأعمال اضطر لدفع مبلغ 200 مليون ريال يمني (نحو 600 ألف دولار) لدعم جبهة القتال في تعز.
وعندما أطاحت المليشيا بالاحتياطي اليمني من النقد الأجنبي، البالغ نحو 4.2 مليارات دولار، وعجزت عن دفع مرتبات الموظفين الحكوميين، دعا زعيم المليشيا لحملة تبرعات للبنك المركزي، ذهبت في نهاية المطاف لحسابات المليشيا، حيث تمت جباية الأموال من مالكي المحلات التجارية الصغيرة والمتوسطة والكبيرة، ولا خيار أمام التجار إلا الدفع.
وأكدت مصادر إعلامية أن الحوثيين فرضوا مبلغ 100 ألف ريال يمني على الشركات الملاحية مقابل كل سفينة تدخل الميناء، تحت مبرر "دعم البنك المركزي" في صنعاء، الذي قرّرت الحكومة الشرعية تحويله إلى فرع بعد قرار الرئيس هادي نقله إلى العاصمة المؤقتة عدن.
ومنذ مطلع نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، فرضت مبلغ 5 آلاف ريال على كل بيان جمركي يتم تخليصه؛ دعماً للبنك.
-قطع الطرقات
وبعد اندلاع المعارك قبل نحو عام في مناطق نهم، وجد التجار أنفسهم في مأزق؛ إذ إن الطريق التي تربط صنعاء بمأرب، ثم منفذ الوديعة مع السعودية، أصبحت مناطق مواجهات، ما يضطر التجار إلى نقل بضائعهم عبر طريق (مأرب البيضاء ذمار صنعاء)، بفارق زمني يبلغ نحو 14 ساعة، فضلاً عن عدم صلاحية الطريق الذي يوجد به جزء غير معبّد بالإسفلت، بطول نحو 40 كيلومتراً.
أجور النقل بدورها تضاعفت بسبب المخاطر الأمنية وتغير الطرق التجارية المعروفة، وهي أيضاً تنعكس على الأسعار التي يتكبّدها في النهاية المواطن اليمني، الذي حاصرته مليشيا الانقلاب بين التضييق المعيشي وعدم تسليم المرتبات، قبل أن تتدخل الحكومة الشرعية لتسليم المرتبات وفق خطوات بطيئة.
-هجرة رؤوس الأموال
ومنذ دخول اليمن في متاهة الحرب بفعل الانقلاب المسلّح لمليشيا الحوثي وصالح على سلطة الرئيس هادي، تضرّر القطاع التجاري بشكل كبير، إذ برزت ظاهرة هجرة الأموال والاستثمارات.
وتوضّح بعض الإحصائيات أن نحو 80% من الاستثمارات الأجنبية المتوسطة والكبيرة غادرت اليمن، في حين يقول خبراء اقتصاديون إن حجم الأموال المهاجرة من اليمن تبلغ نحو 30 مليار دولار.
كما أن كثيراً من رجال الأعمال والتجار اليمنيين سحبوا مدّخراتهم من المصارف المحلية وهاجروا إلى الخارج؛ للبحث عن بيئة استثمارية آمنة، خصوصاً في الأردن، وجيبوتي، وإثيوبيا، التي يفضّل اليمنيون استثمار أموالهم فيها.
وتقدّر منظمة (يمانيو المهجر) الاستثمارات اليمنية في الخارج بنحو 100 مليار دولار، التي تتركز معظمها في دول القرن الأفريقي، حيث يسيطر رجال الأعمال اليمنيون على نحو 10% من الاستثمارات في تلك الدول.
وأحكمت القوات الحكومية اليمنية، الأربعاء، سيطرتها على مدينة المخا (غربي تعز)، بعد معارك عنيفة خاضتها على مدار ثلاثين ساعة ضد مليشيا الحوثي - صالح في الأحياء الشمالية للمدينة.
وجاء التقدم الحكومي بعد نحو شهر من المعارك، حاولت خلاله المليشيات الحفاظ على مواقعها في المدينة، وصد هجوم القوات الحكومية.