مع تسلّم نائب الرئيس اليمني رئيس الحكومة خالد بحاح مضيق باب المندب من قوات التحالف العربي بعد سيطرتها على الجانب اليمني من المضيق، وطرد الانقلابيين منه إثر اشتباكات مع الميليشيات الحوثية وأعوان المخلوع، يفقد الانقلابيون موقعا استراتيجيا كانوا يستخدمونه لتوطيد انقلابهم، ويستفيدون من عوائده التجارية، وبخروجهم منه يخسرون كثيرا وتضعف آمالهم في الاستمرار في مواجهة قوات التحالف العربي والمقاومة الشعبية والجيش الوطني.
أهمية باب المندب تكمن في أن تحريره مقدمة لتداعيات كثيرة ستحدث على الساحة اليمنية، وما استسلام بعض القيادات الحوثية إلا جزء من تلك التداعيات، وربما تحدث انقسامات في صفوف الميليشيات إثر هبوط معنوياتها إلى الحضيض، وسيكون باب المندب نقطة تمركز وتحرك للقوات العربية واليمنية الوطنية لضرب الميليشيات التي ليس أمامها سوى خياري الهروب أو الاستسلام، وإن أصرت على البقاء في أي موقع فلتنتظر ما لا طاقة لها به، فالتحرير شمولي ولن يكون جزئيا، وما عدن إلا النموذج الحي لتطهير المدن اليمنية من أذناب طهران.
فالحياة اليوم عادت في عدن إلى الشكل الطبيعي لأي حياة في المدن الآمنة، وإن عانى أهلها بعض الشيء من نقص بعض المواد أو قلتها أو الغلاء، فذلك أمر يمكن تجاوزه في القريب العاجل، فآثار تبعات الإجرام الحوثي لم تنته بعد، وما زالت فرق العمل تبذل أقصى الجهود لإصلاح الأوضاع وإعمار ما هدمه الانقلابيون بمساعدة دول التحالف العربي، وفي طليعتها المملكة التي لم تقصر في تقديم الدعم الإغاثي والإنساني، كما تقدم كثيرا مع دولة الإمارات العربية المتحدة لتأهيل المنشآت الحيوية والخدمية والمدارس.
ليفهم الانقلابيون ومن يدعمونهم في طهران أن الشرعية عائدة إلى اليمن كله لا محالة، ومهما طال الزمن أو قصر، فالأمور محسومة لمصلحة إرادة الشعب اليمني، ومن بعد عدن ومأرب وباب المندب وغيرها، ها هي تعز على وشك أن تصبح محررة من فلول الميليشيات التي سيرتد كيدها إلى نحرها، ثم يأتي الدور للعاصمة صنعاء، ولن يستطيع الانقلابيون الصمود كثيرا، فلا الشعب اليمني يتقبلهم اليوم، ولا العرب يقبلون بغير الشرعية لقيادة اليمن إلى بر الأمان.