من جديد، تفشل السلطة الفلسطينية في إقناع الإدارة الأمريكية الحالية برئاسة باراك أوباما، بتقديم أي خطوة إيجابية لمصلحة الفلسطينيين قبل رحيلها عن المشهد السياسي، لتُصاب بخيبة أمل جديدة وتذهب رهاناتها والآمال التي علقتها على أوباما أدراج الرياح.
وعلم مراسل "الخليج أونلاين" في غزة، نقلاً عن مسؤول فلسطيني رفيع المستوى في السلطة، أن آخر لقاءات "سرية" جرت بين الوفدين الفلسطيني والأمريكي بواشنطن في الـ12 من ديسمبر/كانون الأول 2016، قد فشلت في إحراز أي تقدم بالملفات التي طرحت خلال تلك اللقاءات.
وأكد المسؤول الفلسطيني الذي فضل عدم ذكر اسمه لحساسية منصبه، أن الوفد الأمريكي الذي ترأسه وزير الخارجية جون كيري، ومستشارة الأمن القومي الأمريكي سوزان رايس، رفض وبشكل قاطع إعطاء الوفد الفلسطيني أي وعود إيجابية حول أي ملف يُطرح خلال الفترة المتبقية من ولاية أوباما.
ضربة أمريكية جديدة للسلطة
وأوضح أن الوفد الفلسطيني، الذي كان يترأسه صائب عريقات، حاول إقناع الإدارة الأمريكية بعدم استخدام حق النقد "الفيتو" ضد مشروع قرار "إدانة الاستيطان" في حال تم تقديمه لمجلس الأمن الدولي للتصويت عليه من قِبل الدول الأعضاء، إلا أن الوفد الأمريكي امتنع عن إعطاء أي وعود في هذا الجانب، الأمر الذي فهمه الوفد الفلسطيني بأنه رفْض وأن "الفيتو" سيُستخدم مجدداً ضد مشروع قرار "الاستيطان".
إضافة إلى ذلك، كشف المسؤول ذاته لـ"الخليج أونلاين"، أن كيري سلم الوفد الفلسطيني "رسالة مهمة" تتعلق بالموقف الأمريكي من التطورات السياسية في المنطقة، واعتذار "ضمني" لفشلها في إحراز أي تقدم في المفاوضات بين السلطة و"إسرائيل" خلال سنوات إدارة أوباما.
وذكر أن بعض بنود الرسالة التي وصلت مكتب الرئيس عباس عبر عريقات، كان فيها اعتراف الإدارة الأمريكية الحالية بصعوبة إحداث اختراق في ملف المفاوضات الثنائية بين الجانبين، وكذلك "الحذر" من المرحلة المقبلة والاستعداد لها.
المسؤول الفلسطيني، اعتبر أن رسالة كيري تشير إلى المرحلة المقبلة مع إدارة الرئيس المنتخب دونالد ترامب، والتي تدل كل التصريحات التي صدرت عنه أو عن طاقمه السياسي المؤيدة لـ"إسرائيل"، ستكون مرحلة قاسية، وأمل "حل الدولتين سيتلاشى كُلياً".
وأشار إلى أن الرئيس عباس، فور عودته من زيارته الخارجية للسعودية، سيعقد اجتماعاً "طارئاً" للقيادة الفلسطينية بمقر الرئاسة في مدينة رام الله بالضفة الغربية المحتلة؛ للتباحث في مضمون الرسالة وكذلك تشكيل طاقم "سياسي" جديد للتعامل مع إدارة ترامب.
وتوقفت المفاوضات الفلسطينية-الإسرائيلية نهاية أبريل/نيسان 2014، دون تحقيق أية نتائج تُذكر، بعد 9 أشهر من المباحثات برعاية أمريكية وأوروبية؛ بسبب رفض الاحتلال وقف الاستيطان، وقبول حدود 1967 أساساً للمفاوضات، والإفراج عن معتقلين فلسطينيين قدماء في سجونها.
رهان فاشل وقوع في الفخ
من جانبه، اعتبر حسن خريشة، النائب الثاني للرئيس المجلس التشريعي، أن السلطة الفلسطينية برئاسة محمود عباس وقعت في "الفخ" الأمريكي، بعد تعليقها آمالاً كبيرة على قدرة إدارة أوباما على إحراز أي تقدم في ملف "التسوية" وإحيائه من جديد.
وأكد خريشة لـ"الخليج أونلاين"، أن الرئيس عباس رهن الكثير من الملفات الفلسطينية الداخلية، وأعاق تحقق المصالحة مع حماس؛ من أجل تحقق أي مكسب أو موقف سياسي من قِبل الإدارة الأمريكية لمصلحته، لكنه وطوال السنوات الماضية لم يحصل على شيء؛ بل خسر الكثير وجنى الدمار والهلاك لشعبه.
وحمّل النائب في المجلس التشريعي، الرئيس عباس المسؤولية الكاملة عن النتائج المترتبة على فشله في المفاوضات مع "إسرائيل"، مؤكداً أن المرحلة المقبلة مع إدارة ترامب ستكون أكثر خطورة ولن تجد فيها السلطة الطريقة المناسبة للتعامل معها.
ودعا خريشة الرئيس عباس إلى وقف "اللهث وراء السراب الأمريكي والإسرائيلي بملف المفاوضات"، والتوقف عن فتح هذا الباب، والتوجه "فعلياً" إلى تحقيق مصالحة فلسطينية داخلية عاجلة مع حماس وباقي الفصائل؛ لمواجهة المخاطر التي تعصف بالقضية والمشروع الوطني.
واعتبر ما كشفه "الخليج أونلاين" حول الرسالة التي تسلمتها السلطة من كيري مؤخراً ، أنها "جاءت في الوقت الضائع" وجزء من مخطط أمريكي وغربي جديد لـ"بيع الوهم" للفلسطينيين لسنوات إضافية قادمة، مؤكداً أن إدارة أوباما وترامب "لن يختلفا في كيفية إضاعة الحقوق الفلسطينية ودعم ومساندة إسرائيل".