أجبرت الانتصارات المتلاحقة للمقاومة الشعبية والجيش اليمني، خاصة في عدن، مليشيا الحوثي وأنصار الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، على التوجه نحو حلول سياسية تنتجها طاولات الحوار، وهو ما فتح الباب مجدداً لسلطنة عُمان لتدخل كطرف وسيط يجمع الخصوم، لكن هل يفضي حوار الطاولة العُمانية إلى نتائج ترضي جميع الأطراف؟
مطار صنعاء الدولي شهد، اليوم الجمعة، وصول طائرة عُمانية لنقل وفود جماعة الحوثيين وحلفائهم إلى العاصمة مسقط؛ للمشاركة في مفاوضات سياسية بين الأطراف المتحاربة في اليمن، بالتنسيق مع الأمم المتحدة؛ بغية التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار والعودة إلى طاولة المفاوضات.
ووفقاً لمحللين في الشأن السياسي بالمنطقة، فلا أمل لنتائج جيدة على المنظور المتوسط في أقل تقدير؛ فاليمن جزء من معادلة الصراع في المنطقة، التي تحولت إلى صراع بين أطراف القوى، خاصة أمريكا وإيران.
الوفد الحوثي المشارك في المفاوضات يضم كلاً من محمد عبد السلام، الناطق الرسمي باسم الجماعة، وحسين العزي رئيس دائرة العلاقات الخارجية في المجلس السياسي، ومهدي المشاط مدير مكتب زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، كما يحضر عن حزب المؤتمر الشعبي العام، الذي يتزعمه الرئيس المخلوع علي صالح، عضو الأمانة العامة للحزب يحيى دويد، بالإضافة لقاسم سلام أمين عام حزب البعث العربي الاشتراكي القومي، أيضاً أقلت الطائرة عائلة العميد طارق محمد عبد الله صالح، نجل شقيق الرئيس المخلوع وقائد حرسه الخاص، وفق ما نشره موقع إذاعة "مونت كارلو" الدولية.
وكانت أيضا مصادر سياسية قالت في وقت سابق، إن المبعوث الأممي إلى اليمن "اسماعيل ولد الشيخ أحمد"، دعا الجمعة، وفدًا من الحوثيين وحزب علي عبد الله صالح "المؤتمر الشعبي العام"، للقاء في العاصمة العمانية مسقط، لبحث حل سياسي للأزمة اليمنية.
المحلل السياسي العُماني عبدالله الغيلاني، يرى أن الوساطة العمانية "لا تأتي في إطار مبادرة السلطنة إنما امتثالاً لما يريده الآخرون"، بحسب قوله.
وأضاف في حديثه لـ"الخليج أونلاين" "أتمنى أن تتولى السلطنة طرح مبادرة متكاملة لتقديم رؤية لحل الأزمة" مستطرداً بالقول: "ما أحسب أن دور السلطنة يتعدى دور الوساطة والدور التوفيقي بين الأطراف".
الغيلاني الذي يؤكد أن الأزمة اليمنية لا يمكن أن تحل إلا سياسياً، يجد في مليشيا الحوثي نداً صعباً لا يمكن التغلب عليه سياسياً بسهولة، وفق قوله.
ويوضح: "نحن نعلم أنه برغم الانتصارات الجزئية لعاصفة الحزم، فإن قوات الحوثي مازالت مسيطرة على مساحات واسعة في الشمال بمساندة من قوات صالح، وبالتالي فإن ميزان القوى على الأرض لا يهيء حلاً سياسياً مرضياً، يعيد السلطة الشرعية إلى صنعاء وتسليم الحوثيين أسلحتهم".
وبحسب الغيلاني فإن الوضع اليمني متعلق بمصالح دول أجنبية في المنطقة، موضحاً "علينا أن لا ننظر بعيداً عن واقع المنطقة، هناك اشتباكات بين أمريكا وإيران على جبهات في المنطقة، ومنها اليمن، ومن المنتظر أن يفضي هذا الاتفاق إلى تداعيات".
ويقول المحلل السياسي العُماني إن المملكة العربية السعودية، التي قادت تحالفاً لإعادة الشرعية إلى اليمن، وإنهاء سيطرة مليشيا الحوثي وقوات المخلوع صالح على مدن باليمن، "لا تمتلك أوراقاً تمكنها من المناورة أكثر".
الدور الإيراني يبرز كثيراً في المنطقة، والشأن اليمني خاصة، بحسب الغيلاني، لكن إيران اليوم بعد الاتفاق النووي "لاتعطي أولوية لقضية اليمن، بعد أن دخلت مرحلة جديدة من البناء الداخلي واستحداث المشاريع الاقتصادية، لكنها أيضاً لن تتنازل عن الحوثيين، وقد تضغط عليهم لتقديم تنازلات".
وختم المحلل العُماني، بأن "التاريخ يقول أن جماعة الحوثي ليست موضع ثقة، ولا تحفظ العهود والإتفاقات، لذلك سيلجأون إلى استخدام القوة".
وكان وفد عن جماعة الحوثيين أجرى مشاورات مع ممثلين عن الدول الراعية للعملية السياسية المتعثرة في العاصمة العمانية مسقط، خلال شهري مايو/أيار ويونيو/حزيران الماضيين، قبل أن يعود الوفد إلى صنعاء على خلفية التطورات العسكرية الكبيرة في البلاد، واستعادة القوات الحكومية مدينة عدن منتصف يوليو/تموز الماضي.
ويشار إلى أن الأمين العام لجامعة الدول العربية، نبيل العربي، تسلم الأسبوع الماضي، رسالة من الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، نقلها له إسماعيل ولد الشيخ أحمد ممثل الأمين العام للأمم المتحدة الخاص باليمن، وتتضمن عدداً من الأفكار والمقترحات لإيجاد مخرج للأزمة الحالية في اليمن بحثاً عن حل سياسي لها.
وقال المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ أحمد، إن هناك تطابقا في وجهات النظر مع الجامعة العربية بأن الحل السياسي هو الحل الوحيد للأزمة اليمنية الراهنة، وكشف النقابَ عن أهم النقاط التي عرضها على الجامعة العربية بشأن الحل السياسي في اليمن ومنها إرسال مراقبين تحت مظلة الأمم المتحدة، قائلا "نرى أنهم مستقبلاً يمكن أن يكونوا مساعدين على التوصل إلى الحل السياسي، ونرى أنه لن يحدث ذلك إلا بالتنسيق مع الجامعة العربية ولكن هناك نقاطاً مختلفة نتحدث عنها وهناك تطابق كبير في الآراء".
ومن المقرر أن يقدم مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، في 12 أغسطس/آب الجاري، تقريره بشأن نتائج اتصالاته مع الرئيس اليمني وحكومته في الرياض، والحوثيين وحلفائهم في الداخل.
وعرض ولد الشيخ أفكاراً تتضمن وقفاً لإطلاق النار وانسحاب المليشيات من المدن، وعودة الحكومة لممارسة مهامها، وتهيئة الأوضاع لإستئناف العملية السياسية.