علمت “العرب” من مصادر سياسية يمنية أن الأمم المتحدة ومن خلال مبعوثها الخاص إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد قد حصلت على ضمانات من دول ذات تأثير ونفوذ على الحوثيين والرئيس السابق في ما يتعلق بالجدية في تنفيذ القرار الدولي 2216، وهو الشرط الوحيد الذي تتمسك به الحكومة الشرعية للمشاركة في مشاورات جنيف التي تأخر موعد انعقادها المفترض نهاية الشهر بسبب التصعيد العسكري في تعز.
يأتي هذا في ظل توجه إقليمي ودولي يشجع على الحوار ويدفع نحو الحل السياسي على ضوء ما يجري في سوريا.
وقالت المصادر إن المجتمع الدولي بات أكثر جدية في تطمين الحكومة اليمنية ودول التحالف بعد أن فشلت الضغوط التي كانت تمارس في أوقات سابقة لإجراء مباحثات شكلية بين الفرقاء اليمنيين.
وأثارت تصريحات وزير الخارجية السعودي عادل الجبير عن قرب انتهاء العمليات العسكرية حالة من التفاؤل في الشارع اليمني.
واعتبر مراقبون أن هذه التصريحات قد تخفي تفاصيل اتفاق سياسي دولي يتم التحضير له برعاية الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي والدول الإقليمية المؤثرة في الملف اليمني.
وأشاروا إلى أن تصريحات الجبير، الذي تقود بلاده عمليات التحالف العربي، تأتي تأكيدا لعدم إعاقة السعودية لأي اتفاق سياسي جاد وحقيقي بين الفرقاء اليمنيين.
ويرى المحلل السياسي اليمني عزت مصطفى أن الجبير يستند في تصريحه إلى حالة الهزيمة التي دفعت الحوثيين وشريكهم صالح إلى الرضوخ لقرار مجلس الأمن الدولي 2216.
وأضاف مصطفى أن “الحل السياسي يبدو اليوم هو الخيار الوحيد أمام الميليشيات الانقلابية وهي تدرك هزيمتها العسكرية الواضحة ويبدو من تصريحات الجبير ومن موافقة الحكومة الشرعية على الذهاب إلى جنيف أن الحكومة الشرعية وداعميها حريصون على إنجاح الحل السياسي من خلال اقتراح آليات تجنب أسباب فشل جنيف1.
وأشار إلى أن الترحيب بأي حل سياسي يضمن تطبيق القرار 2216 يأتي في ظل قناعة بأن العملية العسكرية الشاملة التي أصبحت في مرحلة انتظار ساعة الصفر من شأنها حسم المعركة تماما لصالح الشرعية.
ويذهب محللون سياسيون إلى أن تصريحات الجبير والتي تأتي في ظل التحركات الدبلوماسية السعودية المتصلة بالملف السوري ربما تكون قد شملت حلا للملف اليمني كحزمة واحدة.
وكانت إيران قد بدأت في فترة ماضية بالتسويق لنظرية صنعاء مقابل دمشق في سعيها لمقايضة أمن الخليج المرتبط باليمن وسوريا التي باتت الدوائر الإيرانية تتعامل معها كجزء من أمنها القومي وهو الأمر الذي أفشلته تحركات الدبلوماسية السعودية.
وقلل نجيب غلاب رئيس مركز الجزيرة العربية للدراسات من التفاؤل باقتراب الحل، قائلا إن “الاقتراب من الحل اليوم مازال غامضا ومشوشا ولا يمكن الوصول إليه ما لم تكن هناك غلبة ملموسة تنهي الانقلاب”.
واعتبر آدم بارون، عضو المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، والخبير في الشأن اليمني أن الوصول إلى الحل ليس أمرا سهلا.
وأضاف في تصريح لـ”العرب” لقد “سمعت أشياء مثل هذه من قبل، وعلى أعلى المستويات بأن الحل السياسي لا يزال ممكنا في اليمن. ولكن في الواقع الأمر يتعلق بمدى قدرة الفاعلين المنخرطين في المشهد اليمني على دفع الأمور نحو التوصل إلى حل”.
واعتبر بارون أنه “على الرغم من أننا نسمع أن الحل السياسي على مرمى حجر أكثر من أي وقت سابق، إلا أنني أعتقد أنه من المهم عدم القفز على مسألة السلاح، وهي المفتاح لنتذكر أننا لا نتحدث عن صراع واحد فقط هنا، وإنما نتحدث عن سلسلة من النزاعات المتداخلة”.
وأفاد بأنه “حتى لو أنهت المملكة العربية السعودية عمليات قصفها غدا، ووافق كل من صالح والحوثيين على التوصل إلى اتفاق، أعتقد أنكم سوف تشاهدون صراعا كبيرا، خاصة في جنوب ووسط البلاد. لأن هناك قوى مختلفة وأهدافا ومصالح متضاربة. وهذا الأمر يبدو واضحا خاصة في الجزء الجنوبي من البلاد، حيث تقاتل ميليشيات مختلفة هناك؛ بعضها مؤيد للوحدة اليمنية، في حين أن بعضها الآخر يؤيد الانفصال”.
وتتزايد مخاوف المجتمع الدولي من خروج الملف اليمني عن السيطرة واستغلال جماعات إرهابية مثل “داعش” و”القاعدة” لحالة الفراغ السياسي والأمني.