تستمر الميليشيات الحوثية في الكشف عن مصير المعتقلين والمخفيين السياسيين? وفقا للاتفاقات والمعاهدات الدولية والإنسانية? ووفقا لقوانين الحرب? حيث تعتقل
ميليشيات الحوثيين والقوات الموالية للمخلوع علي عبد الله صالح? آلاف المعتقلين في سجونها? دون جنح قانونية أو دستورية.
تتواصل عمليات التعذيب الوحشية التي يتعرض لها المختطفون والمعتقلون قسرا في سجون ميليشيات الحوثي وحليفهم المخلوع علي عبد الله صالح? ويستخدم
المتمردون الحوثيون سجون أجهزة الأمن والقلاع والحصون التاريخية لاحتجاز آلاف المعتقلين? وبينهم قيادات سياسية وعسكرية بارزة? دون الإعلان عن حالات
الاعتقال وحيثياتها.
وتعتقل ميليشيات الحوثيين والمتحالفين معها من الأجهزة الأمنية في العاصمة صنعاء وبقية المحافظات التي تخضع لسيطرة المتمردين? التي باتت تحت سيطرة
الحوثيين والضباط الموالين للرئيس المخلوع علي عبد الله صالح? آلاف المعتقلين من مختلف التوجهات السياسية? وباءت معظم محاولات الإفراج عن المعتقلين بالفشل.
ومن أبرز هؤلاء المعتقلين? اللواء محمود سالم الصبيحي? وزير الدفاع? إضافة إلى قادة عسكريين وأمنيين وسياسيين بارزين? بينهم العميد الركن خالد خليل? رئيس
عمليات المنطقة العسكرية الخامسة في قوات الجيش الوطني? مؤسس الحراك التهامي? الذي يشمل تهامة من الحدود اليمنية الشمالية السعودية الجنوبية وحتى حدود
محافظة تعز.
ويعد العميد خليل الشخصية الأبرز في إقليم تهامة? الذي يدفع ثمن مقارعته للمخلوع عفاش ولميليشيات الحوثيين? وحسب مصادر محلية في الحديدة لـ«الشرق الأوسط?
فإنه في أحد أقبية أجهزة المخابرات في مدينة الحديدة? وقد دعا أحد أفراد أسرته? المنظمات الدولية إلى سرعة الكشف عن مصيره والإفراج عنه? وطالبت أسرته
والمقربون منه? في اتصالات مع «الشرق الأوسط» بالإفراج عنه? ودعوا الحكومة اليمنية إلى وضعه ضمن خانة أبرز المعتقلين لدى الميليشيات.
وكشف ناشطون سياسيون عن تعرضهم لأصناف كثيرة من التعذيب خلال اعتقالهم في سجون تتبع الأجهزة الأمنية وحّولتها الميليشيات للزج بخصومها داخلها? ومن ثم
نقلهم إلى سجون سرية.
وكانت تقارير دولية قد رصدت اختطاف سبعة آلاف شخص? بينهم 263 طفلاً على الأقل? خلال 16 شهًرا من انقلاب المخلوع صالح وحلفائه الحوثيين? وأكد المرصد
الأورومتوسطي لحقوق الإنسان ومقره جنيف? أن 1077 شخصا تعرضوا للتعذيب الوحشي على يد الميليشيات.
ويكشف مختطف سياسي لـ«الشرق الأوسط»? أفرجت عنه الميليشيات أخيرا عن عمليات تعذيب يتعرض لها السجناء? وذكر أن الميليشيات تلجأ إلى تلفيق التهم ضد
خصومها السياسيين وتحولهم إلى مجرمين? وقال الناشط السياسي والحقوقي فواز القرشي? سكرتير الأمانة العامة للتنظيم الوحدوي الشعبي الناصري? إن الميليشيات
اعتقلته بجوار سكنه? عبر أحد الأطقم العسكرية على متنها مسلحون بزي مدني وعسكري? وأخذوه بالقوة بعد تفتيش دقيق لأوراقه الشخصية وما يحمله في ملابسه.
وأضاف: «بعدها نقلوني إلى منطقة أزال الأمنية? وجرى تفتيشي مرة أخرى ووضعي في غرفة صغيرة? ومنعوا الاتصال أو التواصل مع أسرتي لإبلاغهم بمكاني?
ونقلوني بعدها إلى غرفة أخرى مغلقة بلا نوافذ بجانب عدد من المساجين? أمضيت فيها يوما
كاملا».
وظل القرشي تحت طائلة التهديدات وأجواء الترهيب? حتى استدعاه أحد الضباط في منطقة أزال للخروج معهم? وأخذوه على متن طقم آخر? وربطوا عينيه بعد تكبيل
يديه? وطافوا به في شوارع صنعاء لتشتيت انتباهه عن المكان الذي سيذهب إليه? بعدها وصل إلى قسم ظهر حمير وبقي داخل الطقم لأكثر من ساعة? بعدها أخذوه إلى
منطقة جديدة وهي البحث الجنائي بصنعاء? حيث رماه المسلحون في أحد السجون ليجد نفسه بجوار 50 إلى 60 سجينا? حاول القرشي الاتصال بأسرته لطمأنتهم لكنهم
لم يسمحوا له? وبعد أربعة أيام علمت أسرته بمكانه عن طريق أحد السجناء الذين أفرج عنهم.
وحكى القيادي الناصري عما تعرض له داخل البحث الجنائي قائلا: «أخذوني إلى زنزانة انفرادية? مساحتها أقل من متر مربع? وقضيت فيها يوما وليلة? وهو ما أصابني
بالانهيار? بعدها تعرضت للضرب المبرح من أحد الأشخاص يدعى عاهد الشوافي? الذي أقسم على أنني لن أخرج من السجن».
وتابع فواز القرشي: «بعد أسبوع على اختطافي استدعوني للشهادة ضد شخص لا أعرفه? وطلب مني أن أشهد زورا على شخص بأنه قتل عمدا وعدوانا? وبعد رفضي
قاموا بإجباري بالقوة على البصمة والتوقيع».
وقال فوز: «كانت تهمتي جاهزة عند الميليشيات الحوثية? وكنت مستعدا أن أوقع لهم على أي شيء بعد ما تعرضت له من الترهيب والتعذيب? وأخبرتهم بأنني مستعد
للتوقيع على أي شيء يطلب مني».
وأضاف: «سألوني في بداية التحقيق عن علاقتي وتواصلي بعبد الله نعمان الأمين العام للتنظيم الوحدوي الشعبي الناصري? وسلطان العتواني عضو الأمانة العامة?
وعلي الضالعي عضو اللجنة المركزية? واتهموني بإرسال أموال سعودية للمقاومين في تعز ومأرب? وأنني أقدم إحداثيات بمواقع الحوثيين»? وهو ما نفاه ورفض
التعاطي معه.
حاول بعدها المحقق مع القرشي لاستخراج أسماء المقاتلين في صفوف المقاومة والجيش الوطني من الحزب الناصري? وأخبرهم بأنه لا يعلم شيئا عن ذلك? وتابع: «بعد
انتهاء التحقيق أعادوني للسجن? ليفرج عني بضمانة? وسط مخاوف من الاعتقال مرة أخرى»? مضيفا: «هناك العشرات من المعتقلين في سجون الميليشيات لا يعرف
عنهم شيء? بعضهم جرى نقلهم إلى السجن المركزي والبعض إلى سجون سرية».
ويشير تقرير للمرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إلى أن ميليشيات «الحوثي وصالح اختطفوا 263 طفلاً? جرى الزج ببعضهم في جبهات القتال المختلفة? كما
استخدم بعضهم رهائن? في محاولة للضغط على آبائهم أو أحد أقاربهم? إما لتسليم أنفسهم لتلك الميليشيات أو الكف عن أنشطتهم المعارضة».
وسجل التقرير ثلاث حالات اختطاف? ارتكبت بحق مواطنين يمنيين من ذوي الاحتياجات الخاصة? وتعرض أحدهم للتعذيب ثم جرى استخدامه مع مختطفين آخرين
كدروع بشرية? كما وثق التقرير اختطاف 12 أستاذا جامعًيا و148 إعلامًيا.
وكانت منظمة «مراسلون بلا حدود» قد صنفت الحوثيين وصالح في المرتبة الثانية في اختطاف الصحافيين بعد «داعش»? حيث اعتقلت 13 إعلامًيا وناشًطا منذ
الانقلاب على شرعية الرئيس عبد ربه منصور هادي أواخر ?2014 ومطلع عام ?2015 وما زال انقلابهم جاريا وساري المفعول في صنعاء? حتى اللحظة.
الكشف عن وحشية الميليشيات في تعذيب السجناء السياسيين في اليمن
(مندب برس-الشرق الاوسط)