شهدت السياسة الأمريكية في الأسبوعين الماضيين سلسلة من الأوامر التنفيذية التي أشعلت غضبا داخل المؤسسات في البلاد وأثارت قلق قادة الدول الذين لا يعرفون الخطوة القادمة للإدارة في القضايا المتعلقة ببلادهم. وبدا واضحا أن العلاقة مع أوروبا أصبحت متوترة وهي القارة التي ظلت الساحة الخلفية للقوة الأمريكية. ثم جاءت التصريحات حول إيران وخطرها ولم تختلف لهجة مستشار الأمن القومي مايكل فلين عن لهجة الرئيس دونالد ترامب ولا وزير الدفاع جيمس ماتيس الذين حذروا إيران وأكدوا لها إنهم يراقبون تصرفاتها.
وأعلنت إدارة ترامب يوم الجمعة عن سلسلة من العقوبات الجديدة ضد الجمهورية الإسلامية على اختباراتها الصاروخية الأسبوع الماضي. وردت طهران في تحد أكبر باختبارات جديدة نهاية الأسبوع. وحددت التطورات ملامح اللعبة والخطوط الحمر للإدارة الجديدة، رغم أنه لم يجر بعد الحديث عن الملف النووي الذي ظل ترامب يوجه اللوم والنقد لإدارة باراك أوباما عليه باعتباره اتفاقا غبيا وأسوأ الاتفاقيات في التاريخ.
وفي خفايا الصورة وقع ترامب أمرا تنفيذيا وبعد أيام من توليه السلطة كشف عن المخاطر الأخرى التي تواجهها أمريكا من أعدائها الآخرين.
ففي اليمن فشلت قوة كوماندوز في مهمة لتدمير معسكر لـ»القاعدة» وتكبدت خسائر وقتل أول جندي من القوات الخاصة في عهد ترامب. وتظهر التطورات التحديات الكبرى التي تواجه الإدارة الحالية حيث وضعت نصب عينها «سحق» الجهاديين خاصة تنظيم «الدولة» (داعش) من على وجه الأرض والحد من التوسع الإيراني على حساب النفوذ الإيراني.
وهي مهام كبيرة ومحفوفة بالمخاطر. وهناك دلالة في اختيار اليمن كساحة للمواجهة سواء مع القاعدة التي ظلت إدارة أوباما تعتبرها من أخطر الفروع التابعة للتنظيم العالمي أو مع إيران المتهمة بدعم المتمردين الحوثيين الذين يسيطرون على العاصمة صنعاء منذ 3 أعوام.
المواجهة
وفي مقال نشره موقع «فورين بوليسي» تحت عنوان «اليمن هي أول ساحة حرب في مواجهة ترامب مع إيران» كتب دان دي لوس وبول ماكلري إن البيت الأبيض وضع حلفاء إيران في اليمن في مرمى هدفه وبدأ يزيد من التحركات ضد المتمردين الحوثيين كجزء من خطة واسعة لمواجهة إيران.
وقامت الولايات المتحدة بحرف مسار مدمرة ووجهتها نحو السواحل اليمنية لحماية السفن المارة من مضيق باب المندب.
وتدرس الإدارة خططا أخرى قاسية مثل ضربات بطائرات بدون طيار ونشر مستشارين أمريكيين لتدريب القوات المحلية التي تقاتل الحوثيين. ونقل الكاتبان عن مصدر يقدم الاستشارة لفريق الأمن القومي العامل مع ترامب قوله إن «هناك رغبة (داخل الإدارة) بالنظر إلى كل خطوة قاسية لرد» إيران.
وأضاف أنه بالنظر للتصريحات العلنية والنقاشات فقد تتورط الولايات المتحدة عمليا في الحرب إلى جانب السعوديين والإماراتيين.
وينظر مساعدو الرئيس الأمريكي لليمن كساحة حرب مهمة تظهر من خلالها الولايات المتحدة تصميمها على مواجهة إيران التي فشلت الإدارة السابقة في الحد من توسعها بالمنطقة. إلا أن المدخل الجديد يحمل مخاطر تعرض القوات الأمريكية في العراق وسوريا لعمليات انتقامية وحتى اندلاع مواجهة شاملة.
وكان فلين قد اتهم الجمعة المجتمع الدولي بالتسامح مع التصرفات الإيرانية. وكرد على ضرب الحوثيين فرقاطة سعودية بقوارب انتحارية يوم الاثنين أمرت القوات الأمريكية المدمرة «يو أس أس كول» تغيير رحلة روتينية لها في الخليج والتوجه نحو باب المندب. وهي المدمرة نفسها التي تعرضت لهجوم عام 2000 نفذته «القاعدة» على الشواطيء اليمنية وقتل 17 بحارا أمريكيا.
وستقوم المدمرة بمراقبة السفن العابرة للمياه اليمنية وعبر باب المندب. وكانت المنطقة قد شهدت إطلاق صواريخ ضد بارجة أمريكية أخرى ودمرت باخرة عسكرية إماراتية في تشرين الأول/أكتوبر.
طائرات بدون طيار
وتعيد الإدارة الحالية والطاقم الجمهوري في الكونغرس دراسة تصعيد الغارات بالدرون ـ طائرات بدون طيار- وزيادة عدد المستشارين العسكريين وربما التصعيد من العمليات ضد الجماعات المتشددة.
وتؤكد المجلة أن الاختبارات الإيرانية وهجمات الحوثيين عززت من مواقف فلين المتشددة حيث ركزت الإدارة الحالية في حملتها الانتخابية على الخطر الإيراني.
وحسب المستشار لفريق الأمن القومي فإن فلين يريد و»بقوة» مواجهة الجهود الإيرانية في الشرق الأوسط إلا أن هناك أسئلة لا تزال قائمة حول التوقيت والتفاصيل.
ويعلق الكاتبان على الحزمة الجديدة من العقوبات والتي تشمل عددا من الشركات والأشخاص الذين ساعدوا في برنامج الصواريخ الإيرانية في الإمارات ولبنان والصين وإن لم تطل الإتفاق النووي إلا أنها خطوة من الخطوات للضغط على إيران وإبعاد المستثمرين عن إيران.
ولعبت الولايات المتحدة دورا في الحرب الأهلية في اليمن من خلال تزويد السعوديين بالمعلومات الإستخباراتية والوقود من الجو للمقاتلات السعودية وكذا الذخيرة.
وحدت الإدارة من بعض هذه الجهود بعد سلسلة من الأخطاء التي ارتكبت وطالت المدنيين. وظلت إدارة أوباما تقلل من الدور الإيراني بدعم الحوثيين حيث اعتقدت أن التحالف الذي تقوده السعودية يبالغ في الحديث عنه.
وركزت عوضا عن ذلك على مواجهة «القاعدة». ويشير الكاتبان لسلسلة التحذيرات التي أطلقها فلين ودعوة السناتور الجمهوري عن ولاية تينسي بوب كروكر ورئيس لجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس لخطة متعددة الوجوه ومنسقة لمواجهة النشاطات غير الشرعية لإيران في اليمن.
ويخشى بعض المسؤولين في الإدارة الأمريكية أن يؤدي الإنخراط الأمريكي في الحرب لزيادة إيران من دعمها للحوثيين بطريقة تزيد من شراسة الحرب وإطالة أمدها بشكل يهدد الملاحة الدولية والدول الجارة وتحديدا السعودية. خاصة أن الإدارة ذاقت طعم التدخل المر في أول عملية أمريكية في اليمن منذ كانون الأول/ديسمبر 2014 حيث فشلت قوات «نيفي سيل» (أو الفقمة) في مهمة لتدمير معسكر لـ»القاعدة» في وسط اليمن.
جاهزة
ويرى سيث جونز، الزميل الباحث بمؤسسة راند إن العملية تشير لرغبة أمريكية للمشاركة في اليمن وبطريقة سرية. وستقوم الولايات المتحدة بالتعاون في هذا المجال مع قوات محلية. وتحذر المحللة في «أمريكان إنتربرايز» كاثرين زيمرمان من مخاطر صب مزيد من الزيت على النار المشتعلة حيث ستقف الولايات المتحدة إلى جانب الحكومة في عدن. إلا أن الهجوم كشف كما يقول مراسل صحيفة «واشنطن بوست» سودرسان راغفان عن قوة «القاعدة».
وقال إن الفرع اليمني الذي يعتبر من أقوى الفروع التابعة للتنظيم والمتهم بالتخطيط لعمليات ضد أوروبا وأمريكا جمع معلومات استخباراتية كافية لإحباط الهجوم الأمريكي في 29 كانون الثاني/يناير 2017 كما توفرت له القدرات القتالية لصد الهجوم.
وانتهت المعركة بمقتل 14 ناشطا في القاعدة وجندي أمريكي وجرح ثلاثة آخرين بالإضافة لثلاثين مدنيا منهم نورة، 8 أعوام وهي ابنه الناشط اليمني الأمريكي أنور العولقي والتي تحمل الجنسية الأمريكية.
ويقول راغفان إن الهجوم ومقتل المدنيين أضاف توترا جديدا وزاد من غضب اليمنيين ضد أمريكا بعد منع أبناء بلدهم من دخول الولايات المتحدة. وفي العاصمة صنعاء التي كتبت شعارات الحوثيين المعادية لأمريكا على الجدران واليافطات الإعلانية وحد الهجوم اليمنيين، وهي لحظة نادرة في هذا البلد المنقسم.
وحسب رسام محمود، الموظف الحكومي فقد زاد الهجوم من «الغضب والكراهية لأمريكا» والتي قال إنها لا تملك الحق بتنفيذ عمليات عسكرية في البلاد.
ودعت منظمة العفو الدولية ـ «أمنستي إنترناشنال» يوم الخميس، الجنرال ماتيس إلى فتح تحقيق في الحادث ومحاكمة المشاركين إن اقتضى الأمر. وفي الوقت نفسه حذر محللون من آثار العملية التي قد تزيد من شعبية التنظيم بين السكان.
وحسب إبريل لونغلي ألي، المحللة في مجموعة الأزمات الدولية ببروكسل، فإن استخدام القوات الأمريكية وسقوط مدنيين «تلهب» الوضع و»تفرخ المشاعر المعادية لأمريكا في داخل المشهد السياسي اليمني ولا تخدم إلا القاعدة».
ومنذ سقوط نظام علي عبدالله صالح عام 2011 توسعت القاعدة في اليمن وزادت من شبكة الدعم لها بين القبائل اليمنية.
وفي تقرير لمجموعة الأزمات الدولية فإن «القاعدة» في اليمن «أقوى مما كانت عليه في الماضي». فقد انتعشت في ظل انهيار الدولة وتزايد الطائفية وتغير التحالفات والفراغ الأمني والحرب الاقتصادية المستمرة.
وبالإضافة للمخاوف من «القاعدة» التي حاولت تنفيذ عمليات جريئة ضد طائرات متجهة لأمريكا عام 2009 وأعلنت مسؤوليتها عن هجوم «تشارلي إيبدو» عام 2015 من الجماعات الموالية لتنظيم «الدولة» والتي قامت بتنفيذ عمليات ضد القوات الحكومية خاصة في ميناء عدن. وحسب التقرير فقد ربح التنظيمان من عملية التحول السياسي الفاشلة والحرب الأهلية التي تبعتها. ويربط الكاتب فشل العملية بتداعيات الربيع العربي التي أثرت على عمليات مكافحة الإرهاب في اليمن. فقد خفضت الولايات المتحدة من عمليات مكافحة الإرهاب في الوقت الذي دخلت فيه البلاد دوامة حرب أهلية بين المتمردين الحوثيين المتحالفين مع الرئيس السابق صالح من جهة والقوات التابعة لعبد ربه منصور هادي والدول الداعمة له من جهة أخرى.
وأشار راغفان إلى وجود قوة صغيرة من القوات الأمريكية الخاصة في اليمن تقدم الدعم لحكومة هادي على مواجهة «القاعدة» وتنظيم «الدولة».
وهو تحول عن إدارة أوباما التي ركزت على الحرب من خلال «الدرون» التي قتلت عددا من قادة المتشددين لكنها لم تؤد لاحتواء وتحييد خطر الجهاديين.
ويقول المحللون إن إدارة ترامب قد تواصل الحرب بالطائرات بدون طيار بالإضافة لعمليات القوات الخاصة.
وترى إبريل، من مجموعة الأزمات الدولية أن حرب الدرون لم تعط نتائج و»فشلت» منع نمو «القاعدة» المستمر لأن الفرص التي وفرتها الحرب عوضت الخسائر التي تكبدها الجهاديون.
واستطاع تنظيم «القاعدة» بناء تحالفات مع القبائل وتقديم المال لقادتها. ويعتمد في موارده المالية على تهريب البضائع مستفيدا من الحصار الذي فرضه التحالف الذي تقوده السعودية. كما أن مقاتليه يشاركون مع بقية القبائل مواجهة الحوثيين.
وحظيت «القاعدة» بالدعم بعدما أوقفت تطبيق القوانين المتشددة على السكان.
وفي مقال كتبه مايكل هورتون بالعدد الاخير من مجلة «سي تي سي سينتايل» الصادرة عن مركز مكافحة الإرهاب في الأكاديمية العسكرية الأمريكية وصف «القاعدة» بالثرية والمسلحة بدرجة لم تمر عليها في تاريخها.
وأضاف أن التنظيم يقوم بتعزيز شبكاته الاستخباراتية وجمع المعلومات والتوسع في مناطق لم يعد موجودا فيها. وبدا كل هذا واضحا في الطريقة التي تكشفت فيها العملية الأمريكية حيث استطاع التنظيم استغلال التنافسات القبلية مستخدما قدراته المالية والعسكرية وتوفير ملجأ آمن له. ومع ذلك فهناك قبائل وجدت أرضية مشتركة بينها والتنظيم، أي مواجهة الحوثيين وصالح.
شهود عيان
وفي شهادات جمعتها صحيفة «لوس أنجليس تايمز» من شهود عيان في المنطقة التي كانت أول ساحة حاول فيها ترامب إظهار تصميمه على هزيمة القاعدة، قال شيخ قبيلة اسمه أحمد الجوفي تحدث عبر الهاتف لكاتبي التقرير نبيه بولس ودبليو جي هيننغان قوله إن المعركة اندلعت عندما كان يحضر نفسه للنوم وسبقها صوت طائرات بدون طيار التي تعود الأهالي عليها ولكنهم شاهدوا في تلك الليلة الأمريكيين «في كل مكان» حسب الجوفي.
وكانت بداية لمعركة حامية استمرت قرابة الساعة. وقال شاهد آخر أن بيته تعرض للقصف حيث ماتت ابنته إلا أن طفلتها البالغة من العمر 4 أعوام نجت.
وقال محسن صالح عامري «لقد هاجموا المسجد والمدرسة والعيادة الطبية وسجن بالمنطقة». وأضاف «كل شخص ترك بيته ضرب أو قتل ولا يملك الناس هنا أي سلاح سوى الكلاشينكوف». وبعد نهاية المعركة خاف الناس من نقل الجرحى للمستشفيات حيث توقعوا عودة الجنود مرة أخرى ولم يتم علاجهم إلا في الساعة السادسة صباحا.
وكان من بين القتلى عبد الرؤوف الذهب الذي قال فارع المسلمي، مدير مركز صنعاء للدراسات الإستراتيجية إن مقتله سيثير المشاعر المعادية للأمريكيين ليس لأنه ينتمي للقاعدة بل العكس.
وحسب أحمد السلماني، أحد القادة المحليين في يكلا فإن «الذهب لم يكن من تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية وكل شخص يعرف إنه شيخ قبلي ولا علاقة له بالقاعدة» و»لهذا السبب فالكل مستعد للتضحية بحياته وقتل الأمريكيين».
وكدليل على فشل العملية الفيديو الذي بثه الجيش الأمريكي يوم الجمعة والذي أكد أنه يحتوي على معلومات حساسة حصل عليها الجنود من الهجوم.
ويظهر الفيديو الجهاديين وهم يعدون متفجرات ليتضح أنه فيديو يعود إلى عام 2007 بثه التنظيم نفسه على الإنترنت. فقد كان من أهداف العملية الحصول على أجهزة كمبيوتر شخصية ومواد ألكترونية ومعلومات أخرى كي تستخدم في ملاحقة «القاعدة» إلا أن الجنود المشاركين في العملية جمعوا معلومات قديمة ولهذا تم سحب الفيديو من موقع الجيش الأمريكي.
جهاد افتراضي
وبالمحصلة تواجه الولايات المتحدة عدوا قويا لديه قدرة على التخطيط والتواصل عبر الفضاء الألكتروني كما بدا في خلية الهند التي تم تدريبها وتوجيه أفرادها لكل صغيرة وكبيرة تتعلق بأول هجوم على التراب الهندي. فعلى مدار 17 شهرا تم توجيه المهندس الشاب محمد إبراهيم يزدني. وقام المخططون من سوريا بالتدقيق في كل عنصر من عناصر الخلية وأخذ البيعة منهم وأرسلوا لهم تعليمات أمنية ووجهوا أفرادها لشحنات أسلحة مخبأة في شاحنات بيكب وغير ذلك من المواد الكيماوية الضرورية لتنفيذ الهجوم. وتقول رومكيني كاليماتشي في تقرير بصحيفة «نيويورك تايمز» التي حصلت على تقارير التحقيق مع ثلاثة من أعضاء الخلية التي فككها الأمن الهندي في حزيران/يونيو 2016 إن حالة مثل الخلية الهندية تثير قلق المسؤولين حول العالم الذين يواجهون هجمات مستمرة من عدو مصمم حيث يقوم بعمليات موجهة عن بعد خاصة في الدول التي لا يمكنه الوصول إليها إلا عبر الإنترنت.
وتكشف خلية «حيدر أباد» عن الدور الذي لعبه المخططون الجهاديون في التدريب والإشراف حيث وصلوا إلى بلد يفرض قيودا على استخدام السلاح بطريقة تركوا فيها أسلحة خفيفة معلقة من شجرة كي يقوم أفراد الخلية بجمعها.
والأهم من كل هذا أن المخططين الذين أشرفوا على الخلية عملوا خلف ستار من السرية لدرجة أن أعضاءها لم يستطيعوا التعرف أو حتى تحديد جنسية واحد منهم خاصة أنهم اتصلوا بهم من خلال نظام رسائل مشفر أخفى الدور الذي لعبه التنظيم. وأدى الكشف عن خلية حيدر أباد للبحث عن عمليات أدارها التنظيم عن بعد في الولايات المتحدة وأوروبا وآسيا حيث لم يكن المنفذون في غالب الأحيان «ذئاب متوحدة» بقدر ما تلقوا تعليمات عبر الإنترنت كما في الهجوم على المركز الإجتماعي في غارلاند ـ تكساس. وتقود معظم العمليات التي نفذها التنظيم في الأعوام الأخيرة إلى المخططين الذين يعيشون في سوريا. فالملاحقة للتنظيم في العراق وصعوبة سفر الناشطين إلى الدول المستهدفة أدى بالبحث عن طرق لا حاجة فيها للسفر وتوجيه الهجوم عن قرب.
ويقول ناثلين بار منة مركز فالينز غلوبال «هم مدربون افتراضيون يقدمون الإرشاد والتشجيع في كل العملية من التشدد إلى التجنيد وتنفيذ هدف محدد. وأضاف قائلا «لو نظرت إلى الاتصالات بين المهاجمين والمخططين الافتراضيين فإنك ستجدين تواصلا مباشرا حتى الدقيقة أو الثانية الأخيرة قبل قيام المنفذين بالهجوم».
ومن هنا أصبح تحديد هوية المخططين المباشرين بمثابة تحد للمسؤولين الأمريكيين والأوروبيين الذين يلاحقون شبكات الإرهاب. وتمثل خلية يزدني أوضح مثال عن الطريقة التي يقوم فيها تنظيم «الدولة» بتصدير الإرهاب عبر الإنترنت. وسمح هذا الأسلوب للجهاديين التمدد إلى دول تمتد من فرنسا إلى ماليزيا وأندونيسيا وبنغلاديش وأستراليا، كما وكشف عن مؤامرات في عدد من الولايات الأمريكية من كولومبوس إلى أوهايو.
وعبرت المحللة الأمنية بريجيدت مورينغ عن قلقها قائلة «أخشى أن يكون هذا هو مستقبل تنظيم الدولة». وهي مهتمة بالإرهاب الافتراضي ونشرت مقالا حوله في «فورين أفيرز». وكشف تحقيق «نيويورك تايمز» عن الكيفية التي اتصل فيها المخططون الجهاديون مثل أبو عيسى الأمريكي مع ناشطين عبر رسائل مشفرة باستخدام تطبيق «تيلغرام» ومن بينهم يزدني الذي كان يرغب بالهجرة إلى أرض «الخلافة» ولم يكتشف المسؤولون الأمنيون خطر الجهاديين الافتراضيين إلا بوقت متأخر حيث قتل الأمريكي مع زوجته وأبنائه في غارة أمريكية على بلدة الباب السورية في نيسان/إبريل 2016 وتبين أنه سوداني الأصل ويكنى بأبو سعد السوداني، ولم تكن خلية حيدر أباد الوحيدة التي أشرف عليها بل وخطط من مخبئه السوري لهجمات أخرى في كندا وبريطانيا وهجوم على عنصر سابق في الحرس الوطني يعظيش في كولومبوس.