الرئيسية > اخبار وتقارير > أكاديميون وباحثون إماراتيون: اليمن.. عمق استراتيجي وحزام أمن الخليج

أكاديميون وباحثون إماراتيون: اليمن.. عمق استراتيجي وحزام أمن الخليج

أكاديميون وباحثون إماراتيون: اليمن.. عمق استراتيجي وحزام أمن الخليج

تبرز الأهمية الاستراتيجية لموقع اليمن بقوة على المستويات السياسية والاقتصادية والأمنية كافة في منطقة الخليج والجزيرة، إضافة إلى أن هذا الموقع الاستراتيجي يعتبر مصدر اهتمام القوى الدولية باليمن على مر تاريخ هذه البلاد الطيبة الطاهرة، حيث تمثل اليمن البوابة الجنوبية لمدخل البحر الأحمر، وتتحكم في الممر الذي يصله بالمحيط الهندي، وعبر منطقة خليج عدن تحتضن كلاً من البحر الأحمر والمحيط الهندي من الخاصرة، وتتحكم كذلك في طرق الملاحة البحرية المؤدية إلى آسيا، بالإضافة إلى ثقلها السكاني وتوجهاتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية المتوازنة المستنيرة. كما تمثل اليمن العنصر الأساسي لأمن المنطقة واستقرارها، ولضمان استمرار تدفق الثروة النفطية من دون مشكلات أو معوقات عسيرة، وكل ذلك أهّل اليمن للقيام بدور إقليمي فاعل في سبيل حماية الأمن والاستقرار والنمو لمنطقة الجزيرة والخليج بخبرة ومقدرة.

تشير الدكتورة مريم سلطان لوتاه أستاذ العلوم السياسية في جامعة الإمارات إلى أن اليمن وبمساحتها الجغرافية وكتلتها البشرية تعد عمقاً وامتداداً أمنياً وسياسياً لدول الخليج العربية إضافة إلى أن متاخمتها للمملكة العربية السعودية التي تمثل ثقلاً سياسياً بالنسبة لدول الخليج وللعالم العربي تجعل أي توتر أمني وعدم استقرار في اليمن يؤثر بالضرورة على أمن واستقرار السعودية ودول الخليج.
وتضيف: بالإضافة إلى ذلك فإن وقوع اليمن على باب المندب يضيف لها أهمية استراتيجية خاصة ويجعل مسألة الاهتمام بأمنها واستقرارها مسألة لا تعني اليمن فحسب وإنما تعني دول الخليج والدول العربية بصفة عامة خاصة وأن ما شهده اليمن لا يمثل صراعا سياسيا داخليا فحسب وإنما صراعا تحركه إيران بالتعاون مع الحوثيين الذين تدعمهم مادياً وعسكرياً كحلقة من حلقات نفوذها في المنطقة تهدف من ورائها إلى التحكم فيها عبر تحكمها في مضيق هرمز من جهة وباب المندب من جهة أخرى فيما لو استمرت سيطرة الحوثيين على مفاصل الدولة اليمنية بالإضافة إلى تهديدها بذلك للأمن القومي العربي بصفة خاصة.

وتعتقد الدكتورة مريم لوتاه أن هذه المحاولات الإيرانية هي التي دفعت بدول الخليج إلى التدخل العسكري في اليمن والذي لم يكن خياراً بقدر ما كان اضطراراً للحيلولة دون تحقق ذلك السيناريو الخطر الذي كانت تهدف إليه إيران بالتحالف مع الحوثيين.

تشابك المصالح

ويؤكد الأكاديمي الدكتور عبدالله الخنبشي المدير السابق لجامعة الإمارات أن أهمية العلاقات اليمنية الخليجية تنطلق من عدة عوامل تاريخية وجغرافية وثقافية تجعل من الصعب عزل اليمن عن محيطها العربي المجاور لها مهما كانت الظروف أو المتغيرات الدولية والإقليمية صعبة او غير طبيعية، نظراً لأن اليمن يرتبط بمصالح مشتركة كبيرة مع جيرانه الخليجيين، تتمثل في التبادل التجاري الكبير بين اليمن وجيرانه الخليجيين وخاصة المملكة العربية السعودية.

ويضيف ان المصالح الاقتصادية التي تربط اليمن بجيرانه الخليجيين تجعل من العلاقات بينهما علاقات استراتيجية وليست علاقات آنية أو علاقات عابرة، لأن اليمن جار متاخم للعديد من الدول الخليجية، وهذا ما يجعل دول الخليج العربي تتأثر بشكل مباشر من الناحية الأمنية إذا ما سادت الفوضى في اليمن أو تمكنت التنظيمات الإرهابية من أن تجد لها موطئ قدم على أراضي الجمهورية اليمنية.
ويقول: بالنظر إلى الموقع الجغرافي لليمن نجده يطل على بحرين وخليج ومضيق بحري مهم جداً هو مضيق باب المندب الذي يربط بين دول الغرب ودول الشرق وعبره تمر السفن التجارية الدولية وكذلك السفن الناقلة للنفط الخليجي إلى دول العالم الغربي، وهو ما يجعل مصالح الدول الخليجية متأثرة إن سيطر الإرهابيين على هذا المضيق البحري المهم أو سعت قوى محلية يمنية تابعة لإيران للتحكم في المضيق ومن ثم استخدامه سلاحاً لصانع القرار السياسي.
ويرى أن العلاقات اليمنية الخليجية متشابكة المصالح ومترابطة في كثير من الملفات المهمة منها الملف الأمني الذي يستحيل فيه بناء مستلزمات ومتطلبات الأمن الخليجي بعيداً عن أمن واستقرار اليمن، لذا نجد أن من مصلحة اليمن بناء علاقات استراتيجية مع جيرانه الخليجيين، وكذلك من مصلحة دول الخليج تمتين علاقاتها مع اليمن ودعم اليمن وأمنه واستقراره وعدم السماح لأي قوة دولية أخرى غريبة مثل إيران أو تركيا باختطاف اليمن وجعله بؤرة للتآمر على نفسه وعلى محيطة العربي الإسلامي الخليجي.
أهمية استراتيجية كبيرة

أما الدكتور حمد بن صراي أستاذ التاريخ في جامعة الإمارات فيشير إلى أن اليمن وعبر مراحل التاريخ تمثل أهمية استراتيجية كبيرة للمنطقة حيث تتحكم في أهم مضايق الشرق الأدنى وهو باب المندب كما أنها كانت محل أطماع للأجانب وخاصة الفرس على مر العصور إضافة إلى ذلك تكتسب أهمية أكبر من خلال الجزر التابعة لها ومن أهمها جزيرة سقطرى التي تمثل أهمية استراتيجية خاصة جداً فمن يسيطر على اليمن وعلى سقطرى يسيطر على الخط الملاحي بأسره.

ويضيف أن اليمن خاصرة شبة الجزيرة العربية ومن يتحكم في اليمن يسهل عليه الولوج ومن ثم السيطرة على باقي دول المنطقة إضافة إلى أن القوة البشرية اليمنية لو سخرت بطريقة خاطئة ستؤثر على دول الخليج أما لو تم استغلالها بشكل أمثل فستكون سندا لدول التعاون.

منطقة حيوية

ويؤكد الدكتور حسن النابودة أستاذ التاريخ والآثار عميد الكلية الجامعية بجامعة الإمارات أن اليمن يعد بوابة الجزيرة العربية عبر عصور التاريخ حيث إن جميع القوى الاستعمارية التي حاولت الوصول إلى الخليج العربي حاولت السيطرة عليه وعلى عدن على سبيل الخصوص ومن ثم توجيه أساطيلها إلى الخليج العربي.

ويضيف أن اليمن منطقة حيوية ومهمة جداً لجزيرة العرب حيث تتميز بموقع استراتيجي جعلها قريبة من دول الخليج إضافة إلى الأماكن المقدسة التي تشكل أهمية خاصة للمسلمين في العالم، لذلك وعلى مر العصور كانت دول الخليج وشبه جزيرة العرب في صف واحد مع اليمن وشعبه من أجل مواجهة الأخطار التي كانت تستهدفه من الخارج.
ويضيف أن عاصفة الحزم وموقف دول التحالف ستذكره الأجيال القادمة لأنه حفظ الاستقرار ليس لليمن فحسب بل لشبه الجزيرة العربية أجمع وحماها من الأخطار التي تحدق بها.

وأشار إلى أن اليمن يتكئ على قاعدة جغرافية عريقة وواسعة من دول جنوبي آسيا وجنوبي شرقي إفريقيا، وبحار وخلجان ومضائق مائية، فدولة بهذه المواصفات الجغرافية والاقتصادية والاستراتيجية يصعب أن تبقى خارج الاهتمام السياسي لمجلس التعاون الخليجي.

موقع استراتيجي

يتمتع اليمن بموقع استراتيجي فريد، حيث يبلغ طول الساحل اليمني 2500 كم، ويعد من أهم السواحل في المنطقة العربية والشرق الأوسط، فهو يمسك بزمام مفاتيح الباب الجنوبي للبحر الأحمر، وهناك تداخل وثيق بين مضيقي هرمز، وباب المندب، وقناة السويس، فهذه الممرات الثلاثة تعتبر الطريق الرئيسي للناقلات المحملة بنفط الخليج العربي باتجاه أوروبا بما يعادل30%، وجميع تجارة آسيا مع أوروبا تعبر إلى البحر المتوسط عبر مضيق باب المندب، كما يربط حزام أمن شبه الجزيرة، والخليج العربي ابتداء من قناة السويس، وانتهاء بشط العرب، ويعد اليمن أيضا الشاطئ المقابل للشاطئ الإفريقي، وبذلك يؤثر ويتأثر بما يحدث فيه، وفي دول القرن الإفريقي، ومن هنا يمثل اليمن ركنا أساسيا لأمن الخليج العربي، وبوابته الجنوبية، وكذلك بالنسبة لدول القرن الإفريقي، ولبقية الدول العربية.

ولذلك، أي سيطرة أجنبية على هذه الممرات تعني خنق الرئة التي يتنفس منها الخليج العربي، والجزيرة العربية ليس فقط لأنها ممرات لناقلات النفط، بل ممرات لاستيراد وتصدير السلع التجارية مع أسواق العالم الخارجية وخاصة أوروبا، وأمريكا، ودول الشرق الأقصى في آسيا، من أجل ذلك ينبغي أن يشارك الجميع للحيلولة دون انهيار اليمن الموحد، وإبعاده ولو قليلا عن فوهة البركان، ويملك اليمن أكثر من عشرة موانئ محورية، وجزر مهمة حاولت العديد من الدول، ولا تزال السيطرة عليها مثل جزر سقطري، وحنيش الصغرى والكبرى، وكمران وعشرات الجزر الأخرى بما فيها جزيرة ميون التي تقع في قلب مضيق باب المندب الذي يتحكم فيه اليمن والذي تتسابق الأقطاب الدولية، والإقليمية لبسط نفوذها عليه.

كما أن اليمن الذي يشرف على باب المندب وبحر العرب، وبموقعه الجغرافي الذي يشكل حزام أمن لدول الخليج البترولية، وبتاريخه، وبإمكاناته البحرية، والبرية المتنوعة، وبثروته البشرية التي يتميز بها يراد له أن يتفكك إلى دويلات وقبائل ولو حصل ذلك «لا قدر الله» سيكون لذلك عواقب وخيمة، وعند ذلك لن ينحصر هذا الخطر فيه وحده بل سيترتب عليه انفجارا يطال دول الجوار.
ومن جانب آخر يبدو أن عدم استقرار الوضع في اليمن يمكن أن يثير مخاطر قد تمتد إلى خطوط الملاحة البحرية المزدحمة التي تمر بالبلد الواقع جنوب شبه الجزيرة العربية وهو ما قد يعرقل مرور السفن في مضيق باب المندب الضيق الذي تعبره حوالي أربعة ملايين برميل يوميا من النفط إلى أوروبا، والولايات المتحدة الأمريكية وآسيا ويقول جيه بيتر الباحث في مجلس الأطلسي وهو مركز أبحاث أمريكي «إذا زاد التوتر في مياه المنطقة أو فرض نظام صارم للتفتيش، فمن البديهي أن تكون هناك تداعيات على الملاحة في باب المندب ربما تنشئ نقطة اختناق حقيقية».

بُعد أمني

الجوانب الأمنية والاستراتيجية أصبحت اليوم حجر الزاوية في مجمل العلاقات الدولية، وتحتل أهمية متزايدة على مستوى العالم أجمع وبالذات بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 وما تلاها من أحداث أثرت في الأمن الدولي وغيرت من مفاهيمه، إلا أن الجوانب الأمنية والاستراتيجية بالنسبة لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية تحتل حيزاً كبيراً من اهتمامها.

علاقات الدول الخليجية مع اليمن تحتل أهمية كبيرة في بعدها الأمني وذلك لأن الموقع الجغرافي لليمن يمثل أهمية استراتيجية للأمن الخليجي.

وبحسب الباحث منصور البشيري فإن ما أفرزته الأحداث الأخيرة التي شهدتها المنطقة العربية ابتداء من أحداث 11 سبتمبر 2001م وما تلاها من حرب على حركة طالبان والقاعدة في أفغانستان وانتهاءً بالاحتلال الأمريكي للعراق الذي أسهم في مضاعفة المخاطر الأمنية التي تعاني منها المنطقة وأمنها الاستراتيجي وأهمها تزايد خطر الحركات الأصولية وعلى رأسها (تنظيم القاعدة) الذي يسعى إلى إخراج الصليبيين (الأمريكيين والأوروبيين) من الجزيرة العربية وتحرير منابع النفط من سيطرتهم. وبالتالي فإن تعزيز وحماية المصالح الاقتصادية والسياسية والأمنية للمنطقة لن يتحققا ما لم يكن هناك تنسيق كامل وعلى مستوى رفيع بين الجهات الأمنية اليمنية والخليجية في تتبع هذا الخطر والحد من آثاره.
كما أن اليمن يمثل همزة الوصل بين منطقة الخليج والقارة الإفريقية.

وبالتالي، فإن اليمن قد يكون الحاجز الأمني الأساسي أمام الهجرات الإفريقية تجاه منطقة الخليج أو قد يكون مصدر القلق الأساسي لها، ولذلك فإن التنسيق والتعاون الأمني اليمني مع دول مجلس التعاون الخليجي سيعززان من قدرة اليمن الأمنية لما له من انعكاسات إيجابية على الأمن الإقليمي والدولي.

د.علاء نورس: تاريخ اليمن يعكس أهميته الاستراتيجية
أكد الدكتور علاء نورس أستاذ التاريخ بكلية العلوم الإنسانية والاجتماعية ، أن من يستقرئ تاريخ اليمن عبر العصور ، وما حفل به من أحداث ووقائع يدرك الأهمية الاستراتيجية لموقعه الجغرافي بامتداده وجزره وجباله ووديانه وموانئه، وما تتميز به تربته وتنوع مناخه والروح اليمنية المفعمة بالحيوية والعطاء والمثابرة ومواجهة صعاب بعض تضاريسه بالهمة اليمنية المعروفة.
ويضيف أن هذا الموقع الجغرافي المتميز ،وما في اليمن من خبرات وهبات ربانية جعلها هدفاً منذ العصور للقوى الأجنبية الغازية، فقد تطلعت إليه قوى امبراطورية حاولت احتلاله ، جاءته من الغرب والشرق ،ولكنها انتهت كلها بالفشل، ومن يقرأ التاريخ بكل حقبه لا يجد غازياً أجنبياً قد أفلح في البقاء، وهذا خطأ من يقرأ التاريخ بالمقلوب ولا يتمعن بعقله في قوانينه وحقائقه. وأستطيع القول إن جميع القوى الأجنبية الغازية لليمن وللأمة العربية يصيبهم العمى بسبب أطماعهم ،ولم يأخذوا من التاريخ دروساً، ولم يدركوا أن التاريخ هو رؤى استراتيجية يبدأ بالأمس، ولكنه يقرأ المستقبل.

البحر الأحمر بقعة جيو استراتيجية بامتياز
يبدو أن لأهمية اليمن علاقة بأمن البحر الأحمر، حيث لا تكمن أهمية هذا البحر بذاته فقط، بل بموقعه، وموارد الدول المشاطئة له من مصر إلى السعودية، واليمن، والسودان، فهذه الدول تمتلك كميات ضخمة من النفط، والغاز، وعلى سواحلها تقوم الأنابيب، والمحطات، والمرافئ لتصدير هذه المواد الضرورية إلى الدول شرقاً، وغرباً من اليابان والصين وحتى أوروبا، والقارة الأمريكية، لذلك تعتبر هذه الدول أن موارد الطاقة الموجودة في هذه المنطقة من العالم (حوالي 60% من الاحتياطي العالمي) والضرورية جداً لتقدمها، وصناعاتها، ورخاء شعوبها، وأمنها القومي لا يمكن أن تترك للصدفة، أو عرضة لمخاطر محلية، أو دولية تمنع وصولها إليها بأسرع الطرق، وأقلها كلفة.
وقد شرعت منذ زمن غير بعيد في فرض وجودها غير المباشر ومن ثم المباشر على الأرض، حيث الموارد لتأمين استخراجها، وضمان خطوط نقلها عبر البحار إلى بلادها، وذلك بوجودها المستمر في البحار، والمضايق في السويس إلى باب المندب، ومضيق هرمز على الخليج العربي، ومضيق (مالاقا) الإندونيسي عبر المحيط الهندي وعبر البحر المتوسط إلى جبل طارق فالمحيط الأطلسي.
ويرى مراقبون أن البحر الأحمر اليوم يعتبر مسرح تنافس دولياً ما بين الدول المتشاطئة له أو المطلة عليه والدول الكبرى، فهو بقعة جيو استراتيجية بامتياز كونه يتوسط مناطق مصادر الطاقة في منطقة الشرق الأوسط، والخليج العربي، وإفريقيا الشرقية وهو معبر سهل، وقصير، واقتصادي ما بين هذه المصادر ودول الاستيراد وخاصة دول الغرب، كما أنه ممر استراتيجي لحركة الأساطيل الحربية ما بين البحر المتوسط، والمحيط الهندي، وإفريقيا وصولا حتى الصين، واليابان، والمحيط الهادي. لذلك لم يعد من المستغرب أن يشهد هذا الحشد الهائل من حركة الأساطيل الحربية المتعددة الجنسيات والتي تتحرك وتنتشر فيه أو عبره إلى خليج عدن، وبحر العرب، وشواطئ الصومال وحتى المحيط الهندي.
ولعل ما يحدث من مشاكل في بعض البلدان المطلة عليه كما في اليمن ليس بعيداً عن سياسات الدول الكبرى واستراتيجيتها لتأمين مواطئ أقدام سياسية، وعسكرية لها لضمان أمنها القومي، ومواردها الضرورية سواء أكان ذلك لاستمرار تطورها أم لاستمرار تفوقها وبما أن منطقة الشرق الأوسط والخليج وشرق إفريقيا تحوي أكثر من ثلثي الاحتياط العالمي من مصادر الطاقة «نفط وغاز» وفي غياب بديل جاهز أو وشيك لهذه الطاقة فإن الدول الكبرى تتنافس للوصول أو للاستيلاء على هذه الموارد وبأي ثمن هذا الثمن تدفعه اليوم كما في الأمس دول هذه المناطق وشعوبها: فوضى، وتخلف، ودماء.

درع الوطن: اليمن دائرة مهمة لاستقرار دول التعاون
تنطوي التطورات التي يشهدها اليمن منذ دخول الحوثيين العاصمة صنعاء في سبتمبر الماضي 2014 على تحديات استراتيجية غير مسبوقة، ليس على وحدة اليمن واستقراره فقط، وإنما على دول مجلس التعاون لدول الخليج العربي أيضاً، ومنطقة الشرق الأوسط بوجه عام، ولاسيما أن هذه التطورات ترتبط بالتفاعلات الإقليمية والأزمات الأخرى التي تشهدها دول المنطقة.
ولأن اليمن يمثل إحدى الدوائر المهمة لمعادلة الأمن والاستقرار لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، فإن ما يشهده من تطورات وتحديات تطال في تأثيراتها بالضرورة هذه الدول، الأمر الذي يفرض على هذه الدول ضرورة التحرك العاجل للتعامل مع تطورات المشهد اليمني.
وأشار تقرير لمجلة درع الوطن الصادرة من مديرية التوجيه المعنوي في القيادة العامة للقوات المسلحة إلى العديد من الاعتبارات التي تبرز الأهمية الاستراتيجية لموقع اليمن بقوة على جميع المستويات السياسية والاقتصادية والأمنية وتنعكس هذه الأهمية على دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية حيث يمثل الموقع الاستراتيجي أولى النقاط فاليمن يتمتع بموقع استراتيجي، فهو يمسك بزمام البوابة الجنوبية للبحر الأحمر، وهناك تداخل وثيق بين مضيقي هرمز وباب المندب، فهذا الأخير يُمثل طريقاً للناقلات المحملة بنفط الخليج العربي المتجه إلى دول أوروبا. كما يربط حزام أمن الجزيرة العربية والخليج العربي، ابتداءً من قناة السويس وانتهاء بشط العرب. ولهذا فإن اليمن يلعب دوراً أساسياً ومهماً في درء المخاطر المحتملة لخطوط نقل النفط الخليجي إلى الأسواق العالمية. كما ينطوي الموقع الجغرافي لليمن على أهمية كبيرة لدول مجلس التعاون، ويتيح لها منافذ حيوية، والانفتاح على العديد من قارات العالم.
كما يشير إلى العمق الاستراتيجي حيث يمثل اليمن عمقاً استراتيجياً للجزيرة العربية والخليج العربي، فهو يمثل البوابة الجنوبية لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، ما يجعل منه عاملاً مهماً لأمن دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية واستقرارها جميعاً.
اضافة إلى ذلك هناك الهجرة غير الشرعية حيث يمثل اليمن حاجزاً لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية من الهجرة غير الشرعية والتنظيمات الإرهابية كتنظيم «القاعدة».
كما أن اليمن شريك فعال في المجتمع الدولي فقد أثبت خلال السنوات الماضية أنه شريك فعال مع المجتمع الدولي في مكافحة الإرهاب ومكافحة الجرائم المنظمة.
وفي ما يتعلق بالأمن الإقليمي والعالمي يمثل اليمن رقماً مهماً في معادلة الأمن الإقليمي والعالمي على حد سواء.

 أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)
أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)
شريط الأخبار