الرئيسية > اخبار وتقارير > الرقص فوق رؤوس الثعابين

الرقص فوق رؤوس الثعابين

الرقص فوق رؤوس الثعابين

سكوت ستيوارت- ستراتفور

يتزايد تعقيد المشهد المليشيوي اليمنيّ، المفتت أصلا، في ظل تنافس المجموعات المسلحة على النفوذ في ساحة المعركة. وحتى الآن، المجموعة الوحيدة التي أثبتت قدرتها على تنفيذ هجمات انتحارية معقدة، هي: تنظيم القاعدة في شبه جزيرة العرب. ومع ذلك يُستَبعَد أن تكون هي التي نفذت الهجوم الذي استهدف فندق القصر يوم 6 أكتوبر.

صحيحٌ أن المجموعة نفذت عددا من الهجمات الانتحارية باستخدام المفخخات ضد المقاتلين الحوثيين والقوات الموالية للرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح، لكنها توصلت إلى تفاهم مع التحالف الذي تقوده السعودية يقضي بامتناع الطرفين عن مهاجمة بعضهما، رغم سيطرة التنظيم على جزء كبير من اليمن، بما في ذلك مدينة المكلا.

لذلك، تُرَجَّح صحة تبني تنظيم الدولة المسئولية عن الهجوم، الذي يعتبر أكثر عملياته تعقيدًا وتطورًا في اليمن على الإطلاق. وهناك تفاصيل إضافية تعزز صحة هذا الادعاء، تتعلق بهوية الانتحاريين. كما تفيد التقارير بمرور موكب يحمل أعلام تنظيم الدولة بالقرب من منطقة الهجوم بعد ساعات من وقوعه.

وبينما شنت "ولاية صنعاء" عددا من الهجمات في اليمن منذ تأسيسها في أبريل 2015، فإن هذه العمليات وُجِّهَت حصرًا ضد الأهداف السهلة مثل المساجد والمواكب الجنائزية، على عكس الهجوم الأخير.

هذا يلفت الأنظار إلى وجود تنظيم الدولة في عدن، وإن لم يكن هذا التواجد جديدًا. فمنذ عدة أشهر، تنشر مجموعة، تطلق على نفسها ولاية عدن، تسجيلات مصورة على شبكة الإنترنت، كما كان هناك تقارير متقطعة تفيد بمشاركة مقاتلي تنظيمي الدولة والقاعدة في القتال ضد الحوثيين في عدن.

هذا الواقع الكئيب سيضيف خيطًا آخر إلى النسيج الهائل من الجهات الفاعلة المشاركة في الصراع اليمني.

وتخوض قوات التحالف الذي تقود السعودية في اليمن حاليًا معركة ضارية ضد المليشيات الحوثية وجزء كبير من الجيش اليمني السابق الذي لا يزال مواليا لـ صالح. لكن رغم الحظر المفروض على الأسلحة، والغارات الجوية المكثفة والمستمرة، لا تزال هذه القوات تسيطر على الجزء الأكبر من السلسلة الجبلية في اليمن، والتي تمثل هدفا صعبًا بالنسبة للتحالف.

وكما ذُكِر آنفًا، توصلت قوات التحالف إلى ما يشبه معاهدة عدم الاعتداء مع تنظيم القاعدة ، وكلاهما يقاتل في الجانب ذاته ضد قوات الحوثيين وصالح. ويسيطر تنظيم القاعدة على حضرموت، لكن نفوذه يمتد إلى ما وراء حدو المحافظة.

وبالتالي، ضمنت هذه الترتيبات ألا يضطر التحالف إلى فتح جبهة جديدة في اليمن، وبالتالي تفتيت موارده المحدودة أصلا. لكن على الرغم من ضبط النفس الذي يمارسه التحالف ضد القاعدة، واصلت الولايات المتحدة ضرباتها ضد التنظيم باستخدام الطائرات بدون طيار.

بقية اللاعبين

بالإضافة إلى ذلك، يوجد عدد آخر من اللاعبين الرئيسيين الذين يسهمون في تعقيد مشهد الصراع في اليمن:

- مليشيا الحراك الجنوبي الانفصالية، التي هزمت في الحرب الأهلية الدموية ضد قوات صالح في عام 1994، لا تزال تسعى للاستقلال عن شمال البلاد، وتقاوم بشدة احتلال القوات الموالية للحوثيين وصالح لـ عدن.

وفي حين لعب الحراك دورا أساسيا في مساعدة قوات التحالف على دحر قوات الحوثيين وصالح من المنطقة المعروفة سابقا باسم اليمن الجنوبي، لم يكن مهتما كثيرًا بالتورط في في حرب مطولة في شمال البلاد.

بدلا من ذلك، يرجح أن يحتفظ الحراك بقواته لخوض معركة أخرى من أجل الاستقلال لاحقًا. وقد أدى الدعم الإماراتي التاريخي للحراك إلى خلق توتر بين الإماراتيين وشركائهم السعوديين في التحالف.

- كما ساعد حزب الإصلاح- المرتبط بالإخوان وتديره عائلة الأحمر القوية- القوات المناوئة للحوثيين ما بين عامي 2011 و2014؛ إذا شارك في قتال عنيف ضد المليشيات الحوثية. ومع ذلك، تمكن الحوثيون في عام 2014 من هزيمة الوحدات العسكرية والمليشيات القبلية المرتبطة بـ الإصلاح. واستولى الحوثيون على كميات كبير من الأسلحة سمحت لهم باقتحام صنعاء.

في الوقت ذاته، هرب ما تبقى من قوات الإصلاح صوب محافظة مأرب لإعادة تجميع صفوفهم، ومنذ ذلك الحين وهي تعمل عن كثب مع قوات التحالف. هذا الارتباط بين المجموعة والتحالف لم يكن مفاجئا، بالنظر إلى أن الإصلاح ينسق منذ فترة مع السعوديين.

- وأخيرًا، تمثل القبائل اليمنية قوة أخرى محتملة، وأحيانا متقلبة، ويمكن أن تقلب موازين القوى في أيٍّ من الاتجاهين. ذلك أن القبائل معروف عنها بيع ولائها لمن يدفع أكثر، وطلب الثأر إذا قُتِلَ أحد أفرادها. وفي الوقت الحاضر تؤيد القبائل اليمنية كافة اللاعبين المذكورين آنفًا، بما في ذلك تنظيم القاعدة في جزيرة العرب.

الموازنة بين التهديدات

وفي ظل العديد من المتغيرات الخطيرة، لن يكون حل الصراع في اليمن سهلا. وإصلاح مشكلات البلاد، أو على أقل تقدير إعادتها إلى حالتها السابقة من الاستقرار النسبي، لن يحدث بين عشية وضحاها.

فقد عارضت السعودية مرارا وتكرارا أي حل سياسي لا يرقى لدرة الاستسلام الكامل، وهو الأمر الذي لم يترك أمام الموالين للحوثيين وصالح خيارا سوى النهوض والقتال. وكما أظهرت الحرب الأهلية اليمنية في الستينيات، والصراعات اللاحقة ضد المليشيات الحوثية والجهادية، فإن تضاريس البلاد الجبلية توفر بيئة مثالية لحرب عصابات ممتدة.

وبينما قد تسيطر قوات التحالف في نهاية المطاف على صنعاء، إلا أنها ستجد صعوبة في تأمين العاصمة ضد هجمات المتمردين والإرهابيين. وسوف يكون تطهير شمال اليمن من الموالين للحوثين وصالح أكثر صعوبة. وهكذا، حتى لو كان التحالف قادرًا على كسب معاركة التقليدية، فإنه سيواجه بلا شك تمردًا طويل الأمل في المنطقة.

لكن التمرد في شمال اليمن لن يكون التحدي الأمني الوحيد الذي يواجه البلاد. فالتحالف الذي تقوده السعودية سوف يضطر في نهاية المطاف إلى التعامل مع حلفائه الحاليين: الحراك، والإصلاح، وتنظيم القاعدة في جزيرة العرب.

كل هذه المجموعات سيكون مترددًا في الخضوع لسيطرة أي حكومة تتولى السلطة بعد انتهاء مفاوضات السلام. أضف إلى ذلك شبح التهديد الذي يمثله تنظيم الدولة المتنامي، والهجوم الذي وقع مؤخرا في عدن، والتمرد والإرهاب، وكلها سيمتد أثره إلى ما هو أبعد من شمال اليمن.

خلال فترة حكمه، كثيرا ما انتُقِدَ صالح لاستخدامه التهديد والمال للحفاظ على اليمن موحدًا، وهي الجهود التي أَطلقَ عليها وصفه الشهير "الرقص فوق رؤوس الثعابين". والآن، هاجت الأفاعي في البلاد، واشتبكت في معركة وحشية على السلطة.

وحتى إذا لم تكن القوات العسكرية والأمنية في اليمن قد انهارت، فإنها لم تكن لتستطيع وقف الصراع. لكن يبقى أن نرى ما إذا كانت أي قوة خارجية سوف تكون قادرة على إقناع- أو إكراه- كل ثعابين اليمن على الانضمام إلى حلبة الرقص.

 أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)
أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)