الرئيسية > اخبار وتقارير > لهذه الأسباب.. المملكة تردع إيران بعيداً عن الفلك الأمريكي

لهذه الأسباب.. المملكة تردع إيران بعيداً عن الفلك الأمريكي

لهذه الأسباب.. المملكة تردع إيران بعيداً عن الفلك الأمريكي

أدت التهديدات الوجودية ضد السعودية وأمنها القومي، بسبب المخطط الإيراني المحكم لتطويق الرياض من جميع الجهات، إلى تبني السعودية استراتيجية جديدة للمواجهة، تقوم على المبادرة والضربات الاستباقية وإعادة ترتيب مصادر التهديد، وجعل الخطر الإيراني على رأسها، في إطار السياسة الخارجية الجديدة للملك سلمان بن عبد العزيز، والتي شهدت تحولات كبيرة في نمط مواجهة التحديات الخارجية، باتخاذ إجراءات أكثر جرأة وسرعة، والاتجاه لتنويع التحالفات الإقليمية، وعدم الاعتماد على الحليف الأمريكي، في ظل سياسة الإدارة الأمريكية الداعمة لطهران.

في ظل تخاذل وتخبط أمريكي وإعطاء إدارة أوباما طهران الأولوية في إطار تحالف غير معلن لتبادل المصالح بالشرق الأوسط، والتقارب الكبير بينهما، والذي أدى لتوقيع الاتفاق النووي مع إيران، ثم تغير المواقف الأمريكية بنبرة أقل تشددًا تجاه نظام الأسد وقبول إبقائه لفترة لمحاربة داعش عقب تفجيرات باريس، اضطرت الرياض إلى الاعتماد على الذات، باتخاذ قرارات مصيرية عسكرية وسياسية، منها عاصفة الحزم في اليمن، وتسليح المعارضة السورية، وصولًا لقطع العلاقات مع طهران.

طهران لديها مخطط واضح لتطويق الرياض من جميع الجهات العراق وسوريا واليمن، حتى أصبحت السعودية في مرمى الميليشيات الشيعية، وبخاصة جماعة الحوثي التي استهدفت الحدود بصواريخ بالستية، مع تجريب إيران نفسها صواريخ بالستية، في خرق واضح للاتفاق النووي، دون تحرك أمريكي يذكر حتى مع تصاعد التهديد الروسي للسعودية، الأمر الذي يرجح التعويل على القدرات الذاتية وإعادة تأسيس تحالفات دولية جديدة، منها الحلف (السعودي - التركي)، وتدشين التحالف العسكري الإسلامي.

 

التواطؤ الأمريكي مع طهران

يرى تقرير نشره معهد واشنطن للدراسات، أن إعدام المملكة العربية السعودية للمعارض الشيعي نمر النمر، لم يكن لأسباب داخلية فقط، إنما حمل "أيضًا رسالة قوية مرتبطة بالسياسة الخارجية، مفادها أنه إذا لم تقف الولايات المتحدة في وجه إيران، فإن الرياض ستفعل ذلك بنفسها".

وأشار التقرير الذي كتبه باتريك كلاوسون، إلى تراجع إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما في الآونة الأخيرة، عن ردّها المقرر على التجارب الصاروخية الإيرانية، "بإلغائها عقوبات إضافية تسربت تفاصيلها إلى الصحافة"، وقال إنه "بدلًا من أن تفرض قيودًا جديدة، أجرت واشنطن محادثات مكثفة مع طهران".

 

أوراق أمريكية

هناك أوراق أمريكية غير مفعلة، حيث قال كلاوسون إنه "إذا أرادت واشنطن من الرياض اتباع نصيحتها، سيتوجب عليها أن تثبت أنها تقدم بديلًا أفضل. ويعني ذلك اتخاذ إجراءات واضحة لمعارضة التدخل الإقليمي الإيراني، وبالتالي، ستشكل المناقشات المقررة حول تنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254 اختبارًا مهمًا.

لذا فإن دعم الولايات المتحدة القوي للمعارضة السورية، ورفض القبول بوعود النظام الغامضة بالإصلاح، سيكون له وقع كبير في طمأنة الدول الملكية الخليجية، بأن واشنطن تعني ما قالته حول التصدي لأنشطة إيران المزعزعة للاستقرار".

وقال: إنه "إذا استمرت الإدارة الأمريكية في الضغط على السعودية بشأن مسألة إعدام النمر وغيرها من القضايا، بينما لا تقوم بالكثير بدورها لمواجهة الاستفزازات الإيرانية، فلن يؤدي ذلك سوى إلى تعزيز مخاوف الرياض من أن الولايات المتحدة ترى في طهران حليفًا رئيسيًا محتملًا لها في المنطقة".

وأوضح أنه "سيؤدي ذلك إلى زيادة تحفيز السعوديين للعمل بشكل حثيث وحدهم، كما فعلوا في اليمن. وبعبارة أخرى، تكمن أفضل طريقة لضمان استقرار الوضع في إظهار إدارة أوباما مهاراتها القيادية، عبر الرد على العدوان الإيراني، وإلاّ ستعمل الدول الملكية في الخليج بمفردها على نحو متزايد، وسيكون ذلك على الأرجح بطرق تعتبرها الولايات المتحدة غير مفيدة".

 

سياسية جريئة

بدوره قال الأكاديمي والباحث السياسي السعودي خالد الدخيل، في برنامج "في العمق"، المذاع على قناة الجزيرة الفضائية، الاثنين الماضي: "إن السعودية كانت على قدر التحدي واتخذت بحزم إجراءات سياسية جريئة وشجاعة، وأن ثمة وهمًا بشأن قوة إيران، إذ أنها تبحث عن دور أكبر من قدرتها العسكرية والاقتصادية، بيد أن نقطة القوة -إن توافرت لها- فهي ليست من ذات إيران، بل من التراجع والضعف العربي".

ووجه الدخيل رسالة إلى الدول الخليجية التي لم تتخذ موقفًا واضحًا من إيران، وقال: "هذا خطأ ليس في صالحها"، ويؤدي إلى أن "تتجرأ إيران أكثر"، مرحبًا بخوض بلاده مواجهة مع إيران، معتبرًا أن الوقت حان لكي تواجه بلاده مشاكلها وتقيم تحالفاتها مباشرة وبوضوح، فإيران ومنذ تأسيس نظام ولاية الفقيه، "تتصرف مع العالم العربي بوصفه عدوًا"، لذلك "ولغت في الدم العربي" عبر الميليشيات الطائفية "التي لم نعرفها قبل 1979".

 

فراغ القوة

تتخذ الرياض نهجًا صلبًا في الدفاع عن ثوابت استراتيجية ترى أنها تحفظ المنطقة العربية من تدخلات طهران، وتصد محاولات طهران المستمرة من أجل التمدد في المنطقة من لبنان والعراق إلى اليمن وسوريا، حيث استغلت إيران حالة "فراغ القوة" أو "فراغ الموقف" في النظام الإقليمي العربي، من أجل بناء "مشروعها" في المنطقة، بينما سعت السعودية مؤخرًا لتفرض نسقًا جديدًا من التعامل مع النزعات الإيرانية، يقوم على عدم قبول هذا التدخل شكلًا ومضمونًا، بحسب مراقبين.

من جهته يرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت عبد الله الشايجي في حديثه عن الأزمة الحالية، أن الشرق الأوسط يشهد عملية تموضع وديناميكية جديدة، من خلال المبادرات التي طرحتها السعودية، ومنها عاصفة الحزم في اليمن، وتشكيل أول تحالف إسلامي لمحاربة الإرهاب، ثم قطع الرياض علاقاتها الدبلوماسية مع طهران.

 

الردع العربي

فالدبلوماسية السعودية طالبت طهران مرارًا بكف يدها عن التدخل في شؤون المنطقة العربية، وسحب قواتها وأجهزتها الأمنية من سوريا واليمن، وعملت على كشف التورط الإيراني في المنطقة، قبل أن تتحرك باتجاه وقفة عربية وإسلامية مشتركة، ضمن التحالفات التي تشكلت وتسعى لتشكيلها.

وقال الشايجي: إن المبادرات التي تقودها السعودية نواة لمشروع عربي سيقضي ويتصدى للمشاريع المناوئة في المنطقة، مشيرًا إلى أن هذه التحركات ستؤسس لما سماها "مرحلة ردع" عربية.

بينما يرى أستاذ العلاقات الدولية ومدير مركز الشرق الأوسط في جامعة لندن فواز جرجس، قرار السعودية قطع العلاقات مع إيران بأنه "استراتيجي"، ولكنه لن يردع إيران، مشيرًا إلى أن طهران ستستخدم كل أشكال القوة في المنطقة لتضييق الخناق على السعودية، باعتبار أن الدول العربية لا تملك أساليب الردع، وهي منقسمة على ذاتها.

 أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)
أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)
شريط الأخبار