الرئيسية > محافظات > جرائم الحوثيين تضاعف الأعباء على القطاع الصحي

جرائم الحوثيين تضاعف الأعباء على القطاع الصحي

جرائم الحوثيين تضاعف الأعباء على القطاع الصحي

مساءً، كان شاب عشريني نحيل الجسم، يبحث عن حبة دواء لعمه المريض نفسياً، لكن مستشفيات وصيدليات مأرب، شرقي اليمن، عجزت عن تلبية طلبه نتيجة عدم توفر هذا النوع من الدواء.

ترجى الصيدلاني أن يبيعه حبة دواء أو إبرة عضل، ليستطيع أن ينقذ بها حياة عمه الذي يعاني مرضاً منع عنه النوم لمدة أسبوع؛ يحمل في يده ورقة مغلّفة أعلاها اسم مستشفى نفسي في صنعاء، وعليها ختمه، لكنها لم تشفع له في الحصول على الدواء المطلوب.

وضع صعب

محافظة مأرب، أكبر منتج للنفط والغاز والطاقة الكهربائية في اليمن، تعاني وضعاً صعباً نتيجة إهمال عانته على مدى السنوات الأخيرة، والحكومات المتعاقبة، زاد من حدته الجرائم التي يرتكبها الإنقلابيون وحليفهم الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح.

فمأرب التي ترفد ميزانية الدولة بنحو 30 في المئة لا تكاد تجد فيها مستشفى متكاملاً يفي باحتياجات سكانها.

وخلال الخمسة أشهر الأخيرة، وتحديداً منذ اندلاع الحرب التي قادها الحوثيون على مأرب، تدهورت أوضاع المستشفيات، بما فيها هيئة مستشفى المحافظة العام، أكبر مستشفيات المدينة، الذي عاود العمل قبل نحو أسبوع، بعد أن أغلق أبوابه أمام مرضاه لأشهر مضت.

يوجد في مأرب مركز المحافظة، مستشفيان حكوميان ومركز خاص بالأمومة والطفولة، ومستشفى يتيم في مديرية الوادي التي يقع في نطاقها الجغرافي حقول النفط والغاز والمحطة الكهربائية التي تغذي محافظات اليمن بالطاقة، كما يوجد مستشفى آخر في مديرية الجوبة جنوبي مأرب، مجتمعة لا تستطيع تلبية حاجات السكان من العلاج والفحوصات والعمليات الصغرى.

نقص في الكوادر

وحسب عاملين في هذه المستشفيات فإنها تعاني كثيراً من نقص في الكادر الطبي والمعدات، فضلاً عما أصابها من تدمير جراء قصف الحوثيين والقوات الموالية للرئيس المخلوع علي عبدالله صالح.

يقول مدير التنمية البشرية في هيئة مستشفى مأرب العام علي التام إن المستشفى يعاني نقصاً في الكادر الطبي وأطباء الاختصاص، إذ غادر نحو 25 طبيباً من مصر وسوريا والهند وروسيا، بسبب الحرب التي أشعلها الحوثيون على مشارف المدينة، إضافة إلى 58 ممرضة هندية من أصل 70 غادرن مستشفيات المدينة.

وأضاف التام في حديث لـ«البيان»، «تتوفر لدينا معظم الأجهزة الطبية، لكننا نحتاج إلى أجهزة أكثر تطوراً وذات التقنية العالية كالرنين المغناطيسي وأجهزة فصل العينات في مختبر الدم».

أعباء جديدة

وأشار إلى أن المستشفى يعاني أصلاً من البنية التحتية منذ الأساس، لكن الحرب الأخيرة التي شنّها الحوثيون على مأرب، وتعرض خلالها المستشفى للقصف، أضافت أعباء جديدة علينا، وتحولنا إلى ما يشبه المستشفى الميداني الذي يقدم خدمات للحالات الطارئة فقط، رغم أننا مستشفى عام يفترض أن تتوفر فيه جميع الاختصاصات الطبية ويكون مرجعاً للمستشفيات والمستوصفات في المحافظة.

وعن تأثير الحرب على عمل المستشفى يقول التام: لقد توقفت جميع أقسام المستشفى عن العمل منذ أشهر بسبب الحرب، أغلقنا أقساماً عدة بينها قسم الأطفال، النساء والولادة، الباطنية، المسالك البولية، جراحة العيون، العيادات الخارجية، وقسم الأنف والأذن والحنجرة. مضيفاً: نستقبل الجرحى في قسم العظام والجراحة العامة فقط، ما عدا ذلك نقف عاجزين عن القيام به.

ويركز التام في حديثه حول أهمية توفير علاج مرضى الفشل الكلوي والأورام المختلفة، كونها باتت من الظواهر اللافتة من خلال انتشارها السريع لدى السكان، مطالباً بضرورة إنشاء مراكز أبحاث طبية لدراسة هذه الظواهر وتشخيصها ومن ثمّ إيجاد المعالجات لها.

أسعار مرتفعة

من جانبه، يقول الصيدلاني في مأرب رزاز مهيوب، إن هناك مشكلة تواجه الناس وهي ارتفاع أسعار الأدوية بنحو 20 في المئة بسبب زيادة تكاليف النقل، ولذلك اضطررنا لرفع أسعار الدواء على المستهلكين، وهو ما يضيف أعباء جديدة على كاهل اليمنيين في ظل وضع مالي متردٍ لدى قطاعات الشعب.

ويشير إلى أن هناك شبه انعدام لبعض أصناف الأدوية، كأدوية الضغط والسكري ومنع الحمل والأدوية الخاصة بسيولة الدم، وهو ما يؤدي إلى ارتفاع كبير في أسعارها، لكنه يؤكد وجود احتكار من بعض تجار الأدوية والوكالات الكبيرة، في ظل غياب أجهزة الرقابة نتيجة الوضع القائم في البلاد.

ويعتقد مهيوب أن قرب مأرب من السعودية، ومنفذ الوديعة الحدودي بين البلدين، وهو المنفذ الوحيد العامل بعد أن أغلق الحوثيون كل المنافذ، لعب دوراً إيجابياً في توفير بعض الأدوية الضرورية، مقارنة ببقية محافظات البلاد.

لكن وليد الزبيري أحد المرضى الذين تحدثت إليهم «البيان» كان يبحث عن علاج للحمى في أكثر من صيدلية، وأكد أنه لم يجد ما يريد، يضيف الزبيري، كان الوضع في السابق طبيعياً، الآن لا أدري هل سأحصل على نوعية الدواء الذي أبحث عنه أم لا؛ مرجحاً أن تكون وكالات الدواء هي من يتحكم في السوق، مع غياب شبه تام لدور مؤسسات الدولة التي تسيطر عليها مليشيا الحوثي والمخلوع صالح.

إسماعيل القباطي، طبيب عام بهيئة مستشفى مأرب العام، يقول لـ«البيان»، إن المستشفى يفتقر إلى الكوادر الطبية والاختصاصيين، نتيجة مغادرتهم للبلاد بسبب الحرب الدائرة منذ أشهر، وإنهم باتوا يتعاملون مع الحالات الطارئة فقط.

«تصوّر، العناية المركزة بلا أخصائي، يوجد بها فقط طبيبان اثنان فقط للتخدير، لدينا 4 أطباء جراحة عظام، طبيبان في الجراحة العامة، وطبيب واحد مختص في الأوعية الدموية».

 

 أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)
أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)