لم يقتصر الصراع بين إيران والمملكة العربية السعودية على جانبه السياسي، حيث الملفات الملتهبة بين البلدين في سوريا والعراق واليمن، ولكن الصراع تصاعد أمس على الجانب الاقتصادي إثر إصرار طهران على استعادة حصتها من تصدير النفط كاملة كما كانت قبل فرض العقوبات الدولية عليها، ورفض الرياض تخفيض حصتها الحالية، ثم رفض طهران مقترحا تقدمت به الرياض لرفع حصة إيران نسبيا مقابل خفض نسبي لحصة السعودية، وهو الأمر الذي قوبل برفض الإيرانيين.
واستمرت الخلافات الإيرانية السعودية مع اجتماع وزراء الطاقة والنفط الأعضاء في منظمة أوبك في العاصمة الجزائرية أمس الأربعاء، على هامش الدورة الـ15 للمنتدى الدولي للطاقة، من دون التوصل إلى اتفاق بشأن خفض الانتاج. وحالت الخلافات بين المملكة العربية السعودية وإيران تحديدا دون تحويله إلى اجتماع رسمي.
وقد بدا منذ اليوم الأول أن الخلافات قائمة بين السعودية وإيران، فالأولى ترى أنه إذا قررت خفض إنتاجها فمن الضروري أن تبقى إيران عند مستوى انتاجها الحالي، والشيء نفسه بالنسبة لليبيا والعراق، في حين أن إيران تعتبر أنه من حقها العودة إلى مستوى انتاجها قبل العقوبات التي جعلتها خارج السوق النفطي لسنوات طويلة، خاصة وأن دولا أخرى استغلت الفرصة وأنتجت أكثر من حصتها، وأن من حق إيران العودة إلى مستويات انتاجها السابقة.
وبحسب ما تم تسريبه عن الاجتماعات المغلقة فإن إيران طالبت أن يكون التخفيض نسبيا، لأنه من غير العدل حسب طهران أن تطالب دول ذات حصة صغيرة بخفض إنتاجها بالقدر نفسه مثل السعودية، وهو الاقتراح الذي رفضته الرياض ممثلة في وزير طاقتها خالد بن عبد العزيز الفالح.
وبالنظر إلى الخلافات حول التفاصيل التي حالت دون التوصل إلى اتفاق، تم تأجيل كل شيء حتى اجتماع أوبك في نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل في فيينا، وهو الأمر الذي أكد عليه وزير النفط الإيراني منذ افتتاح أعمال منتدى الطاقة أمس الأول.
وقال نور الدين بوطرفة وزير الطاقة الجزائري إن الدول الأعضاء في أوبك مقتنعة أنه من غير الممكن المواصلة بهذا المستوى من الإنتاج، لأن أسعار الخام حاليا لا تخدم لا الدول المنتجة ولا الدول المستهلكة.
من جهته اعتبر الخبير الاقتصادي عبد الرحمن مبتول أن عدم الاتفاق حول الحصة الخاصة بإيران تحديدا هو الذي طرح الإشكال، على اعتبار أن السعودية لا تريد أن ترفع إيران انتاجها، رغم أن هناك مقترحا برفع الحصة إلى حدود 3,7 أو 3,8 مليون برميل يوميا، بدلا من 4.2 مليون التي تطالب بها، لكن هذا المقترح لم يلق القبول من طرف الرياض، الأمر الذي أدى إلى تأجيل كل شيء إلى اجتماع فيينا المقبل.
وفي السياق زار وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف أمس تركيا، والتقى برئيس وزرائها بن علي يلدريم، قبل زيارة لولي العهد السعودي محمد بن نايف بن عبد العزيز الذي يزور تركيا لبحث العلاقات بين البلدين.
وفي حين رفض مصدر مقرب من الحكومة التركية لـ»القدس العربي» تأكيد أو نفي وجود علاقة بين زيارتي ظريف وبن نايف إلى أنقرة، إلا أن مراقبين يرون أن أنقرة يمكن ان تقوم بدور في ردم الهوة في المواقف بين إيران والسعودية لتخفيف حدة التوتر في العالم الإسلامي.
فشل «أوبك» في الإتفاق يؤجج حرب النفط الإيرانية السعودية
(القدس العربي)