الرئيسية > اخبار وتقارير > نووي إيران وجنون ترامب.. تصعيد متبادل يعيد الاتفاق لـ"الصفر"

نووي إيران وجنون ترامب.. تصعيد متبادل يعيد الاتفاق لـ"الصفر"

بين حبس الأنفاس والتلويح بخيارات أخرى، تكشف إيران عن توترها المكتوم، أمام مستقبلٍ مجهولٍ من جرّاء تصريحات الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب المتكررة، حول إصراره على إلغاء الاتفاق النووي.

التصعيد الذي يمارسه ترامب بين فينة وأخرى، بتعهده بإلغاء الاتفاق، وضع طهران مراراً في موقف حيرة، خاصةً مع انطلاق سباق الانتخابات الرئاسية في 27 مايو/أيار 2017، ما يوحي بتعمد أمريكي في أداء دور جوهري في تحديد مسار الانتخابات.

التوتر الواضح في ردود الفعل الإيرانية دفعهم إلى التلويح برد فعل ينافي مسار الاتفاق وأعراف المجتمع الدولي، مثلما جاء في حديث وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف خلال حضوره، 24 يناير/كانون الثاني 2017، اجتماع غرفة التجارة والصناعة والمناجم والزراعة بالعاصمة الإيرانية طهران، قائلاً: "إننا لا نستأذن أحداً لاستئناف أنشطتنا النووية".

وأكد أن "إيران لم تكن تثق بالطرف الآخر، كما أن الطرف الآخر لم يكن على ثقة بنا، ومن ثم فإنه إذا لم نحصل من الاتفاق النووي على "مصلحة وامتياز" فلا تعود لنا مصالح فيه، والقرار بيدنا للعودة إلى ما قبل الاتفاق".

رئيس مؤسسة الطاقة الذرية الإيرانية علي أكبر صالحي، داعماً ما صرح به ظريف، قال إن بلاده ستستأنف البرنامج النووي السابق سريعاً في حال أراد ترامب تمزيق الاتفاق النووي، وذلك خلال مقابلة أجراها صالحي مع شبكة "سي بي سي" الكندية في 22 يناير/كانون الثاني 2017، مشيراً إلى أن إيران لا تريد تمزيق خطة العمل المشترك الشاملة (الاتفاق النووي)، ولكن في حال قيام ترامب بتمزيقه، "يمكننا ببساطة استئناف البرنامج النووي السابق، وليس فقط العودة إلى المكان السابق فحسب وإنما يمكننا من الناحية الفنية الذهاب إلى ما هو أبعد بكثير عما كنا عليه سابقاً".

وحول التصعيد الإيراني، قال الدكتور محجوب زويري، أستاذ تاريخ الشرق الأوسط المعاصر والخبير في الشأن الإيراني بقسم العلوم الإنسانية ومركز دراسات الخليج في جامعة قطر، إن هذا التصعيد الحالي بين طهران وواشنطن ما زال ينحصر في إطار "التصريحات فقط"، مؤكداً "تحرك إدارة أوباما للبحث عن مخرج قانوني للعودة عن الاتفاق النووي، أو على الأقل المطالبة بتعديله، والبحث عن داعمين لهذه التحركات الأمريكية، سواء في الإدارة الأمريكية أو داخل الأمم المتحدة".

وأضاف زويري، في حديثه لـ "الخليج أونلاين"، إلى أن "الإدارة الأمريكية تبحث عن سند قانوني يعمل على إرباك المشهد في الملف النووي وإعادته إلى النقطة صفر مرة أخرى، خاصةً أن نجاح هذا المخرج سيرضي إسرائيل بشكل كبير جداً، وهو ما تسعى إليه إسرائيل حالياً من تعطيل للاتفاق النووي بأي صورةٍ".

زويري فسر التصريحات الإيرانية بقوله: إن "الإدارة الأمريكية يمكنها تعقيد الاتفاق عبر إجراءات، ما يعقد الاستفادة الاقتصادية منه بالنسبة لإيران، وهو ما قد يسبب مشكلة للنظام الإيراني أمام الرأي العام الداخلي، خاصةً أنه وبعد أربعة أشهر ستنطلق الانتخابات الرئاسية الإيرانية، وقد تلعب إدارة ترامب على محاولة التأثير على نتيجة الانتخابات".

وخلال حملته الانتخابية، وصف ترامب الاتفاق النووي الذي أبرم مع إيران، بأنه "واحد من أسوأ الاتفاقات" التي أبرمت في التاريخ، وهو ما أكده لاحقاً مستشاره للسياسة الخارجية، العربي الأصل، وليد فارس، في تصريحات تلفزيونية، بقوله: "إن الاتفاق النووي مع إيران سيتغير بشكل يضع في الحسبان دول المنطقة التي تضررت من التدخلات الإيرانية".

وفي خطاب ألقاه في مارس/آذار 2016، أمام لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية (إيباك)، وهي جماعة ضغط موالية لإسرائيل، أعلن ترامب أن "أولويته الأولى" ستكون "تفكيك الاتفاق الكارثي مع إيران"، وفق ما نشرته وكالة الأنباء الفرنسية في 22 مارس/آذار 2016.

ولمزيد من الضغط على طهران، وإرباك المشهد الداخلي لها، وافق مجلس النواب الأمريكي، في 15 نوفمبر/تشرين الثاني 2016، على مشروعي قانون يجدد أحدهما العقوبات على إيران عشر سنوات، ويفرض الآخر عقوبات جديدة على سوريا.

وقد أُقر هذا القانون لأول مرة عام 1996؛ بهدف فرض قيود على الاستثمارات في قطاع الطاقة في إيران، وردع سعي طهران للحصول على أسلحة نووية.

ورداً على مصادقة مجلس الشيوخ الأمريكي على تمديد الحظر المفروض من جانب واحد على إيران، أكد المتحدث باسم الخارجية الايرانية بهرام قاسمي، حينها، أن إيران "اتخذت التدابير اللازمة لكل الاحتمالات المتوقعة، والاستعداد اللازم للذود عن حقوق الشعب الإيراني بشكل مؤثر وقوي وحكيم، مهما كانت الظروف".

وتوصلت إيران والسداسية الدولية (الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي بالإضافة إلى ألمانيا)، في 14 يوليو/تموز 2015، إلى اتفاق تاريخي خاص بتسوية قضية البرنامج النووي الإيراني التي ظلت قضية عالقة على مدى أعوام عديدة.

وافقت الأطراف المشاركة في المباحثات آنذاك على خطة العمل المشتركة الشاملة التي كان على إيران تطبيقها لرفع العقوبات الاقتصادية والمالية المفروضة عليها من قبل مجلس الأمن الدولي والولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي، وأصبحت هذه الخطة سارية المفعول ابتداءً من 16 يناير/كانون الثاني 2016، في حين دخل الاتفاق "مرحلة الخطر" بدخول ترامب للبيت الأبيض في 21 يناير/كانون الثاني 2017.

 أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)
أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)