توقع العديد من المراقبين أن تكون فرص انعقاد الجولة المقبلة من مباحثات السلام المقررة منتصف الشهر الجاري بين الحكومة اليمنية والمتمردين الحوثيين المدعومين من الرئيس المخلوع علي صالح ضئيلة جدا، مع اقتراب موعدها وتصاعد خلافات عميقة حيال أجندتها وحول ملفات أخرى.
وقالت مصادر سياسية لـ«القدس العربي» في الوقت الذي بدأ فيه المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن اسماعيل ولد الشيخ أحمد جولته في المنطقة ولقاءاته التشاورية في الرياض، تصاعدت خلافات بين رؤية الحكومة اليمنية والمتمردين الحوثيين وصالح من جهة وكذا بين الحوثيين أنفسهم وبين المخلوع علي صالح، بالإضافة إلى الخلاف المفاجئ بين الحكومة اليمنية والأمم المتحدة حول نشاط مكتب المفوضية السامية لحقوق الإنسان في اليمن والذي اتهمته الحكومة بعدم المهنية وبعدم الحياد والانحياز لصالح الحوثيين.
وأوضحت أن الطريق شائك جدا أمام الجولة المقبلة من مباحثات السلام اليمنية التي اقترب موعد انعقادها المقرر في 14 الشهر الجاري، بينما لم يتحقق أي شيء يذكر على أرض الواقع لتهيئة الأجواء لانعقادها لا من حيث المكان ولا من حيث الاتفاق على أجندة المباحثات.
واشارت إلى أن هناك مخاوف كبيرة من أن تعصف الخلافات المتصاعدة بهذه الجولة من المباحثات وأن لا ترى النور خلال الشهر الجاري.
وتحدثت العديد من المصادر عن وجود خلافات عميقة بين الرؤية الحكومية حيال أجندة مباحثات السلام ورؤية المتمردين الحوثيين وصالح، والذين تصفهم الحكومة بـ(الانقلابيين)، بالإضافة إلى انه حتى الآن لم يتم الاتفاق على مكان انعقاد هذه الجولة، ناهيك عن الخلافات البينية، في أروقة الحوثيين والحكومة حيال الصيغة النهائية للرؤية وللأجندة.
وتزامنت هذه الخلافات مع تدشين ولد الشيخ جولته التمهيدية في المنطقة لتهيئة الأجواء لهذه المباحثات والبدء في عقد لقاءات مع الجانب الحكومي في الرياض، حيث يقيم نائب رئيس الجمهورية، رئيس الحكومة خالد بحاح وبعض أعضاء حكومته، بالإضافة إلى المستشارين الرئاسيين.
وكان المخلوع علي صالح أعلن مساء الجمعة في خطاب متلفز أنه لن يشارك في مباحثات السلام إلا بثلاثة شروط، الأول وقف الغارات الجوية لقوات التحالف العربي، وسحب القوات الخارجية من اليمن وأن تكون المباحثات مباشرة مع السعودية مباشرة وليس مع الحكومة اليمنية، وهي ما اعتبرها محللون سياسيون نوعا من استقطاب الأضواء الإعلامية بمعارك جانبية بعيدة عن الواقع، تختلف عما يدور تحت الطاولة من أمور أخرى.
وأشارت بعض المصادر إلى أن خطاب صالح كشف أيضا عن وجود صراع واختلافات بينه وبين الحوثيين حيال الرؤية الموحدة لمباحثات السلام، والتي يفترض أن يحملها وفد واحد يمثل الحليفين المسلحين إلى المباحثات المزمعة قريبا، مقابل وفد آخر يمثل الحكومة، وأن هذا الخطاب عزز التكهنات بوجود هذه الخلافات خاصة في ظل الإشارات إلى احتمالية أن يترك صالح الحوثيين يتحملون مصيرهم لوحدهم في صنعاء مع اقتراب قوات الجيش الوطني ورجال المقاومة الموالين للرئيس هادي من تخوم العاصمة والذي تبرأ فيه صـــالح من مذهبه الزيدي الذي يعتنقه الحوثيون وأشار إلى انه (سنّي).
وفي المقابل تصاعد خلاف مفاجئ بين الحكومة اليمنية والأمم المتحدة بشأن أداء مكتب المفوضية السامية لحقوق الإنسان في صنعاء والذي أعلنت الحكومة اليمنية طردها للمنسق المقيم للمفوضية السامية بصنعاء، وأنه أصبح شخصا غير مرغوب فيه، بذرائع أنه أصبح غير محايد ومنحاز للمتمردين في قضايا حقوق الإنسان، إلا ان الحكومة عادت أمس وعدلت عن قرارها بطرد منسق المفوضية.
وكانت وزارة الخارجية أبلغت رسمياً مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف ان «القائم بأعمال المكتب في اليمن افتقد المهنية والحيادية ولم يعد شخصا مرغوباً به».
وقال وزير حقوق الإنسان في اليمن عزالدين الأصبحي «شكل أداء عمل المفوضية السامية لحقوق الإنسان في اليمن خيبة أمل كبيرة حيث قامت بإصدار بيانات تتماهى مع لغة الانقلابيين وتتجنب الوضع الكارثي وحالات الانتهاكات الممنهجة التي تقوم بها ميليشيات الحوثي والمخلوع صالح في قصفها وحصارها لمدينة تعز وتعمدها قصف الأحياء السكنية وقتل المدنيين وكلها جرائم ضد الإنسانية وترقى إلى جرائم حرب واضحة».
وكانت «القدس العربي» قد علمت من مصادر حقوقية أن المآخذ القانونية التي استندت عليها الحكومية في اتخاذ قرار إبعاد الممثل المقيم للمفوضية السامية تركزت حول تغاضي تقارير المفوضية عن انتهاكات الحوثيين في مدينة تعز والمدن الأخرى وتجاهلها تماما ولم يتحدث مطلقا عن الحصار الجائر على مدينة تعز منذ عدة شهور والتي يتعرض فيها مئات الآلاف من السكان المدنيين للموت جوعا، ناهيك عن القصف المدفعي والصاروخي العشوائي من قبل الحوثيين.
وأوضحت أن «المفوضية السامية لحقوق الإنسان تعمل تحت سلطة الحوثيين في صنعاء ولا تتعامل إلا معهم فقط، وأن المتمردين الحوثيين هم من يقومون بتعيين منسقين للمفوضية في المحافظات الأخرى من الموالين لهم، ناهيك عن الشكوك في أن أغلب العاملين المحليين في مكتب المفوضية بصنعاء من الموالين للحوثيين».
خلافات بين الحكومة وصالح والحوثيين تعصف بالجولة المقبلة من مباحثات السلام
(مندب برس- القدس العربي)