الرئيسية > اخبار وتقارير > هل الوطن العربي ساحة تدريب؟

هل الوطن العربي ساحة تدريب؟

كل يوم نسمع ونتابع في الفضائيات احداث القصف الجوي والمدفعي والبحري في كل مناطق الاشتباك في الوطن العربي ( سوريا وليبيا والعراق واليمن والأرض المحتلة فلسطين وجنوب لبنان وغيرها… ) وكل يوم نسمع اسماء لصواريخ ومقذوفات وقنابل وقاذفات يتم الإعلان عنها لأول مرة ونسمع شرحا تفصيليا وبكل وقاحة يقال انها لم تستخدم قبل ذلك, فالشعوب العربية هي بمثابة الشواخص للقنص منذ بداية ظهور ما يسمى الربيع العربي والمئات والآلاف من ابناء الوطن العربي يقتلون يوميا بأشكال وأساليب متعددة ولو انتقلنا إلى ما قبل الربيع او الخريف العربي فمسلسل القتل وشرب الدماء العربية بدأ منذ الاحتلال الأمريكي للعراق حيث بدأنا نسمع بمئات القتلى يوميا في كل مدن العراق. ولو رجعنا إلى الوراء لسنوات سنجد ان الشعب الفلسطيني كان ولا يزال يموت يوميا وبكل الطرق منذ سنة 1948 والى اليوم وليس من الضروري ان يموت الإنسان بالقصف او بالرصاص او مفخخا… فطرق الموت متعددة لكن الحصيلة ان الموت واحد
انا لست ضد الثورة على كل اشكال الظلم فلا طعم للحياة في ظل الظلم ولن تستقيم الحياة الا اذا كان الإنسان حرا بالمعنى الشامل لمفهوم الحرية لكنني ايضا مع النظام والقانون والعدالة الاجتماعية وعندما تكون الثورة من اجل الاصلاح والتغيير يجب ان يكون الاصلاح بعلاج الفساد وزيادة الأمور الصالحة صلاحا وليس التخريب الممنهج… كما يجب ان يكون التغيير إلى الافضل وليس إلى الأسوأ. ويجب ان يكون التغيير بأقل الخسائر المادية والبشرية لأن قيمة الإنسان اغلى من كل الثورات ولأن ازهاق الروح ليس امرا بسيطا فنحن بشر، ولا يجوز قتلنا بهذه البساطة وما نلاحظه ان مسلسل الثورات بدأ وتزامنت معه مسلسلات القتل وشلالات الدم العربي بكل الطرق.. قصف وقنص وسيارات مفخخة وغازات كيماوية, فالمهم عند من خطط للثورات العربية هو قتل اكبر عدد ممكن من العرب والمسلمين في كل مكان وكأن ما يحصل هو تنفيذ لعقيدة صهيونية تتمثل في شهوة اراقة الدم, وفناء العرب والمسلمين. 
لقد تطورت الأمور في البلدان العربية بشكل غير مسبوق وبدأ الإخوة يقتلون بعضهم البعض بشكل يورث الخزي والعار للأبد وذلك بسبب الانتماء الحزبي والعنصرية البغيضة والفشل في استيعاب الاختلاف والسقوط في فخ الاختلاف بدلا من استثماره للصالح العام فالاختلاف بين البشر أمر فطري طبيعي وهناك فرق شاسع بين الخلاف والاختلاف ولا يجب أن يتطابق الفكر حتى نتفق بل الابداع يتمثل في ان نتفق ونحن مختلفون فكريا ما دام ما يجمعنا أكثر ما يفرقنا فنحن مسلمين وعرب في وطن واحد يتجاوز عددنا 350 مليون إنسان لغتنا واحدة, مصيرنا واحد يجب أن نتفق وان نستثمر اختلافاتنا لكي نكون نموذجا راقيا وفريدا في الحياة الاجتماعية والسياسية وعندما نكون كذلك فإننا سنكون أقوى قوة في العالم لأننا متماسكون رغم أننا مختلفون. وكل واحد منا يمثل شريحة معينة من الشعب وبيننا انسجام واتفاق لمصلحة الوطن ككل فوجود المعارضة أمر إيجابي لمصلحة الوطن، لكننا وللأسف نفهم الديمقراطية بشكل خاطئ وللأسف استطاع المخططون للثورات العربية ان يزرعوا فينا التعصب والتشدد لأفكارنا وأصبحنا نعتبر انفسنا آلهة لا نخطئ وأصبح كل واحد منا متشبثا برأيه ويعتقد أنه على الحق المطلق ولم يتوقف أي شخص منا ليسأل نفسه سؤالا مهما جدا : هل انا فعلا على الحق ؟ هل الحق الذي ادعي انني عليه هو الحق الذي انزله الله ؟ او فرضته القوانين الموجودة؟ أم أنني أدعي أنني صاحب حق لأنه يخدمني ؟ هذا السؤال في منتهى الخطورة ارجو ان نسأله لأنفسنا جميعا كلما اختلفنا مع أحد وأن نجيب عليه بموضوعية وان نحاسب انفسنا قبل أن نقتل بعضنا فلا مبرر لإزهاق الروح.
وكانت نتيجة حتمية لهذا الخلل في ادارة الاختلاف فيما بيننا أننا وصلنا إلى ما نحن عليه الآن من قتل وتخريب ودمار لمجتمعاتنا ومقدراتنا ونهب لثرواتنا ونحن لا نستطيع ان نتدخل لأننا مشغولون في السباحة في دماء الآخر وكيف سأحافظ على ثروتي القومية والوطنية وأنا أسبح في الدم ولو فكرت أن احافظ سأغرق في الدم وسيقتلني من أريد أن اقتله…. هذه هي المعادلة التي تحكم الوطن العربي اليوم.
ففي ظل القتل اليومي في العالم العربي يتم ضخ وبيع البترول بمنتهى وبنظام وتم بيع كل سلاح الجيش العراقي السابق على أساس أنه حديد خردة وتتم سرقة الصخور والرخام والرمال الكثير من الخيرات العربية بشكل يومي..
بالإضافة إلى كل ذلك فإن كل الأسلحة التي يتم استخدامها لقصف الأهداف العربية وتدمير المقدرات وقتل العرب.. سوف يتم دفع فاتورتها من الدول العربية الداعمة للتحالفات العربية او الدولية.. فنحن نموت بأسلحة متعددة المصادر يدفع ثمنها العرب لتقتل العرب وتدمر المقدرات العربية في الاراضي العربية وهذا القتل اليومي المتعمد لأبناء الوطن العربي هو لخدمة إسرائيل أولا ثم لخدمة الغرب.
ما أريد أن اصل إليه في هذا المقال هو زاوية خاصة بالتجارب فلن يجد العالم الغربي ساحة للحرب افضل من الوطن العربي للتدريب وتجريب الأسلحة التي يصنعونها على اجسادنا وبيوتنا وتراثنا ومقدراتنا ولا يجب أن ننسى أنه لا فرق بين صهيوني أو أمريكي أو روسي أو أوروبي, فالكل يستهدف العرب والمسلمين في كل مكان طالما الضحية ليست من طرفهم ولو دققنا في الملاحظة سنكتشف أن مبيعات الأسلحة تتزايد بالمليارات بعد كل تجربة وسنلاحظ ان طائرة معينة ومنظومة صواريخ جديدة وقنابل مجهولة التأثير وأمورا لم تتم تجربتها من قبل…
كلها تم تجربتها في سوريا واليمن والعراق وليبيا وفلسطين وبعدها يتم بيع صفقات منها للعالم الذي يتلهف لاشباع شهوته من شرب الدم العربي فالنتيجة النهائية هي بيع صفقات اسلحة بالمليارات بعد تجربتها بنجاح في الحقول التجريبية العربية في ما يسمى الحرب على الإرهاب والغريب في الموضوع ان قادة التنظيمات (الإرهابية ) التي يحاربونها في بلادنا يستقرون في لندن وواشنطن وموسكو ويطلقون التصريحات من هناك.. إنه غباء وعمى فكري يسيطر على العالم العربي حاليا وسيبقى الوطن العربي حقلا للتدريب والتجارب في كل المجالات طالما استمر تعطيل العقل العربي عن التفكير ولو دققنا في كثير من المنتجات الأوروبية سنلاحظ انه مكتوب عليها بوضوح (لا تباع داخل الولايات المتحدة – ليست للبيع داخل المملكة المتحدة – لا تباع لأطفال هولندا أو فرنسا – يحظر بيعها داخل حدود الدنمارك – صنع في إسرائيل خصيصا لغزة)
بالإضافة إلى ذلك فإن كثيرا من الادوية والعقاقير الطبية لا تباع الا في العالم العربي لمعرفة أثرها ومدى نجاعتها ويقوم كثير من الاطباء بتجربتها بمنتهى الغباء على ابنائنا بدون فهم وبلا وعي فنحن وقود لكل شيء، حيث نخضع للتجارب بكل الطرق عسكريا وطبيا وسياسيا واقتصاديا وسنبقى كذلك إلى أن نقوم بثورة واعية على كل شيء ولكن قبل أن نثور يجب أن نكون على مستوى عال من الوعي. . فالثورة غير الواعية تهدم المجتمعات.. أرجو أن نستخدم عقولنا في التحليل وأن ننشر الوعي فيما بيننا بلا تعصب ولا تشدد وأن نحافظ على وحدة بلادنا وأن نتفاهم مهما كانت درجة اختلافنا. . فالوطن العربي ومستقبل أبنائنا أهم من آرائنا وتعصبنا وانسياقنا للأجندات الخارجية التي تهدف إلى تحقيق الثروة من خلال بيع الأسلحة بعد التدرب عليها في بلادنا وعلى أجسادنا…