الرئيسية > اخبار وتقارير > بعد التصدي الحازم لنفوذها.. إيران تستهدف الخليج إلكترونياً

بعد التصدي الحازم لنفوذها.. إيران تستهدف الخليج إلكترونياً

ما بين العالم الافتراضي والعالم الواقعي، تتحرك إيران في استهدافها منطقة الخليج العربي، وبالأخص المملكة العربية السعودية، فبدءاً بالهجمات الإلكترونية مروراً بالقرصنة، وصولاً إلى استهداف شخصيات عامة وساسة سعوديين في الفضاء الإلكتروني.

وزارة الداخلية السعودية أعلنت، الثلاثاء 30 أغسطس/ آب، عن هجمات إلكترونية خارجية استهدفت شبكات إلكترونية تابعة لعدة جهات حكومية وقطاعات حيوية بالمملكة، حسبما رصدها مركز الأمن الإلكتروني السعودي.

وسبق أن تعرض موقع وزارة الداخلية لهجمات إلكترونية منسقة ومتزامنة تدل على احتراف الهاكرز، حيث إنه في مايو/أيار 2015، نقلت وكالة الأنباء السعودية (واس) عن مصدر مسؤول في المركز الوطني للأمن الإلكتروني بوزارة الداخلية قوله: إن "العديد من المواقع الإلكترونية الحكومية في المملكة- ومن بينها موقع بوابة وزارة الداخلية- تعرضت خلال الأيام الماضية لهجمات إلكترونية منسقة ومتزامنة".

- إيران.. المتهم الأول

على الرغم من عدم الإعلان رسمياً عن ضلوع إيران مباشرة في حرب إلكترونية، فإن جيمس لويس، المسؤول الأمريكي بمركز الدراسات الاستراتيجية الدولية، أكد أن الوكالات الحكومية الأمريكية توصلت إلى ضلوع إيران في تدبير فيروس شامون الذي أدى إلى شل عشرات الآلاف من أجهزة الحاسب في الشركة السعودية "أرامكو"، وشركة "رأس غاز" القطرية للغاز الطبيعي، وفقاً لما ذكرته وكالة فرانس برس.

وفي 13 أبريل/نيسان 2015، شن مخترقون موالون لمليشيات الحوثيين هجوماً إلكترونياً أدى إلى تعطل الموقع الإلكتروني لصحيفة الحياة اللندنية المملوكة لجهات سعودية. ونشر القراصنة الذين أطلقوا على أنفسهم اسم "Yemen Cyber Army" صورةً لزعيم مليشيا حزب الله اللبناني حسن نصر الله، بخلفية سوداء، تضمنت رسالة باللغة الإنجليزية موجهة إلى السعودية، وفي الأعلى "علم السعودية"، وكُتب باللغة العربية: "بكلمتين، جهزوا ملاجئكم"، كما ظهر شعار مليشيات الحوثي.

كذلك، في أغسطس/آب 2012، عطَّل الفيروس "شامون" آلاف أجهزة الحاسب في الشركة السعودية للنفط "أرامكو"، واستغرقت الشركة 11 يوماً لتحديد هوية المهاجمين، ولم تتهم أي طرف، في حين تبنت مجموعة أطلقت على نفسها اسم "سيف العدالة البتار" مسؤوليتها عن الهجوم الإلكتروني بأرامكو، وأرجعت سبب الهجوم إلى أن السعودية هي المسؤولة عن "جرائم وفظائع" في عدة دول، منها سوريا والبحرين.

المتحدث الأمني باسم وزارة الداخلية السعودي، اللواء منصور التركي، أعلن، آنذاك، أن فريق التحقيق المشترك من الوزارة وأرامكو "تمكن من التوصل إلى نتائج متقدمة ومشجعة، فالهجوم شنته مجموعة منظمة من خارج المملكة ومن عدة دول"، إلا أنه امتنع عن الإفصاح عن المزيد قائلاً: إن "مصلحة التحقيق تقضي بعدم الكشف عن أي نتائج"، وفقاً لما ذكره موقع الاقتصادية السعودي في ديسمبر/كانون الأول 2012.

وفي أغسطس/آب 2012، اكتشفت شركة "راس غاز" القطرية، ثاني أكبر مصدر للغاز الطبيعي المسال في العالم، فيروساً في شبكة أجهزة الحاسب الإدارية، ولم يُعلن مصدر الفيروس الذي أطلق من الخارج.

وفي يونيو/حزيران الماضي، تعرض الموقع الرسمي لدائرة الضريبة والمبيعات الأردنية لعملية قرصنة، حيث أثبتت التحقيقات قيام أحد القراصنة الإيرانيين بالهجوم على الموقع الإلكتروني، حيث كتب القرصان على الموقع بعد اختراقه، أنه من إيران، موجهاً "شتيمة" للعرب، قبل أن يكتب: "أنا أحب إيران". كذلك تعرض موقع وكالة الأنباء الأردنية الرسمية (بترا) لاختراق قبل أيامٍ من اختراق موقع دائرة الضرائب والمبيعات، على يد قرصان استطاعت الأجهزة الأمنية تحديد موقعه، وتبين أنه موجود في إيران.

واللافت في اختراقات المواقع الأردنية، سعي الهاكرز إلى افتعال أزمات بين الدولة وبين المملكة العربية السعودية، حيث بث الهاكر أخباراً كاذبة عن ولي ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، بالتزامن مع زيارته إلى الولايات المتحدة، يتحدث عن دعم السعودية لحملة المرشحة لانتخابات الرئاسة الأمريكية عن الحزب الديمقراطي، هيلاري كلينتون، ويورد أرقاماً لمبالغ مالية.

وتتصدر المملكة العربية السعودية قائمة الدول الخليجية التي تتعرض للتهديدات والحوادث الإلكترونية، بحسب فريق البحث والتحليل العالمي بشركة "كاسبرسكي لاب"، إذ تصل نسبة تهديدها مقارنة ببقية دول الخليج إلى 39%، تليها الإمارات بنسبة 29%، فقطر بـ8%، في حين احتلت عمان المرتبة الرابعة بنسبة 6%، والكويت بـ5%، والبحرين أخيراً بنسبة لم تتجاوز الـ3%. وتستهدف الهجمات الإلكترونية القطاعات الحيوية؛ كالقطاعات المالية، والتجارة الإلكترونية، والاتصالات، والمؤسسات الحكومية، حسبما أشار فريق البحث والتحليل العالمي بشركة "كاسبرسكي لاب" سابقاً.

- استعراض إيراني

تسعى إيران، منذ عقود، إلى ترسيخ فكرة أنها أكبر الجيوش الإلكترونية في منطقة الشرق الأوسط باستثناء إسرائيل؛ ومن ذلك ما ذكره نائب ممثل المرشد الأعلى في الحرس الثوري، العميد محمد حسين سبيهر، من أن "الحرس الثوري يمتلك رابع أكبر قوة إلكترونية في العالم"، بل أشار بعضهم إلى أنه "كان من حيث الحجم في وقت من الأوقات الجيش الثاني عالمياً بعد الصين".

وفي عام 2009، وتزامناً مع الانتخابات الرئاسية آنذاك، انطلقت مجموعة إيرانية أطلقت على نفسها اسم "الجيش الإلكتروني الإيراني" (ICA)، واعتبر المحللون أن هذا التوقيت كان بمثابة العمل الحقيقي والرسمي للجيش الإلكتروني الإيراني، حيث عزمت السلطات الإيرانية على عزل وتفكيك أنشطة المعارضة "الحركة الخضراء" في الداخل، حيث كان الإنترنت هو الوسيلة الأكثر فاعلية في التواصل بين أعضاء الحركة وإمكانيتهم في التواصل مع الخارج.

أما في مارس/ آذار من العام 2013، فأعلن المرشد الأعلى علي خامنئي إنشاء المجلس الأعلى للفضاء الإلكتروني، الذي يضم رئيس البلاد، والمتحدث باسم البرلمان، ورئيس القضاء الأعلى، وقائد قوات الحرس الثوري، وقائد قوات الشرطة، وممثل خامنئي في المجلس الأعلى للأمن القومي، والمسؤولين عن قطاعات البث الرسمي وتكنولوجيا المعلومات والعلوم.

وفي هذا الخصوص، أكد أستاذ الإعلام السياسي بجامعة الملك سعود، الدكتور محمد البشر، لـ"الخليج أونلاين"، "وجود جيش من الإيرانيين المستعربين، أو من العرب الذين يشنون هجمات إلكترونية على السعودية ودول الخليج، حيث تقوم إيران بالإنفاق عليهم وتمويلهم، سواء كان هؤلاء في لبنان أو اليمن أو في مناطق أخرى".